تنتشر في مخيم الطيب في كفر دريان شمالي غرب سوريا، العديد من الأمراض سببها قرب المخيم من مجرى أساسي مكشوف للصرف الصحي قادم من قرية كفر دريان، وعدم وجود قنوات للصرف الصحي خاصة بالمخيم.
واشتكى أهال بمخيم “الطيب” من الذين قابلتهم عنب بلدي، قرب خط الصرف الصحي القادم من القرية، وما سببه من انتشار للأمراض، والرائحة الكريهة، والذباب، والنفايات التي تطفو على وجه الصرف، وعدم تدخل السلطات لمعالجة المشكلة.
“الكوليرا واللشمانيا”
محمد المنصور (50 عامًا) مقيم في مخيم الطيب، جنوبي كفر دريان، قال لعنب بلدي، إن مرور خط أساسي للصرف الصحي شرقي المخيم، يؤثر سلبًا على صحة الأهالي وأطفال المخيم.
وأضاف أن أربعة من أبناء شقيقه المقيمين في المخيم أصيبوا بمرض الكوليرا، كما أن حبة السنة (اللشمانيا) تنتشر بين أفراد عائلته، والعائلات المحيطة.
وكان قد ناشد محمد المنظمات الإنسانية والجهات المختصة للتدخل لمعالجة مشكلة مرور الصرف الصحي، وتمديد صرف صحي خاص بالمخيم، مشيرًا إلى أن أهالي المخيم يقومون بحفر جور فنية كبديل عن الصرف الصحي، دون أن يلتمس من شكواه نتيجة.
وتعرف منظمة الصحة العالمية، داء الليشمانيات بأنه داء جلدي ينتقل عن طريق لسعات الحشرات الإناث المصابة بالعدوى من الفواصد (ذبابة الرمل)، وتنتقل الليشمانيا الكبيرة عبر الفاصدة الباباتاسية (ذبابة الرمل) أيضًا إلى الإنسان عن طريق القوارض واليرابيع (الجرابيع).
وينتشر في سورية نوعان من الليشمانيا هما المدارية والكبيرة، إضافة إلى ذبابة الرمل من نوع السراية.
محمود سيد، وهو من أهالي المخيم، قال لعنب بلدي، إن الحشرات القادمة من خط الصرف الصحي تنتشر داخل المخيم، الأمر الذي يتسبب بإصابة الأطفال بحبة السنة (اللشمانيا) خلال وجودهم في المساحات المكشوفة أثناء اللّعب.
وتابع، أن عدم وجود صرف صحي داخل المخيم، دافع الأهالي لحفر جور فنية بسعة مترين عرضًا ومتر طولًا، واضطرارهم لاستئجار شركات لشفطها كل أسبوع عبر آليات خاصة بالشفط ونقل المخلفات إلى خارج المخيم، وهي عملية مكلفة لأهالي المخيم.
واضطر محمود، بشكل متكرر، لنقل أطفاله للمستشفى بسبب الأمراض التي تصيب جهازهم التنفسي وتتسبب لهم بنوبات سعال حاد وضيق في التنفس، معربًا عن اعتقاده بأن سبب إصابتهم بهذه الأمراض سببه انتشار الروائح الكريهة المنبعثة من الصرف الصحي.
“الجرب” يضاف للقائمة
محمد واتار، طبيب في العيادة الداخلية في المركز الصحي في كفر دريان في محافظة إدلب، قال لعنب بلدي، إن السبب الرئيس لتفشي الأمراض بين المخيمات هو عدم وجود صرف صحي أو تصريف للمياه، أضافة لانتشار الحفر الفنية القريبة من الخيم ومرور السواقي بين الخيم.
وذكر الطبيب أن أكثر ما يأتيه من حالات، هو إصابات الجرب المتفشي بين العائلات داخل المخيم، إضافة إلى حالات الإصابة بحبة اللشمانيا.
وأرجع واتار السبب في انتشار الأمراض إلى قلة النظافة والمياه، وعدم وجود دورات مياه، وعدم الاغتسال بشكل جيد.
في فترة الصيف، لاحظ الطبيب انتشار اللشمانيا والكوليرا بين أهالي المخيم، وقام بتحويل العديد من الحالات التي اشتبه بإصابتها بالكوليرا إلى المستشفيات لاستكمال التحاليل المطلوبة.
وأضاف واتار أن الجهل الطبي بالمرض يزيد انتشاره، وأنه لاحظ خلال عمله في العديد من المخيمات بشكل عام، انتشار عدوى الجرب بشكل واسع، نتيجة اختلاط العائلات.
ملكية “خاصة”
قال مدير مخيم الطيب، سيد محمد السيد، لعنب بلدي، إن إدارة المخيم قامت بإعلام الجهات المسؤولة في مديرية حارم دائرة قورقانيا، والمنظمات الموجودة في شمالي غرب، بالمشكلة، وكان رد الجهات المسؤولة أن الأرض المقام عليها المخيم هي أرض خاصة، أي أن الأهالي هم من يدفعون ثمن إيجارها، وكون الأرض ملكيتها خاصة يصعب التدخل بها من قبل المنظمات والجهات الداعمة.
ومن جهته، قال رئيس قسم الورش في مديرية شؤون المخيمات في شمالي غرب سوريا، أيهم المحمد، لعنب بلدي، إن المديرية تعمل على تقييم احتياج مخيم الطيب والمخيمات المجاورة لحل مشكلة الصرف الصحي والبنى التحتية.
وتابع أن القسم قام، عدة مرات، بعرض واقع تلك المخيمات على الجهات الداعمة والمنفذة للمشاريع ولكن لم يتم تنفيذ أي مشروع يخدم أهالي تلك المخيمات، بسبب عائدة ملكية الأرض الخاصة، ما يعرقل تنفيذ المشاريع الخدمية من قبل الجهات الداعمة، بالإضافة لعدم وجود مصبات رئيسة قريبة للصرف الصحي.
وأكد أن مديرية شؤون المخيمات تعمل جاهدة إلى جانب شركائها في العمل الإنساني على وضع خطط مناسبة لإيصال مصب رئيسي للمنطقة خلال الفترات القادمة، بهدف تخديم المخيمات الموجودة.
“تفشي الكوليرا”
ذكر تقرير تابع لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، صدر في 15 من كانون الأول 2023 ، أن مجموع حالات الكوليرا المشتبه بها في مخيمات النازحين في شمال شرق سوريا والشمال الغربي بلغ 6561 حالة مشتبهًا بها، و7 حالات وفاة.
وفي إدلب بلغ عدد الحالات المشتبه بها 21033، وفي دير الزور 20671 حالة، ووصلت حالات الاشتباه بالإصابة في حلب إلى 1687، وسجلت الرقة 15284 حالة مشتبهًا بها.
حق أساسي
في تموز 2010، أعلنت الجمعية العامة في الأمم المتحدة أن الحصول على مياه الشرب الآمنة والنظيفة وخدمات الصرف الصحي أصبح ملزما قانونا، وأنه حق من حقوق الإنسان الأساسية.
وفي 13 من كانون الأول 2022، أجرى فريق الدفاع المدني دراسة شملت 929 مخيمًا يقطنها 1.393.128 نازحًا، 73% منهم من النساء والأطفال، بهدف تقييم أهم احتياجات مخيمات شمال غربي سوريا.
وكانت 84% من المخيمات المشمولة بالدراسة تفتقر للعوازل الأرضية، و75% منها تحتاج لتبحيص الأرضيات، ونسبة 47% منها بحاجة للصرف الصحي، و17% منها تحتاج لتوفير دورات المياه.
وأظهرت نتائج الدراسة أن نظام الصرف الصحي موجود ضمن 53% من المخيمات التي جرى تقيمها، وشمل نظام الصرف الصحي خط الصرف الصحي، وشوايات الصرف الصحي ضمن 26% من المخيمات، بحسب تقرير الدفاع المدني.
وذكرت الدراسة أن نظام الصرف الصحي في المخيمات اقتصر على كتل المراحيض والحمامات ضمن 27% من العينة، وضمن 47% من المخيمات لم يسجل وجود نظام صرف صحي، وفي 28% من المخيمات كان نظام الصرف الصحي قريبًا من المخيم، و19% منها كان يوجد مجرى مائي قريب منها.
اقرأ أيضًا: ريف إدلب..أهالي مخيم “كفر دريان” يشتكون من مكب النفايات