دير الزور – عبادة الشيخ
عاد فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد-19) للانتشار مجددًا في ريف دير الزور الشرقي حيث تسيطر “الإدارة الذاتية”، وفق تشخيص أطباء عاملين في المنطقة، وسط غياب شبه تام للخدمات الطبية التي يزيدها الوضع الأمني المتردي سوءًا.
ورغم أن معظم دول العالم تمكنت من اجتياز مخاطر “كورونا” خلال العامين الماضيين، وصارت الإصابات لا تختلف عن نزلات البرد في بعض الأحيان مع انتشار اللقاحات، فإن هذه المخاطر لا تزال موجودة شرقي دير الزور، ويتحمّل سكان المنطقة أعباء مادية لعلاجها في ظل ظروف اقتصادية صعبة تعيشها سوريا.
كوكب العبد الله (28 عامًا)، قالت لعنب بلدي، إن شقيقتها مصابة بـ”كورونا” منذ مدة، ولا تملك كثيرًا من الخيارات للتخفيف من آثار الفيروس، إذ تعتبر تكاليف العلاج مرتفعة، في حين لا تقدم المستشفيات العامة أي خدمات أو أدوية.
وأضافت أن الأدوية التي بحثت عنها خلال الفترة الماضية لم تكن متوفرة في صيدلية المستشفى، ما يجبرها على دفع نحو 150 ألف ليرة سورية مقابل مجموعة من الأدوية بشكل دوري.
لا إمكانيات طبية
طبيب موظف في إدارة مستشفى “الكسرة” التابع لـ”الإدارة الذاتية” بريف دير الزور الغربي قال لعنب بلدي، إن المستشفى يستقبل حالات مصابة بـ”كورونا”، لكن الإمكانيات الطبية المتوفرة فيه ضعيفة، كما يعمل الأطباء على تشخيص الحالات بناء على الأعراض لعدم توفر أجهز لتحليل المسحات الطبية.
وأضاف الطبيب الذي تحفظ على اسمه كونه لا يملك تصريحًا بالحديث لوسائل الإعلام، أن حالات عديدة استقبلها مستشفى “الكسرة” وشُخّصت بناء على الأعراض، بينما اكتفى الأطباء بكتابة وصفات طبية لعدم توفر العلاج داخل المستشفيات العامة أيضًا.
وبحسب الطبيب، طلبت إدارة المستشفى بشكل متكرر من لجنة الصحة التابعة لـ”الإدارة الذاتية” توفير أجهزة مسحات ولقاحات مضادة لـ”كورونا”، ولكنها لم تتلقَّ أي رد حتى اليوم.
نقص عام بالمستلزمات الطبية
الطبيب بكر السيد أحبش، متخصص بالأمراض الداخلية، ويعمل في عيادته الخاصة ببلدة الصعوة غربي دير الزور، قال لعنب بلدي، إن المستشفيات والمراكز الصحية لا تقدم العلاج لبعض الحالات، بسبب عدم توفر الأدوية الخاصة بها.
وأضاف أن المنطقة تعاني نقصًا في الأدوية والأجهزة الطبية بشكل عام بسبب نقص التمويل الذي أدى في نهاية المطاف إلى فقدان عديد من الكوادر الطبية.
وكان الطبيب بكر السيد أحبش قال في حديث سابق لعنب بلدي، إن إجمالي الأطباء بريف دير الزور العاملين في جميع الاختصاصات بلغ 250 طبيبًا مسجلًا لدى “الإدارة”.
وأوضح أن المنطقة لا تعاني قلة الكوادر والأجهزة فحسب، بل أيضًا نقص الأدوية، إضافة إلى وجود مشكلة في بعض المختبرات الطبية، لعدم توفر مسحات للكشف عن الفيروس.
الطبيب أحبش قال إنه يشرف على حالات لأشخاص مصابين بـ”كورونا” في ريف دير الزور الغربي، ومنهم من بدء بالتعافي منه بعد الخضوع للعلاج والحجر الصحي داخل المنزل.
وأضاف أن متابعة الحالات في المنزل صارت هي الحل الوحيد للحد من انتشار الفيروس بالمنطقة التي تندر فيها التجهيزات الطبية.
التوجه للصيادلة
سليمان هو صيدلاني في مدينة البصيرة بريف دير الزور الشرقي تحفظ على اسمه الكامل لأسباب أمنية، قال لعنب بلدي، إن الفيروس انتشر بشكل محدود مؤخرًا بين سكان المنطقة، إضافة إلى إصابات بالإنفلونزا الشديدة، وتطلبت الإصابات وصفات طبية مضاعفة عن تلك التي يأخذها المصاب بالإنفلونزا العادية.
وأضاف أن العلاج المنتشر للمصابين بـ”الإنفلونزا” أو “كورونا” في المنطقة يتم عبر حقن وريدية للمضادات الحيوية، في حين لا تتوفر أي لقاحات لـ”كورونا” بالمنطقة.
وأشار إلى أن بعض الحالات قد تتطلب عشر حقن متقطعة لمضادات الالتهاب، إضافة إلى الأدوية الخافضة للحرارة.
وفي خضم جائحة “كورونا” التي عصفت بدول العالم بين 2020 و2021، كان ريف دير الزور الشرقي يكاد يخلو من المراكز الصحية النشطة، وفق ما قاله ناشطون من أبناء المنطقة حينها لعنب بلدي، واقتصر تقديم المساعدة للمصابين على فرق متطوعة أو جهود شخصية لبعض السكان.