بعد تهديد ومؤامرة.. ماهر السيد خارج أسوار الرياضة في سوريا

عنب بلدي – حسن إبراهيم

بات ماهر السيد، رئيس نادي الوحدة السابق، وأحد أبرز لاعبي كرة القدم في سوريا، خارج منظومة الكرة مجددًا، بعد تقديمه الاستقالة من رأس هرم النادي البرتقالي، ليكون الاسم الرياضي الأكثر جدلًا، والذي عرّى قضايا الفساد، وكشف الكواليس السوداء للعبة في سوريا.

في سوريا صار الحديث عن فساد واقع كرة القدم من واسطات ومحسوبيات وتلاعب بنتائج مباريات وإهمال لاعبين كبار في تاريخ اللعبة أمرًا اعتياديًا، لكن حالة ماهر السيد بالذات كشفت مرتين أن كرة القدم تحكمها “مافيات”، فتعرضه لتهديد غير مباشر بالقتل عام 2019، وحديثه عن “غرف سوداء ومؤامرة” نهاية 2023، يثبت ذلك.

لا يقتصر الأمر على ما تعرض له وكشف عنه ماهر السيد خلال رئاسته لنادي الوحدة فقط، إنما اصطدم مع ثلاثة رؤساء تعاقبوا على اتحاد الكرة، حاتم الغائب، وفادي الدباس، والحالي صلاح الدين رمضان، وكشف السيد قبل انتخابات فاز بها الأخير عن حالات لـ”شراء ذمم ومال مشبوه”.

استقالتان.. “غرف سوداء” وتهديد

في 21 من كانون الأول 2023، أعلن ماهر السيد استقالته من رئاسة نادي الوحدة، مرجعًا السبب إلى ضغوط نفسية ومالية وشخصية، وعدم جر النادي إلى صراعات، وذلك بعد عام ونصف من إدارته للنادي.

وقال السيد، إنه تعرض لحرب غير مسبوقة ممن وصفهم بأنهم “يدعون حب النادي”، ويجتمعون يوميًا في “الغرف السوداء” ليحيكوا المؤامرات ويفشلوا كل خطوة يخطوها نحو الأمام.

وذكر أنه حين وقع عقد استثمار رياضي مع رجل الأعمال خالد الزبيدي، بدؤوا بشن حملة ممنهجة لإبطال العقد، كما بدؤوا منذ فترة بتوجيه سهامهم نحو فريق كرة السلة، مضيفًا أنه حرصًا على عدم جر النادي نحو صراعات تؤثر على استقراره ومضيه نحو الأمام، فقد آثر تقديم استقالته لرئيس الاتحاد الرياضي العام، فراس معلا.

وفي 9 من كانون الثاني الحالي، أعلن الاتحاد الرياضي العام تعيين غياث الدباس رئيسًا لنادي الوحدة، بعد قبول استقالة ماهر السيد.

سبق لماهر السيد أن تولى رئاسة نادي الوحدة لمدة عامين من تاريخ 29 من تشرين الأول 2019 حتى 19 من تشرين الثاني 2021، تعرض خلالهما لكثير من الضغوطات، أبرزها رسالة تهديد وُضعت أمام باب منزله، مرفقة برصاصة، دعته لترك النادي، دون معرفة مصدرها.

جاء في الرسالة التي نشرها السيد في تشرين الثاني 2019، “لا تفرح كتير أيامك معدودة، وهاد أول إنذار إلك شفهي، يا سيد ريح حالك واتروك (اترك) النادي، أحسن إلك، والقادم إذا ما فهمت أعظم”.

وعود معلا لا تكفي

علاقة ماهر السيد “الممتازة” مع رئيس الاتحاد الرياضي العام، فراس معلا، لم تكن كافية لبقائه في منصبه، إذ ذكر ماهر في بيان استقالته الماضي أن معلا رفض طلب استقالته، وسبق أن تحدث عن وعود من معلا بتعيينه رئيسًا للوحدة.

وقبل تولي السيد رئاسة نادي الوحدة لمرة ثانية، قال في حزيران 2022، إن علاقته برئيسَي الاتحاد الرياضي العام، فراس معلا، واتحاد كرة القدم، صلاح الدين رمضان، ممتازة على الصعيدين الشخصي والرسمي.

وأعلن السيد حينها أن معلا وعده بالعودة لرئاسة النادي، وأن القرار ليس بيد رئيس نادي الوحدة، أنور عبد الحي، الذي اعتبره رئيسًا “شكليًا” للنادي، وأن الرئيس الفعلي هو طريف قوطرش.

ووعد السيد بتشكيل فريق كرة قدم “محترم” ومنافس، وأفضل من الفريق السابق، وإعادة الحسابات بكرة السلة وخاصة على صعيد الفئات العمرية، مشيرًا إلى أنه سيلغي بعض عقود المستثمرين، مؤكدًا أن فترة توليه رئاسة النادي كانت جيدة ومليئة بالإنجازات رغم الضغوط التي مورست عليه، وأنه إن عاد للرئاسة “سُيصلح ما تخرّب”.

اتحاد الكرة في مرمى السيد

هاجم ماهر السيد اتحاد كرة القدم في سوريا، وانتقده أكثر من مرة مع تعاقب الرؤساء الذين تسلموا المنصب، وشكك في إدارتهم للاتحاد، وفي الانتخابات التي أوصلت بعضهم للرئاسة.

في أيار 2019، طالب ماهر السيد اتحاد الكرة بالاستقالة، وأوضح أن رئيس الاتحاد حينها، فادي الدباس، عرض عليه منصب مدير للمنتخب الأولمبي ومنتخب الشباب السوري لكنه رفض.

وأرجع سبب رفضه إلى عدم رضاه عن آلية عمل الاتحاد وتصرفاته، معتبرًا أن اللجان التابعة له هي لجان وهمية، وكل القرارات تصدر من الدباس شخصيًا ولا صلاحيات لأي شخص داخل الاتحاد، على حد تعبيره.

وحصل خلاف وسجال بين السيد ورئيس اتحاد الكرة السابق، حاتم الغائب، في تشرين الأول 2020، واعتبر السيد أن العقوبات بحق نادي الوحدة “قاسية ومجحفة”، متسائلًا “على ماذا اعتمد الاتحاد في قراراته؟”، مضيفًا أن الاتحاد لم يسلّم الأندية أي شرح للوائح العقوبات.

ترشح السيد لانتخابات منصب رئيس اتحاد كرة القدم في سوريا، لكنه أعلن انسحابه قبل يوم من خوضها، وذلك في 22 من أيار 2022، وبرّأ نفسه حينها من المشاركة بما اعتبره “مهزلة”.

وتوعّد باتخاذ الخطوات القانونية، ووضع الجهات “القيادية” بالصورة التي تدعم ادعاءاته، “لضمان عملية انتخابية نزيهة لا تشوبها شائبة”، حسب تعبيره.

وقال حينها، إنه وثّق بالأدلة حالات لـ”شراء ذمم” بعض المندوبين إلى المؤتمر الانتخابي بـ”مال مشبوه”، ووضعها بين يدي رئيس المنظمة، لكنه لم يتخذ أي إجراء قانوني أو تحقيقي حتى اللحظة.

وأوضح السيد أنه لمس في الأيام الأخيرة قبل الانتخابات، التدخل الواضح من بعض أصحاب القرار في تسمية مندوبين بعينهم (في الأندية واللجان الفنية والروابط) لمصلحة أحد المرشحين لمقعد رئاسة الاتحاد.

وفاز صلاح رمضان في الانتخابات التي انسحب منها ماهر السيد، بعد حصوله على 38 صوتًا من أصل 68 صوتًا، في ولاية تستمر أربع سنوات حتى 2026.

ماهر السيد

يعتبر ماهر السيد (44 عامًا) أحد أبرز اللاعبين الذين مروا على نادي الوحدة والمنتخب السوري، ويحظى بشعبية لدى جمهور الوحدة، وكذلك لدى بعض جماهير الأندية الأخرى في سوريا.

بدأ مسيرته الكروية مع ناديه الأم الوحدة، وتنقّل بين عدة أندية هي ناديا الجيش والشرطة المحليان، وناديا العربي الأردني والنصر الكويتي.

وحقق مع نادي الوحدة بطولة الدوري السوري مرتين عام 2004 و2014، وأشرف فنيًا على الفريق الأول للنادي بين عامي 2018 و2019.

ولعب السيد مع منتخب سوريا 109 مباريات، سجّل خلالها 29 هدفًا، بحسب موقع “Transfer Markt“، ليحتل ثاني هدافي المنتخب بعد اللاعب رجا رافع، في حين تقول الأرقام المحلية إنه لعب حوالي 122 مباراة وسجّل خلالها 33 هدفًا.

وأسهم بفوز منتخب سوريا ببطولة اتحاد غرب آسيا لكرة القدم للمرة الأولى في تاريخه عام 2012، على حساب منتخب العراق في نهائي البطولة التي أقيمت في الكويت، وأعلن في حزيران 2013 اعتزاله اللعب الدولي بعد مشوار استمر أكثر من 17 عامًا.