شهدت مصر عام 1863 وصول الخديوي إسماعيل باشا إلى سدة الحكم، التي استمر بها حتى 1879، وخلال 16 عامًا، هي فترة حكمه، ترك وراءه كثيرًا من “الإنجازات” والشائعات والجدل.
في 2022، نشرت النسخة العربية من كتاب “إسماعيل باشا خديوي مصر”، الذي تناول سيرة الخديوي، للكاتب الفرنسي روبير سوليه، عن دار نشر “هاشيت أنطوان/نوفل”.
الكتاب المكوّن من 264 من القطع المتوسط، يتناول سيرة حفيد محمد علي باشا، الذي حكم مصر وتحدى الدولة العثمانية، واستمر نسله بحكم البلاد حتى وصول حركة “الضباط الأحرار” إلى الحكم في عام 1952، التي يطلق عليها اصطلاحًا “ثورة يوليو”.
ولد إسماعيل باشا في القاهرة عام 1830، أي تولى الحكم وعمره 33 عامًا فقط، ويروي الكتاب تفاصيل من حياة الرجل الذي شهد حكمه نقلة في البلاد على عدة مستويات.
حاول الكتاب منح أهم ما يمكن أن يوجد في كتب السيرة الذاتية، بعيدًا عن التحيز والرأي الشخصي، عبر ذكر وجهة النظر التي حكم إسماعيل باشا مصر من خلالها، وتحديث قطاعات التعليم والنقل والقضاء، والاقتراب من أوروبا، وما رافقها من حياة باذخة.
يشرح الكتاب سيرة حكم الخديوي، الذي يعدّ وفق ما ذكره من أهم حكام مصر من نسل محمد علي، بحبكة درامية تبدأ بشكل الحياة والبذخ الذي عاشها، ونمط التعليم القريب لأمراء أوروبا، في فرنسا، ثم وصوله إلى حكم مصر، وتقوية علاقاته بملوك أوروبا وأمرائها، وإقراض بعضهم ملايين الفرنكات حينها.
لم تسر الأمور كما يشتهي إسماعيل باشا، إذ انتهت حياته في المنفى بإيطاليا.
أسلوب طرح السيرة الذاتية في الكتاب تحرر قليلًا من القوالب الجامدة، وصحيح أنه ليس رواية أدبية، لكن طريقة السرد حملت بعدًا دراميًا، وبمصطلحات بسيطة، تؤدي الغرض أيضًا.
ومن الإنصاف تسليط الضوء على صياغة الترجمة للمترجم أدونيس سالم، التي تساعد على القراءة بانسيابية.
يأتي الكتاب في ظل ظروف معقدة تعيشها مصر والمنطقة، من الجيد خلالها إعادة قراءة التاريخ من مصادر متعددة، فكل منطقة تدفع في مستقبلها ثمن تاريخها، وكذلك مصر، التي لا يخفى على أحد الأزمات التي تعيشها، وخاصة بعد الحرب على غزة، المستمرة منذ تشرين الأول 2023.
مؤلف كتاب “إسماعيل باشا خديوي مصر” روبير سوليه، ولد في القاهرة وهو من أصول مصرية، وعمل في صحيفة “لوموند” الفرنسية، وألف عددًا من الكتب عن مصر، منها “السادات 2015″ و”وجوه مصر الحديثة” 2020.