“الفروة”.. رداء تقليدي يحافظ على مكانته لدى سكان الحسكة
الحسكة – مجد السالم
رداء شتوي واحد يُعرف محليًا “بالفروة”، لا يكاد يفارق الحاج محمد الضحوي (67 عامًا) من ريف القامشلي مع بداية دخول الشتاء من كل عام، ومثله آلاف الرجال من سكان الحسكة الذين يرتدونه.
محمد الضحوي قال لعنب بلدي، إن “الفروة” كرداء شتوي لها شعبية كبيرة وليس لها منافس، وهي منتشرة ضمن المنطقة، وتعتبر زيًا تقليديًا كان خاصًا بالأهالي العرب في المنطقة منذ مئات السنين.
وأضاف أنها تقي برد الشتاء بشكل فعّال، وهي مناسبة و”عملية” لأن طبيعة الأعمال في الريف سواء الزراعة أو تربية الحيوانات تستوجب على الرجل البقاء خارج المنزل أغلب ساعات النهار في الشتاء، لذلك تعتبر “الفروة” حلًا مناسبًا يغطي كامل جسم الرجل، ويمنحه الدفء إلى جانب “الهيبة والرجولة”.
وذكر أن رعاة الأغنام سابقًا كانوا هم الأكثر حرصًا على لبس الفراء خلال الشتاء، لأنهم يبقون مع قطيع الأغنام في البراري والمراعي التي يرحلون بحثًا عنها لأيام وليالٍ، لكن مع تطور الحياة تغيرت الأوضاع وامتد لبس الفراء إلى سكان القرى ثم المدن.
إقبال جيد.. للنساء أيضًا
حميد الصوفي (46 عامًا)، صاحب محل لبيع الألبسة من بلدة معبدة، قال لعنب بلدي، إن هناك إقبالًا جيدًا على شراء “الفروة”، ولم يعد الأمر مقتصرًا على أبناء الريف كما في السابق، إنما يُقبل سكان المدن أيضًا على شرائها.
وأضاف أن ما زاد المبيعات هو شعبيتها المتزايدة لدى الفئات الشابة، والتطور في تصاميمها الأنيقة، وتعدد ألوانها الجميلة “الشبابية”، فلم يعد اللون الأسود والبني هو المنتشر فقط، فهناك ألوان دخلت كالفضي والأحمر الخفيف بتدرجاته والذهبي، وهناك أيضًا فراء أصبحت مخصصة للنساء، وهذا أيضًا جعل لها سوقًا جيدة بين سكان المنطقة.
وذكر أن أصحاب المحال يحصلون على “الفروة” من إنتاج المنطقة، أو تستورد من خارج المحافظة كحلب مثلًا.
بعضها يصل إلى ألف دولار
تتراوح أسعار “الفروة” بين 300 ألف وحتى الـ15 مليون ليرة سورية (نحو 1000 دولار أمريكي)، بحسب ما رصدته عنب بلدي في أسواق القامشلي والحسكة.
إبراهيم العلي (43 عامًا)، وهو خياط من القامشلي، أوضح لعنب بلدي أن سبب هذا التباين في الأسعار بين المقبولة وتلك المرتفعة جدًا، هو اختلاف طبيعة ونوع القماش المستعمل، ومصدره سواء كان مستوردًا أو محليًا.
وأضاف أن نوع الفرو المستخدم بين طبيعي (حيواني) وصناعي يرفع التكاليف أيضًا، لأنه “الجزء الأساسي الذي يمنح الدفء”، ومنه سمي هذا الزي التقليدي بـ”الفروة”.
وتعد الصناعية أرخص الأنواع، تأتي بعدها “الفروة” التي يدخل في تصنيعها صوف الأغنام، ثم تأتي الأغلى سعرًا وتسمى “الطفيلية” أو “الغنامية” (نسبة إلى الأغنام).
وهناك “الفروة الطليانية”، وهي نسبة إلى صغير النعجة الذي يكون بعمر أشهر فقط ويسمى “الطلي”، وهي التي يكون فراؤها طبيعيًا ومصنوعًا من جلد صغار الخراف (بعمر أشهر فقط).
وتمتاز “الطليانية” بالنعومة والجمال و”الطراوة”، ويكون غلافها الخارجي من الجوخ الإنجليزي أو الهندي، وهذه الأخيرة يصل سعرها إلى نحو ألف دولار، ومن يشتريها يعتبر من ميسوري الحال، وبعضهم يشتريها كهدية قيمة لشيوخ ووجهاء العشائر.
ويوجد ملحق لـ”الفروة” وهي “الإبطية”، وتُلبس تحت “الفروة “وتُصنع أيضًا من الجلد، وتغطي نصف الجسم (تشبه الجاكيت)، لكن الغالبية لا يرتدونها، وتصنع حسب الطلبات الخاصة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :