أسعار قياسية للحوم في إدلب.. قلة أعداد وتصدير للعراق
يشكو الجزار علي القاسم من تراجع إقبال الناس على شراء لحم الغنم بالعموم، واستعاضة الزبائن بشراء اللحوم البيضاء، خاصة الدجاج بعد ارتفاع أسعار اللحم إلى أرقام غير مسبوقة في إدلب.
وقال الجزار علي القاسم الذي يملك محلًا في مدينة إدلب، إنه كان يعتمد سابقًا على بيع لحم الفطائم بسبب الطلب عليها من قبل المواطنين لأن سعرها أقل من لحم الخروف، ويستطيع المواطن ذو الدخل المنخفض شراء كميات قليلة.
وذكر علي، خلال حديثه لعنب بلدي، بأن فئة كبيرة من المواطنين امتنعوا عن شراء اللحوم منذ زمن لعدم قدرتهم المالية.
ويبلغ سعر كيلو لحم الخروف 340 ليرة تركية، ولحم الغنم 320 ليرة، وكيلو لحم العجل من 210 إلى 270 ليرة تركية.
ارتفاع أسعار يبعد السلعة عن شريحة واسعة من السكان، في ظل ظروف معيشية واقتصادية متردية، ويبعث المخاوف لدى الجزارين من اضطرارهم لترك المهنة.
قبل الارتفاع مؤخرًا، تعد أسعار اللحوم الحمراء مرتفعة أصلًا وبعيدة عن متناول سكان المنطقة، إذ لا تتجاوز فيها أجرة العامل يوميًا من 60 إلى 100 ليرة (كل دولار أمريكي يعادل 29.5 ليرة تركية).
وتراجعت خلال الأعوام الماضية أعداد الأغنام في إدلب، بسبب قلة المراعي وارتفاع أسعار الأعلاف، وهجرة أصحاب المواشي لهذه المهنة والبحث عن بدائل أخرى كمصادر للرزق.
وانتشر الذبح الجائر لإناث الأغنام، ما أدى إلى تراجع أعدادها دون تعويض، وأسفر عن قلة العرض وارتفاع الأسعار، كما أدى تصدير الأغنام من المناطق الشرقية في سوريا إلى العراق إلى ارتفاع السعر أيضًا.
اللحم الحي غالٍ
ارتفعت أسعار الفطائم في إدلب بنسبة 30%، بينما ارتفع سعر الخروف بنسبة 20%، ما أدى لامتناع المزارعين ومربي المواشي عن ذبح الفطائم وبيعها للجزارين أملًا في الاستفادة من الإناث في تكاثر المواشي وتحقيق أرباح إضافية.
عمر جحجاح صاحب شركة “اطمئن” لتربية المواشي وتوزيع اللحوم، أرجع أسباب ارتفاع أسعار اللحوم في إدلب بالدرجة الأولى لتراجع أعداد الأغنام في المنطقة وقلة العرض، وارتفاع أسعار اللحوم في المناطق الشرقية من سوريا، والتي كان يعتمد عليها تجار اللحوم في توريد كميات كبيرة للمنطقة.
وذكر التاجر أن أسباب ارتفاع أسعار اللحوم في منبج بريف حلب حيث تسيطر “الإدارة الذاتية”، يعود لفتح باب التصدير من منبج والمناطق الشرقية إلى أربيل في العراق، حتى ارتفعت الأسعار بالمناطق الشرقية أيضًا.
وأضاف عمر أن سعر لحم الغنم الحي ارتفع في إدلب من 3.5 دولار أمريكي للكيلوغرام الواحد إلى 4.5 دولار، بينما وصل سعر الكيلو غرام في المناطق الشرقية إلى خمسة دولارات.
وأوضح التاجر أن ارتفاع أسعار اللحوم يعود مستقبلًا بالفائدة على المنطقة لأنها حفزت المزارعين على الامتناع عن ذبح الإناث لرغبتهم بتكثير أعداد المواشي.
سياسات ووعود
أصدرت حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب عدة قرارات بمنع ذبح الفطائم وبيعها في الأسواق، إلا أن هذه القرارات لم تمنع الذبح بالمطلق، وإن كانت حدت من حجم المشكلة، بحسب ما رصدته عنب بلدي.
رئيس دائرة الصحة الحيوانية في وزارة الزراعة بحكومة “الإنقاذ” الدكتور عبد الحي اليوسف قال لعنب بلدي إن الوزارة تعمل في الربع الأول من العام الحالي على إطلاق عدد من المشاريع التي تهدف للحفاظ على الثروة الحيوانية وحمايتها، ومنها مشروع التلقيح الصناعي لزيادة أعداد الأبقار في المنطقة بحيث يؤدي لتحسين السلالات المحلية.
وأضاف أنه من الخطط أيضًا الاستمرار بتأمين اللقاحات المجانية لوقاية الأبقار من الأمراض المعدية مثل (لقاح الحمى القلاعية)، و(لقاح الجلد العقدي الكتيل)، إضافة لإطلاق حملة ضد مرض جدري الأغنام، مع متابعة الرقابة على الأدوية البيطرية المدخلة للتأكد من نوعيتها وفاعليتها وكذلك معمل الأعلاف.
ولفت الدكتور إلى أن الوزارة وبالتعاون والتنسيق مع المنظمات العاملة في هذا الشأن تمكنت من تأمين 1500 طن من الأعلاف، ويجري توزيعها في الوقت الحالي بهدف تشجيع مربي المواشي على الاحتفاظ بمواشيهم وعدم ترك المهنة.
وأوضح الدكتور أن وزارة الزراعة والري تقوم بتنظيم إحصائيات سنوية لرؤوس الماشية ثم تجمع البيانات وتحللها، فإذا كان هناك حاجة لإدخال الأغنام يتم إدخالها وفق شهادات وإجراءات الحجر الصحي وإدخال العدد الذي يلبي حاجة السوق.
بدوره أوضح مسؤول العلاقات العامة في وزارة الاقتصاد والموارد، حمدو الجاسم، أن الوزارة تعمل على ضبط الذبح العشوائي للأغنام من خلال توحيد الذبح في المسالخ، إضافة لاعتماد أطباء بيطريين مختصين في جميع المسالخ، كما تعمل الرقابة التموينية على تسيير دوريات يومية على محال بيع القصابة لضبط أي حالة ذبح عشوائي واتخاذ ما يلزم.
وذكر حمدو أن ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء لأسباب عدة أبرزها منع “الإدارة الذاتية” تصدير المواشي باتجاه مناطق إدلب إضافة لتدهور قيمة الليرة التركية، وغلاء الأعلاف خلال الفترة الماضية، ما سبب نقصًا بأعداد المواشي خلال الأعوام السابقة نتيجة الذبح والابتعاد عن التربية.
ولفت الجاسم إلى أن انخفاض أسعار الأعلاف دفع مربي الماشية للتمسك بقطعانهم وتربيتها عوضًا عن الذبح ما قلل العرض بالسوق وأدى إلى رفع سعرها، مشيرًا إلى مساعي وزارة الاقتصاد والموارد لتأمين كميات من قطعان الماشية من شمال شرق سوريا بعد فتح مجال الاستيراد لتحقيق التوازن بالسوق المحلية.
اقرأ أيضًا: بعد القرار.. سوريا من الجوع نحو المجاعة
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :