تصاعد في قضايا الاحتيال برأس العين

  • 2024/01/21
  • 3:32 م
تصاعد قضايا الاحتيال برأس العين

سوق مدينة رأس العين شمال غربي محافظة الحسكة- 27 من كانون الأول 2023 (عنب بلدي)

عنب بلدي – رأس العين

شهدت منطقة رأس العين في شمال شرقي سوريا تزايدًا في قضايا الاحتيال خلال الآونة الأخيرة، إذ بلغت نسبة الزيادة في عدد القضايا التي تم تسجيلها في المكتب القانوني بالمجلس المحلي في المنطقة أكثر من 60% خلال النصف الثاني من العام 2023.

وانعكست هذه القضايا بخلافات عائلية وعشائرية في المنطقة التي يغلب عليها الطابع العشائري.

وشكلت طبيعة المنطقة الجغرافية سبيلًا أمام منفذي عمليات الاحتيال، إذ سجلت حالات لفرار بعضهم نحو مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، التي تنتشر بمحيط مدينتي رأس العين وتل أبيض اللتين يسيطر عليها “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا.

ضحايا الاحتيال

تعرضت سناء المسعود للاحتيال من قبل شخص ادعى أنه يعمل في مجال الاستثمار، إذ اقترض منها مبلغ 11 ألف دولار، لكنه لم يُعد لها المال حتى الآن.

سناء التي جمعت هذا المبلغ لعلاج ابنها المريض، قالت لعنب بلدي، إنها قررت استثمار أموالها لفترة وجيزة، فتركت المبلغ بعهدة شخص وعدها بإعادته مع فائدة مالية، لكنها اكتشفت لاحقًا أنها وقعت ضحية عملية احتيال بعد اختفاء مقترض المال من المنطقة، وعجزها عن الوصول إليه.

من جانبه، تحدث فرحان العامر لعنب بلدي عن تفاصيل تعرضه لعملية احتيال بقيمة 35 ألف دولار، بعد أن أودعها لدى شخص يعمل بتجارة الأغنام بهدف استثمارها.

وأضاف أنه حصل على حصته من أرض والده المتوفى بما قيمته 35 ألف دولار، والتقى عقب ذلك بشخص يعمل في تجارة الأغنام، وعرض عليه الاستثمار في أمواله.

وتحت تأثير المرابح المالية التي تشكلت في مخيلة فرحان وبلغت 60% بعد ثلاثة أشهر، سلم أمواله للتاجر الذي اختفى بعد أربعة أشهر مع أمواله.

حاله كحال ضحايا عمليات الاحتيال المشابهة، تقدم فرحان ببلاغ للجهات الأمنية، لكن المحتال هرب إلى مدينة الطبقة بريف محافظة الرقة، حيث تسيطر “الإدارة الذاتية” ما أغلق القضية حتى إشعار آخر.

ولمازن السودان أيضًا، وهو مهجر من مدينة دمشق، حالة مشابهة، إذ تعرض لعملية احتيال بمبلغ كبير، بعدما عرض عليه شخص بيعه أرضًا زراعية بريف رأس العين مساحتها 100 دونم، بسعر 150 ألف دولار.

وأضاف أنه دفع مبلغ 50 ألف دولار مقدمًا، على أن يدفع المبلغ المتبقي عند تسجيل الأرض باسمه، لكن بعد أن دفع مازن المبلغ، اكتشف أن البائع لم يكن يملك أرضًا زراعية، إنما عرض عليه قطعة أرض مسجلة باسم شخص آخر.

وإثر الخسارة المالية التي تكبدها، تقدم مازن بشكوى للجهات الأمنية، لكن لم يتم القبض على المتهم حتى اليوم.

عشرات الدعاوى شهريًا

المحامي فرحان السعدون من سكان مدينة رأس العين، قال لعنب بلدي، إنه يتلقى شهريًا أكثر من 20 دعوى قضائية تتعلق بالاحتيال، غالبيتها متعلقة بعمليات إقراض الأموال بفوائد موالية وصفها بـ”الخيالية”.

وأشار إلى أن عديدًا من الأشخاص الذين تعرضوا للاحتيال لم يبرموا عقدًا رسميًا مع الشخص الذي احتال عليهم، وهذا ما جعل من الصعب عليهم المطالبة بحقوقهم القانونية.

المحامي أشار إلى أهمية وجود عقود رسمية عند العمل التجاري أو الاستثماري، وهو أمر مهم في التعاملات المالية، إذ تحمي هذه العقود الطرفين من أي نزاعات أو خلافات مستقبلية، وتسهل المطالبة بالحقوق القانونية في حالة وقوع احتيال أو خلاف.

وأضاف السعدون أن من المهم أيضًا التحقق من شرعية الشركة أو المؤسسة أو الشخص الذي يقدم عروضًا للاستثمار في الأموال، ويمكن ذلك من خلال البحث عن معلوماتهم أو التواصل مع الجهات الحكومية المختصة الموجودة ضمن مناطقهم.

ارتفاع جرائم الاحتيال بنسبة 60%

للوقوف عند معدلات جرائم الاحتيال في مدينة رأس العين، تواصلت عنب بلدي مع المكتب القانوني التابع للمجلس المحلي بمدينة رأس العين، الذي أوضح أن جرائم الاحتيال في رأس العين ارتفعت بنسبة 60% خلال الأشهر الستة الأخيرة من عام 2023، عن الأشهر الستة التي سبقتها.

وأضاف أن قضيتي احتيال سجلتا خلال كانون الثاني الحالي، بينما بلغ مجمل قضايا الاحتيال خلال النصف الثاني من 2023 سبع قضايا.

وأرجع “المكتب” سبب ارتفاع هذه الجرائم لعدم وجود قوانين تلزم الأشخاص بإبرام عقود للعمل فيما بينهم.

ويستغل المحتالون عدم وجود هذه القوانين، ويقدمون عروضًا “مغرية” للناس، ويأخذون منهم أموالًا مقابل خدمات أو منتجات غير موجودة، بحسب المكتب القانوني.

المحتالون يستهدفون بشكل خاص الأشخاص الباحثين عن فرص عمل أو استثمار، بحسب “المكتب”، أو الأشخاص الذين يحتاجون إلى المال بشكل عاجل، ويستغلون وجود مناطق نفوذ معزولة عن بعضها في سوريا، لصعوبة تتبعهم والقبض عليهم.

قضايا الاحتيال توتر أجواء رأس العين

جراء تزايد عمليات الاحتيال، ارتفعت مستويات التوتر بين عائلات وعشائر في مدينة رأس العين، ووصل الأمر في بعض الحالات إلى حد التهديد والوعيد.

وبدعوى تجنب أي اصطدام عشائري، قرر قسم من المتورطين بخلافات من هذا النوع مغادرة مدينة رأس العين، بينما اضطر القسم الآخر إلى التخلي عن جميع أملاكه فيها بما في ذلك الأراضي والمنازل، لتسديد التزامات لأحد أفراد عائلاتهم أمام أشخاص آخرين عبر عمليات احتيال مشابهة.

وتأتي هذه التوترات في إطار تصاعد حالات الاحتيال، إذ شهدت المنطقة خلافًا بين قبيلة “العكيدات” وعشيرة “عدوان” على خلفية قضية احتيال بمبلغ مليون دولار.

تقع رأس العين على الحدود التركية، ويسيطر عليها “الجيش الوطني السوري” بدعم تركي، ومظلته السياسية “الحكومة السورية المؤقتة”، وتحيط بها جبهات القتال مع “قسد”، وتُعتبر الحدود التركية نقطة الوصول الوحيدة لها نحو الخارج، إلى جانب خطوط التهريب التي تصلها بمناطق سيطرة “قسد”.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع