صرح مسؤول في حكومة النظام السوري عن توقف أعمال التنقيب بحمص وتدمر في عام 2023، “لعدم توفر الاعتمادات المالية”، دون إيضاح إمكانية توفرها أو عودة التنقيب في العام الحالي.
وقال مدير الآثار في حمص وتدمر حسام حاميش لصحيفة “تشرين” الحكومية، اليوم الأربعاء 17 من كانون الثاني، إنه في مجال التنقيب، لا توجد اعتمادات مالية لأعمال التنقيب “المنهجي” لعام 2023.
واقتصرت الإجراءات على التنسيق مع “الأجهزة المختصة” في منطقة القصير للكشف عن أعمال التنقيب غير الشرعية في جوسيه ومراقبة المواقع والتلال الأثرية في ريف محافظة حمص ضمن نطاق المناطق الخاضعة لسيطرة النظام ومنع التعدي عليها.
ويأتي هذا الحديث بالرغم من ظهور اكتشافات أثرية مهمة في المنطقة، ومن أبرزها الإعلان في تشرين الأول 2022، عن اكتشاف لوحة فسيفسائية تعود للقرن الرابع الميلادي، وتتميز بمساحتها الكبيرة وبالحالة الجيدة التي لا زالت عليها رغم تعاقب العصور.
ويبلغ طول اللوحة 20 مترًا، وعرضها ستة أمتار، وبحسب المديرية العامة للآثار والمتاحف، تعتبر هذه اللوحة من اللوحات “المهمة” من الناحية الفنية والأثرية.
تنقيب مرتبط بالدعم
عثرت حكومة النظام على لوحة القصير الفسيفسائية في أواخر 2018، بعد خروج القوات المعارضة من المنطقة وسيطرة قوات النظام، وبحسب تصريحات مدير الآثار في حمص وتدمر حسام حاميش السابقة، كانت اللوحة تقع تحت منازل سكنية، مما اضطر المديرية لإزالتها بالطرق الفنية لإفساح المجال أمام الفرق الفنية المختصة، واكتشاف ثلاث لوحات أخرى مجاورة.
واشترت مديرية الآثار في حمص المنزل الذي اكتشفت به اللوحة والمنزل المجاور له، بدعم من متحف “نابو” اللبناني، الذي ساعد أيضًا الأثريين السوريين في عمليات التنقيب، واسترجاع القطع المسروقة، وفق تصريحات الفنانة سلاف فواخرجي، بصفتها عضو مجلس أمناء المتحف اللبناني.
وكان تحقيق لصحيفة “المدن” اللبنانية، تحدث عن وجود قطع أثرية مسروقة من سوريا والعراق واليمن، موجودة في متحف “نابو”، الذي يديره رجل الأعمال جواد عدرا.
ولم تبدأ عمليات التنقيب إلا في بداية 2022، ليعلن عن تفاصيل اللوحة القديمة ولوحات جديدة مجاورة لها، إذ كانت قد تحدثت مديرية الآثار بمدينة حمص منتصف العام الماضي، أن عمليات التنقيب بمدينة الرستن “مستمرة”، واكتشاف لوحة جديدة بجوار اللوحة السابقة.
وصرح حينها مدير الآثار والمتاحف في حمص أن التنقيب في مكان اللوحة يحتاج إلى “خبرات عالية”، وخاصة في ظل “الظروف الصعبة وبسبب توضعها على أكثر من عقار ما يتطلب التفاوض على استملاكها في منطقة غنية بالآثار”.
وفي مدينة تدمر، يجري الكشف على “الآثار المسروقة”، وفق حاميش والبدء بأعمال العقد رقم “9” لعام 2023، المتضمن ترميمًا وتأهيلًا جزئيًا لمتحف تدمر، يتضمن ترميم قاعتين من قاعات المتحف لعرض القطع الأثرية فيها من جديد، فيما تبلغ مدة العقد 180 يومًا، دون تحديد مدة بداية ونهاية تنفيذ العقد.
ومنذ اندلاع الثورة في سوريا عام 2011، تضررت المواقع الأثرية خلال قصف قوات النظام السوري وروسيا أو نتيجة المعارك بين مختلف الأطراف، أو لأسباب عسكرية وأيديولوجية، ونُهبت الآثار لدعم الجماعات المقاتلة، مثل الميليشيات الرديفة للنظام السوري وتنظيم “الدولة الإسلامية”، وازدهرت تجارة الآثار غير المشروعة.
وبسبب ذلك، أطلقت منظمة “يونسكو”، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي، العديد من المشاريع لحماية التراث السوري الذي يدمَّر ويسرَق بشكل مستمر، أهمها مشروع يقضي بالتحرك لحماية الآثار السورية، مع وضع آليات عديدة وعملية من أجل تفعيل عملية الحفاظ على ما تبقى من آثار، والمساعدة في الكشف عما تمت سرقته أو تدميره، وملاحقة مرتكبي جريمة الاتجار بالآثار بطرق غير مشروعة، ومحاسبتهم أمام القانون الدولي.