القطع طال أشجار كينا معمرة
جلّين بريف درعا تفقد غطاءها الأخضر على يد تجار وفصائل
درعا – حليم محمد
تشهد بلدة جلين في ريف درعا الغربي عمليات متواترة في قطع أشجار الكينا من محيط البلدة، ما أثر على جماليتها وغطائها الأخضر، إذ تعتبر جلين أحد المواقع السياحية في درعا.
تقع بلدة جلين على كتف وادي اليرموك من جهة الشمال، وتغطي الأشجار المنازل فيها على شكل سوار أخضر يحيط بالبلدة.
وأعرب سكان من المنطقة عن قلقهم من استمرار عمليات التحطيب، وقال بعضهم لعنب بلدي، إن صوت المناشير لا يهدأ في كل ليلة في ظل إشراف الفصائل المحلية المسؤولة عن البلدة على عمليات القطع.
الفصائل المحلية هي مجموعات مسلحة كانت تابعة لـ”الجيش الحر”، وبعد “التسوية” في تموز 2018، بات بعضها تابعًا لـ”اللجنة المركزية” المشكّلة من وجهاء وشيوخ دين ومثقفين وقياديين لمفاوضة الروس والنظام السوري على بنود “التسوية”، وبعضها الآخر يتبع لـ”الأمن العسكري” في قوات النظام السوري.
أحمد (40 عامًا) من سكان البلدة قال، إن عدد الأشجار المحيطة بالبلدة بدأ بالتناقص في ظل قطع ممنهج بدأ منذ عدة سنوات، ولكن زادت وتيرته هذا العام، خصوصًا مع اقتراب فصل الشتاء، مضيفًا أن الأشجار المقطوعة تذهب لحساب تجار حطب تحت إشراف من الفصائل المحلية.
اللجان المحلية لا دور لها
أحد أعضاء “لجنة الإصلاح” (وهي لجنة محلية تشرف على تقديم الخدمات في البلدة) قال لعنب بلدي، إن عمليات القطع كانت بالأساس للأشجار اليابسة، إلا أنها امتدت لتشمل الأشجار المعمرة الخضراء.
وأضاف أن القائمين على قطع الأشجار وزعوا ما يقارب 50 طنًا على الفقراء في البلدة بمعزل عن اللجنة المحلية فيها، وأن الكميات الموزعة قليلة ولا تغطي سوى جزء صغير من حاجة السكان.
مقصد سياحي
تعتبر جلين بلدة سياحية نظرًا إلى موقعها المطل على وادي اليرموك، ويقصدها سياح من مختلف مناطق درعا ومن المحافظات المجاورة للتنزه بعيدًا عن صخب المدن.
عمر، وهو من سكان جلين، قال إن أطراف البلدة تشهد فراغات واسعة كانت تغطيها أشجار الكينا التي يتجاوز عمرها مئة عام.
وأضاف أن السياح يفترشون الأرض تحت أشجار وأحراش البلدة صيفًا، وفي حال استمر قطع الأشجار قد تفقد البلدة أشجارها وميزتها السياحية.
ولا يقتصر تحطيب الأشجار على بلدة جلين، إذ طال معظم الأحراش والغابات والتلال المشجرة في بلدات المزيريب، وتل شهاب، وقرى حوض اليرموك، وتل الجابية، وتل الجموع، وحرش المنطقة الحرة في نصيب وحرش درعا البلد.
وتبلغ مساحة المواقع الحرجية في محافظة درعا 10624 هكتارًا، وفق ما قاله مدير دائرة الحراج في درعا، جميل العبد الله، لافتًا إلى أن خطة التحريج لهذا العام تصل إلى 80 هكتارًا أي ما يقارب 110 آلاف غرسة من الأشجار الحرجية.
وفي تشرين الثاني 2022، أوضح مدير الحراج في وزارة الزراعة، علي ثابت، أن مساحة العقارات الحرجية حاليًا لا تزيد على 3% من مساحة سوريا، بينما كانت بنسبة 15% من مساحة البلاد قبل عام 2011.
البحث عن تدفئة
دفع ارتفاع تكاليف التدفئة في درعا إلى البحث عن وسائل تدفئة من خلال تحطيب الأشجار، الذي تديره وتستفيد منه مجموعة من التجار بغطاء من قادة الفصائل، في حين يلجأ معظم السكان للاستفادة من الأغصان أو الحفر على الجذور، بحسب ما قاله عدد من السكان، ممن التقتهم عنب بلدي.
ووصل سعر طن حطب الكينا إلى مليوني ليرة سورية (الدولار الأمريكي نحو 14600 ليرة)، وسعر طن حطب الزيتون إلى ثلاثة ملايين ليرة سورية، وكذلك سعر السنديان والبلوط، في حين انخفض سعر طن حطب العنب والسرو إلى مليون ونصف مليون ليرة سورية باعتباره أقل جودة وأسرع احتراقًا، إذ لا يستديم في المدفأة وتصدر عنه أدخنة مزعجة، بحسب تجار حطب قابلتهم عنب بلدي.
ويترافق غلاء الحطب مع ارتفاع في أسعار المازوت، إذ وصل سعر الليتر إلى 14 ألف ليرة سورية، ما جعله خيارًا مستبعدًا لدى معظم السكان، بينما لا تكفي المخصصات من المازوت المدعوم (50 ليترًا) حاجة المنازل للتدفئة لفترة لا تتجاوز عشرة أيام.
وقدّرت دراسة للأمم المتحدة منشورة في عام 2020 حاجة سوريا إلى 360 مليون دولار لإيقاف تدهور البيئة في البلاد بحلول العام 2030.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :