“قسد” تحول محطات مياه في دير الزور إلى نقاط عسكرية
حولت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) محطات مياه في ريف دير الزور الشرقي إلى نقاط عسكرية، وحصرت دخول الموظفين والعاملين فيها بساعات محددة، ما تسبب بنقص في المياه الواصلة إلى منازل المدنيين.
ورصد مراسل عنب بلدي شرقي دير الزور وجود تحصينات عسكرية في بعض محطات المياه الواقعة على ضفة نهر الفرات بالمنطقة منذ كانون الأول 2023، تزامنًا مع نقص بمعدل تزويد المياه إلى الأحياء السكنية في قرى وبلدات المنطقة.
ومن بين المحطات التي رُصدت تحصينات عسكرية على أسطحها محطتا “الصبحة” و”أبريهة”، إضافة إلى محطة معالجة المياه في مدين البصيرة والشحيل، وبلدات ذيبان، والجرذي الشرقي، والسوسة، والبو بدران، والشعفة.
مصدر مسؤول في مديرية المياه بـ”مجلس دير الزور المدني”، تحفظ على اسمه لمخاوف أمنية، قال لعنب بلدي، إن أبنية محطات المياه المنتشرة على خط التماس مع مناطق سيطرة النظام السوري شرقي المحافظة تحولت إلى نقاط عسكرية.
وأضاف أن “قسد” منعت دخول وخروج العاملين والمتعهدين وحراس الأمن في هذه المحطات، باستثناء ساعات محددة خلال اليوم.
بين أربع وست ساعات
المصدر في مديرية المياه قال لعنب بلدي، إن “قسد” حددت مدة بين ست وأربع ساعات يوميًا يسمح خلالها بدخول الموظف المناوب إلى المحطة لتشغيلها، واشترطت أن تكون هذه المدة خلال ساعات النهار.
ومنعت دخول الموظفين أو حراس الأمن إلى المحطات خلال ساعات الليل، ما سبب مشكلات في وصول المياه إلى المنازل، بحسب المصدر.
وأضاف أن المياه كانت تصل سابقًا للأحياء السكنية نحو 16 ساعة يوميًا، بينما تصل الآن حوالي أربع ساعات كمعدل وسطي.
موظف في مكتب المحروقات التابع لـ”الإدارة الذاتية” (المظلة السياسية لـ”قسد”) في دير الزور، قال لعنب بلدي، إن عمال المحطة ورئيسها ورئيس البلدية وعمال المنظمات، إضافة إلى موظفي المحروقات، سمح لهم بدخول المحطات في حالة مراقبة تسليم المحروقات فقط.
ومُنع منعًا باتًا دخول المدنيين إلى المحطات المذكورة، بحسب الموظف الذي تحفظ على ذكر اسمه لمخاوف أمنية.
موظف في بلدية البصيرة التابعة لـ”الإدارة الذاتية” شرقي دير الزور، تحفظ على اسمه لأسباب أمنية، قال لعنب بلدي، إن الدخول لمحطات المياه محصور بعامل واحد لمرة واحدة خلال اليوم لتفقد الكهرباء في محطات “الشحيل” و”الصبحة” و”البصيرة” لضمان تشغيل المحطات.
وأضاف أن مديري المحطات منعوا من مزاولة عملهم، دون انقطاع رواتبهم الشهرية، وهو ما ينطبق أيضًا على حراس الأمن الذين سُمح بدخولهم لتسجيل الحضور، لمدة خمس أو عشر دقائق يوميًا.
ضمن خطة
منذ تشرين الثاني 2023، شرعت “قسد” بإنشاء نقاط عسكرية على ضفة نهر الفرات الشرقية المقابلة لمناطق سيطرة النظام السوري شرقي محافظة دير الزور، تزامنًا مع ازدياد هجمات قالت “قسد” إنها مدعومة من النظام وقادمة من مناطق سيطرته.
وأفاد مراسل عنب بلدي في دير الزور أن التحصينات على ضفة النهر بدأتها “قسد” منذ مطلع تشرين الثاني 2023، إذ أنشأت العديد من النقاط العسكرية في المنطقة.
موقع “نهر ميديا” المتخصص بنقل أخبار دير الزور بشكل رئيس قال حينها، إن “قسد” أطلقت مشروعًا يهدف لنشر نقاط عسكرية بين بلدة الجزرات غربي دير الزور وصولًا إلى الباغوز في أقصى شرقي المحافظة.
وأضاف أن تجهيزات شهدتها المنطقة لإنشاء ثلاث “مجابل” (أماكن مخصصة لصناعة خرسانة أسمنتيه) للبدء بتصنيع غرف مسبقة الصنع تمهيدًا لنشر النقاط العسكرية.
عسكري في صفوف “الأمن الداخلي” (أسايش) التابع لـ”الإدارة الذاتية” يعمل في ريف دير الزور، قال لعنب بلدي حينها، إن القيادة العامة تعمل جاهدة على تعزيز النقاط العسكرية في جميع أنحاء ريف دير الزور، استجابة لـ”التحديات الأمنية” خصوصًا مع الهجمات المتكررة التي تشنها قوات النظام على المنطقة بين الحين والآخر.
حلول بديلة
في ظلِّ شح المياه في المناطق التي تغذيها محطات المياه نفسها، لجأ أهالي المنطقة إلى تأمين مصادر بديلة للحصول على مياه الشرب عن طريق شراء كميات محددة عبر صهاريج بتكلفة مرتفعة تصل إلى 4000 ليرة سورية للبرميل الواحد، وهو ما شكل عبئًا اقتصاديًا على السكان.
خالد الحجي من سكان بلدة الشحيل في ريف دير الزور الشرقي، قال لعنب بلدي، إن مصدر دخله الوحيد هو راتب الوظيفة الذي يبلغ مليون ليرة (نحو 80 دولارًا)، ويستهلك شهريًا نحو ثلثه لشراء المياه التي لا تكفي حاجة الأسرة.
أزمة المياه التي تعانيها إناس الجاسم لا ترتبط بعرقلة عمل محطات المياه، إذ تنقل المياه برفقة أطفالها بالدلو لمئات الأمتار، حالها حال جاراتها القاطنات في المنطقة نفسها، على اعتبار أنها ليست قادرة على شراء المياه بأسعارها المطروحة في الأسواق.
المعاناة اليومية لتأمين أبسط مقومات الحياة وأكثرها إلحاحًا تتسبب بأضرار جسدية لإناس ولأطفالها الذين يعملون على مساعدتها في نقل المياه، بحسب ما قالته لعنب بلدي، مشيرة إلى أنها لا تملك خزانًا لحفظ المياه، ولا قدرة لها على شرائه، إذ يبلغ سعره في السوق المحلية نحو 50 دولارًا.
من جهته، سراج وهو نازح في بلدة الجرذي في ريف دير الزور الشرقي، قال إنه لم يستطع الوصول إلى مياه الشرب منذ أشهر عن طريق محطة المياه الموجودة في القرية التي كانت مصدر رئيسًا للمياه بالنسبة للسكان، بسبب سيطرة “قسد” على المحطة، إضافة إلى عدم انتظام التيار الكهربائي.
سراج الذي تحفظ على اسمه الكامل لمخاوفه الأمنية، قال لعنب بلدي، إن نحو 20% من دخله الشهري يستهلكه في شراء المياه.
يعيش ريف مدينة دير الزور منذ نهاية 2023 أزمة مياه بسبب توقف عدة محطات للضخ في الريف الشرقي للمدينة، بالتزامن مع تصاعد مشكلة تأمين المياه في أغلب مناطق الجزيرة الواقعة تحت سيطرة “الإدارة الذاتية”.
ويتجاوز سعر صهريج المياه في السوق المحلية 30 ألفًا ويصل إلى 50 ألف ليرة سورية، حسب المسافة التي يقطعها الصهريج والكمية المشتراة.
أزمة إضافية
في حديث سابق لعنب بلدي، قال رئيس بلدية السوسة السابق في ريف دير الزور الشرقي، خميس العطيوي، لعنب بلدي، إن محطة مياه السوسة الرئيسة تعاني من قدم شبكاتها، إذ لم تستبدل منذ عام 1994، بعد توالي القوى المسيطرة على المنطقة، مع إجراء إصلاحات بسيطة لها بين الحين والآخر.
وأضاف أن خطًا رئيسًا من مشاريع بلدية السوسة مُدد بحي التضامن، كما توجد مولدة للأهالي داخل المحطة نفسها، ولكن كثرة الأعطال جعلتها دون فائدة.
كما أن هناك مولدة “بيركنز” حديثة مقدمة من منظمة “بي دي سي” معطلة منذ سنتين تقريبًا، ورُفعت عدة كتب لإصلاحها من قبل بلدية “الشعب” في السوسة ووحدة مياه هجين، ولم تتم الاستجابة من قبل لجنة الخدمات في “مجلس دير الزور المدني”.
شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في دير الزور عبادة الشيخ.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :