التصيعد التركي لا يوقف عمليات “قسد” العسكرية شمالي سوريا

مولدة كهرباء تالفة في مستشفى غسيل الكلى بمدينة القامشلي شرقي الحسكة بعد تعرضه لغارة جوية – 26 من كانون الأول 2023 (عنب بلدي/ ريتا الأحمد)

camera iconمولدة كهرباء تالفة في مستشفى غسل الكلى بمدينة القامشلي شرقي الحسكة بعد تعرضه لغارة جوية تركية – 26 من كانون الأول 2023 (عنب بلدي/ ريتا الأحمد)

tag icon ع ع ع

اعتبرت تركيا تصعيدها الأحدث ردًا على هجمات طالت قواتها في العراق، إذ أعلنت أنقرة، في 13 من كانون الثاني الحالي، عن تدمير 29 هدفًا و”تحييد أعداد كبيرة” ممن وصفتهم بـ”الإرهابيين” في غارات جوية على مواقع بشمالي سوريا والعراق.

وقالت الوزارة في بيان عبر حسابها الرسمي على منصة “إكس“، حينها، إن سلاح الجو التركي نفذ غارات جوية ضد “أهداف إرهابية”، في تصعيد يعتبر هو الثالث من نوعه بين عامي 2023 و2024.

التصعيد التركي الذي استمر على مدار أيام شمال شرقي سوريا، لم يشكل رادعًا لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، التي أعلنت عقب انتهاء التصعيد في المنطقة عن تنفيذها عمليات ضمن مناطق سيطرة “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا، ردًا على الاستهدافات التركية لمناطق سيطرتها.

وقالت “قسد” إنها ردت على التصعيد التركي في مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا عبر سلسلة من العمليات التي استهدفت مناطق سيطرة “الجيش الوطني السوري” شمالي حلب.

وأضافت في بيان نشرته، في 21 من كانون الثاني الحالي، أن “مجلس منبج العسكري” نفذ عملية استهدفت نقطة تابعة لـ”الجيش الوطني” في قرية الصيادة، ما أدى إلى مقتل أربعة عناصر.

وفي محيط عين عيسى شمال غربي محافظة الرقة، قالت إن قواتها استهدفت بالأسلحة الثقيلة حاجزًا وقاعدة عسكرية تركية.

وفي اليوم نفسه، نفذت “قسد” عمليتين متزامنتين بالأسلحة الثقيلة ضد قاعدة عسكرية تركية، تبع ذلك استهداف نقطة عسكرية لـ”الجيش الوطني” بالقرب من مدينة.

حرب مضبوطة بقواعد اشتباك

رغم حجم الضرر الذي أحدثته الضربات التركية شمال شرقي سوريا، أعادت “قسد” توجيه سلاح مدفعيتها نحو قواعد تركية شمالي سوريا، دون النظر أن إلى أن إحداث ضرر فعلي قد يعيد الطائرات التركية إلى أجواء مناطق سيطرتها مجددًا.

أحدث التصريحات المتعلقة بالضرر الذي تلقته منشآت “الإدارة الذاتية” (مظلة “قسد” السياسية)، جاء من الرئيسة المشتركة للإدارة العامة للنفط والمحروقات في “الإدارة”، عبير خالد، في 16 من كانون الثاني الحالي، عندما قالت إن القصف التركي أسفر عن خروج منشآت نفطية عن الخدمة، وتسبب بتقليل إمداد المحروقات لقطاعات الطاقة، والمياه، والزراعة، والتدفئة.

يرى الباحث المساعد المتخصص بالشأن الكردي في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” أسامة شيخ علي، أن الحرب بين تركيا و”قسد” تحمل قواعد أساسية للاشتباك، وهو ما حصلت ردود “قسد” في إطارها مؤخرًا.

ولا تغيب عن المشهد حالات تحرش الطرفين ببعضهما، عبر قصف مدفعي، أو استهدافات متفرقة بطائرات مسيّرة تركية، لكن الردود العنيفة لكلا الجانبين تحتاج إلى ضوء أخضر روسي- أمريكي، بحسب شيخ علي.

الباحث يرى أن الهجمات التركية الأحدث شمال شرقي سوريا، سبقتها ضربة لتركيا أدت إلى مقتل تسعة جنود أتراك بهجوم طالهم شمالي العراق، مطلع العام الحالي، بحسب ما أعلنت عنه وزارة الدفاع التركية عبر منصة “إكس“، ما أتاح غض نظر أمريكي- روسي عن هذه الهجمات.

من جانبه، قال الباحث المتخصص في الشأن العسكري بمركز “جسور للدراسات” محمود حوراني، لعنب بلدي، إن الضربات الجوية التركية استهدفت نوعين من الأهداف، الأول شخصيات قيادية معظمها غير سورية، ومنشآت اقتصادية من الممكن استخدامها لأغراض عسكرية.

وأضاف أن تركيا تعتبر هذه المنشآت توفر الدعم الاقتصادي لتسليح “العمال الكردستاني”، ومن شأنها أن تؤمّن استمرارية نشاطاته داخل تركيا وفي سوريا، وكذلك في العراق.

وأشار إلى أن أنقرة لا تسعى لبناء استراتيجية ردع مع “وحدات حماية الشعب” أو “العمال الكردستاني”، إنما تسعى لإضعافهما وتفكيكهما بشكل نهائي.

وتوقع الباحث ألا تتجاوز الردود المتبادلة بين الجانبين، خلال المستقبل القريب، عمليات القصف المدفعي المتبادل، أو تحليق الطائرات المسيّرة التركية فوق شمال شرقي سوريا، وتنفيذها استهدافات متفرقة.

شيخ علي يرى أن هجمات “قسد” أيضًا في إطار ردودها على التصعيد التركي على أنها تثبيت لقواعد الاشتباك لا أكثر، إذ تحاول الظهور على أنها قادرة على الرد، وليست “لقمة سهلة” في المنطقة، ولن تسكت عن الهجمات التي طالتها.

تصعيد أُعلن عنه مسبقًا

في 4 من تشرين الأول 2023، قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن منفذي الهجوم على مديرية الأمن العام في أنقرة، قدما من سوريا وتلقيا التدريب في تركيا.

وكان هجوم وقع وسط العاصمة أنقرة في 1 من تشرين الأول 2023، إذ سمع دوي انفجار تبعه إطلاق نار في منطقة كيزيلاي التي تضم عددًا من المباني الحكومية من بينها وزارة الداخلية والبرلمان.

وأضاف الوزير خلال مؤتمر صحفي مع وزير خارجية شمال قبرص التركية، أن جميع مرافق البنية التحتية والطاقة الفوقية التابعة لحزب “العمال الكردستاني” و”وحدات حماية الشعب” في العراق وسوريا، ستكون “أهدافًا مشروعة” من الآن فصاعدًا للقوات الأمنية التركية وعناصرها الاستخباراتية.

ودعا أي طرف ثالث للابتعاد عن مرافق وعناصر حزب “العمال” و”الوحدات” قائلًا: “رد قواتنا المسلحة على الهجوم الإرهابي سيكون واضحًا للغاية، وستأسف الأطراف المتورطة بشدة على ارتكاب مثل هذا العمل”.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة