ما وراء نشر روسيا نقاطًا عسكرية على حدود الجولان المحتل

  • 2024/01/14
  • 10:47 ص
برج مراقبة تابع لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بجوار معبر القنيطرة الحدودي بالقرب من خط وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا في مرتفعات الجولان السوري المحتل- 25 آذار 2019 (رويترز)

برج مراقبة تابع لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بجوار معبر القنيطرة الحدودي بالقرب من خط وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا في مرتفعات الجولان السوري المحتل- 25 آذار 2019 (رويترز)

عنب بلدي – براءة خطاب

نشرت وزارة الدفاع الروسية، في 3 من كانون الثاني الحالي، نقطتين جديدتين في الجولان السوري المحتل، لمراقبة وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل.

وقال نائب رئيس “المركز الروسي للمصالحة” (يتبع لوزارة الدفاع)، الأميرال فاديم كوليت، إن بلاده ثبتت نقطتين عسكريتين جنوبي سوريا على خلفية تزايد وتيرة الاستفزازات في المنطقة منزوعة السلاح.

وبحسب ما نقلته الوكالة الروسية للأنباء (تاس)، فإن النقاط الجديدة تمركزت فيها وحدات من الشرطة العسكرية الروسية من أجل “مراقبة وقف إطلاق النار”.

مراسل عنب بلدي في القنيطرة أفاد أن النقاط العسكرية تمركزت في بلدتي المعلقة وغدير البستان جنوبي القنيطرة.

وبعد غياب استمر أكثر من عام، أعادت روسيا تسيير دورياتها العسكرية في الجنوب السوري مطلع تشرين الثاني 2023، إذ تجولت دورية عسكرية روسية جنوبي القنيطرة بين بلدة المعلقة وغدير البستان، بالقرب من سرية “الصفرة” التابعة لـ”اللواء 90″ جنوبي المحافظة التابع لجيش النظام.

مراسل عنب بلدي في القنيطرة أفاد حينها أن دورية روسية خرجت بجولة على مقربة من الحدود مع الأراضي المحتلة، وأجرى عناصرها جولة داخل سرية “الصفرة”.

وغابت الدوريات الروسية عن المنطقة بشكل كامل منذ أكثر من عام، بعد أن أخلت روسيا نقطة “التلول الحمر” العسكرية شمالي المحافظة منتصف 2021، ولم تعد إلى المنطقة منذ ذلك الحين.

وتحتل إسرائيل مرتفعات الجولان السورية منذ عام 1967، ولا يسمح للقوات السورية بدخول المنطقة الفاصلة بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار عام 1973.

وطوال السنوات الماضية، اتهم النظام السوري إسرائيل بدعم فصائل المعارضة على حدود الجولان المحتل، لا سيما في ريف القنيطرة والمناطق المحاذية لها.

وفي عام 2018، أعاد النظام سيطرته على الجنوب السوري بدعم روسي، وفق ما عرف حينها باسم “اتفاق التسوية” الذي أفضى إلى سحب السلاح الثقيل من فصائل المعارضة، ونقل الرافضين لـ”التسوية” نحو آخر معقل للمعارضة شمال غربي سوريا.

وخلال الفترة الزمنية نفسها، عادت قوات النظام إلى مواقعها على مقربة من الحدود مع الجولان السوري المحتل، بينما تمركزت روسيا في مناطق من محافظتي القنيطرة ودرعا، ثم انسحبت منها مع بداية حربها في أوكرانيا.

ما الهدف

الدكتور نصر اليوسف، الخبير بالشأن الروسي، قال لعنب بلدي، إنه يمكن تلخيص الهدف من هاتين النقطتين بالوقوف على حالة العمليات الاستفزازية بين سوريا وإسرائيل، “لأن إسرائيل تقول إن ثمة تصرفات من الجهة السورية لا يمكن السكوت عنها، وفي المقابل تقول الجهة السورية إنها تتعرض لاستهداف مستمر من قبل إسرائيل”.

ويرى اليوسف أن روسيا عبر وضعها لهذ النقاط، تحاول أن تلعب دور الحكم والوسيط بين الطرفين، بحيث يكون لهذه النقاط دور رقابي فقط.

وأضاف أن الوضع الحالي في سوريا مناسب لروسيا، فالحرب المشتعلة بين إسرائيل وغزة شتتت انتباه الغرب عما يحدث في أوكرانيا، “لكنها لا تريد أن تتوسع رقعة الحرب أكثر لكيلا تمتد إلى سوريا، لأن وجود رئيس النظام بالنسبة لها أمر جيد، وبقاء الأمر على ما هو عليه في هذه المرحلة يعد من مصلحتها”، وستحاول روسيا منع تسخين المنطقة بين إسرائيل وسوريا عبر هذه النقاط.

تصعيد متدرج

فتح الانسحاب الروسي من الجنوب السوري الباب أمام ميليشيات إيرانية تغلغلت في المنطقة، ما تركها عرضة لاستهدافات متكررة من قبل إسرائيل التي قصفت بشكل متكرر المنطقة، واستهدفت أفرادًا في هذه الميليشيات.

الباحث في الشأن الإيراني مصطفى النعيمي، قال لعنب بلدي، “نحن أمام مشهد تصعيد متدرج من كلا الجانبين الإيراني والإسرائيلي”.

ويرى النعيمي أن الجانب الروسي يحاول التموضع مجددًا لإبعاد شبح أي محاولة من قبل الجانب الإسرائيلي للتقدم في هذه الجبهة بريًا، عبر إبعادها للميليشيات الإيرانية كأقل تقدير من المنطقة الجنوبية المحاذية للجولان.

وأضاف أن هذا الاجراء لن يجدي نفعًا مع تلك الميليشيات، لأنها ستعود بلباس النظام السوري مجددًا إلى المنطقة، وسيعود السيناريو السابق بتوجيه رسائل الردع عبر المنشورات الورقية التي تلقيها طائرات إسرائيل في المنطقة، والتي تهدد فيها قادة ميليشيات “حزب الله” و”فيلق القدس” والميليشيات الولائية المرتبطة بإيران، بالإضافة إلى أن الجانب الإسرائيلي لا يثق بأن روسيا لديها القدرة العسكرية البرية للسيطرة على المنطقة بعمق 45 كيلومترًا، وبالتالي يرجح النعيمي “سيناريو تأجيل المعركة لا إلغائها”.

وتابع أنه في حال تموضعت إيران بالقرب من النقاط العسكرية، ستوجه إسرائيل ضربات جوية لها، ما يسهم بشكل أو بآخر في انهيار أي اتفاقية مبرمة ما بعد إنشاء تلك النقاط العسكرية الروسية، التي لا يرى فيها النعيمي سوى أنها بروتوكول عسكري يمنع الجانب الإسرائيلي من توجيه ضربات إلى التموضع الإيراني في المنطقة الجنوبية من سوريا، “لكن تداعياتها ستكون أكبر إن بقيت تلك الميليشيات ما بعد هذا التموضع”.

ومنذ إطلاق “حركة المقاومة الإسلامية” (حماس) عملية “طوفان الأقصى” بغلاف قطاع غزة، في 7 من تشرين الأول 2023، وإشغال “حزب الله” جبهة جنوبي لبنان، شهدت الجبهة الجنوبية في سوريا مع إسرائيل تكرار عمليات إطلاق صواريخ نحو مستوطنات إسرائيلية في الجولان المحتل.

وواصل سلاح الجو والمدفعية الإسرائيلي الرد على هذه الصواريخ باستهداف مصدرها جنوبي سوريا، ومنها ما ذهب أبعد من ذلك، إذ كررت إسرائيل قصفها لمواقع عسكرية لجيش النظام بمحافظات درعا والقنيطرة والسويداء، ردًا على إطلاق هذه الصواريخ.

وفي عام 2020، أصدر مركز “ألما” الإسرائيلي تقريرًا تحدث فيه عن أن وحدة استخباراتية إيرانية تحمل اسم “ملف الجولان” تعمل بهدف بناء بنى تحتية لـ”خلية إرهابية” في الجنوب السوري وكيلة عن “حزب الله” اللبناني.

وأشار التقرير إلى أن الغرض من هذا النشاط هو جمع المعلومات وتنفيذ الأعمال الأمنية ضد إسرائيل، ويعتبر عناصر الوحدة والعاملون فيها من السكان المحليين السوريين الذين يعرفون المنطقة جيدًا، ويمكنهم الاندماج بين السكان المحليين.

إسرائيل تخرق الحدود

منذ منتصف 2022، تعمل آليات عسكرية إسرائيلية على إنشاء وتعبيد طريق داخل الأراضي السورية، بحسب ما أفاد به مراسل عنب بلدي في محافظة القنيطرة، ورصدته كاميرات مراسلين إسرائيليين خلال فترات زمنية مختلفة، أحدثها في تشرين الثاني 2022، عندما نشرت قناة “كان 11” الإسرائيلية تقريرًا تضمّن تسجيلات مصوّرة من داخل الأراضي السورية.

ودخلت قوات من الجيش الإسرائيلي إلى الأراضي السورية منتصف 2022، بقوة عسكرية مؤلفة من ست دبابات من نوع “ميركافا” وجرافتين عسكريتين يرافقهما عدد من الجنود لمراقبة الحدود والآليات، لتشييد طريق حمل اسم “سوفا 53”.

وأفاد مراسل عنب بلدي في القنيطرة، أن الآليات الإسرائيلية مستمرة بعملها في تعبيد الطريق حتى اليوم، وبلغ عمق العمل داخل الأراضي السورية كحد أدنى نحو 100 متر، بينما وصل في مناطق أخرى إلى كيلومتر واحد.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا