استخدمت قوات النظام السوري خلال اليومين الماضيين أسلحة تحمل ذخائر حارقة خلال استهدافها مناطق حيوية مأهولة بالسكان في الشمال السوري، ما أسفر عن وقوع ضحايا وأضرار بالممتلكات.
ووثّق “الدفاع المدني السوري” في تقارير منفصلة استخدام قوات النظام ذخائر فرعية حارقة من طراز “ML-5” حملها صاروخ “9M22S”، أسفرت عن مقتل طفلة وإصابة 14 مدنيًا بينهم حالات حرجة في أقل من 24 ساعة.
وطال الاستهداف، في 6 و7 من كانون الثاني الحالي، المنطقة الصناعية بإدلب وأطراف المدينة الشرقية، وقرب مخيم “الشهداء” للمهجرين، وسوقًا شعبية ومنازل المدنيين وقرب مدرسة ثانوية في سرمين، بريف إدلب الشرقي.
ما صاروخ “9M22S”؟
هو صاروخ “غراد” عيار 122 ملم روسي الصنع، يحمل رأسًا حربيًا من طراز “9N510” كحاضنة تضم الذخائر الحارقة “ML-5″، وفق “الدفاع المدني“، وموقع “Cat-uxo“.
ويُطلق الصاروخ عبر نظام إطلاق الصواريخ المتعددة “BM-21 Grad”، ويصل مداه الأقصى إلى نحو 20 كيلومترًا.
وتتكون الذخائر التي يحملها الصاروخ من 180 عنصرًا حارقًا غير منفجر سداسي الشكل من نوع “ML-5″، وهذه الذخائر عبارة عن أكواب سداسية الشكل من مادة المغنيسيوم مملوءة بخليط من نوع الثرميت ومعبأة في مصفوفة داخل الرأس الحربي “9N510″، ولا تقل مدة اشتغال الذخائر عن دقيقتين.
وصُممت الذخائر الحارقة لتدمير القوى البشرية والمعدات من خلال إحداث حرائق جماعية، وتحقيق ضربات مباشرة، وهي فعالة في الطقس الحار والبارد.
وتُظهر الصور والتسجيلات المصورة أن الذخائر الحارقة تطير على شكل قوس وتنفجر في الهواء وتسقط.
أكثر من 120 حادثة
في سوريا، وثّقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أكثر من 120 حادثة استهداف بأسلحة حارقة من 2012 إلى 2018 على يد قوات النظام السوري وحليفتها روسيا، ووقعت في ست محافظات هي حلب، ودمشق، وريف دمشق، ودرعا، وحماة، وإدلب.
واعتبرت المنظمة أن الأسلحة الحارقة من الأشد قسوة في النزاعات المسلحة المعاصرة، وهي أسلحة تنتج حرارة ونارًا من خلال التفاعل الكيماوي لمادة قابلة للاشتعال، وتتسبب بمعاناة إنسانية فورية ولمدى الحياة بالإضافة إلى تدمير المنازل والمنشآت المدنية الأخرى.
ووثقت المنظمة في السنوات الـ15 الماضية استخدام الأسلحة الحارقة في أفغانستان، وغزة، والعراق، وسوريا، وأوكرانيا، واليمن، وذكرت أن روسيا وأوكرانيا تمتلكان أسلحة حارقة واستخدمتاها في نزاعات سابقة.
أضرار جسدية ونفسية
تتسبب الأسلحة الحارقة بحروق شديدة، تصل أحيانًا إلى العظام، ويمكن أن تسبب تلفًا للجهاز التنفسي، والتهابات، وصدمة، وتلفًا للأعضاء.
وبمرور الوقت، يؤدي التندب الواسع إلى شد الأنسجة العضلية وإحداث إعاقات جسدية، وتؤدي الصدمة الناتجة عن الهجوم، والعلاج المؤلم الذي يليه، والندوب المغيّرة للمظهر، إلى ضرر نفسي وإقصاء اجتماعي.
وتؤدي أوجه القصور في الرعاية الصحية المتاحة في أماكن النزاع المسلح إلى تفاقم العملية الصعبة أصلًا لعلاج الحروق الخطيرة، كما أن للإعاقات طويلة المدى، وتكلفة الرعاية الطبية، وفقدان الممتلكات المرتبط بالأسلحة الحارقة آثارًا اجتماعية واقتصادية سلبية.
نصائح
في كل مرة تتعرض فيها مناطق شمال غربي سوريا للقصف بمواد حارقة يكرر “الدفاع المدني” نصائحه وتوصياته حول كيفية التصرف والتعامل مع هذا النوع من الاستهدافات سواء قبيل القصف أو خلاله، ومن التوصيات قبل التعرض للقصف:
- إزالة جميع المواد القابلة للاشتعال من الأسطح وساحة المنزل.
- التأكد من أن عبوات الغاز مغلقة وفي مكان آمن.
- فصل التيار الكهربائي.
- التأكد من وضع المواد البترولية في مكان آمن.
- إغلاق النوافذ والأبواب الخارجية.
- البقاء في المنزل والابتعاد عن الجدران الخارجية والنوافذ والأبواب.
- اختيار مكان آمن ولا توجد فيه مواد قابلة للاشتعال (وقود، أقمشة، مفروشات، وغيرها).
وفي حال حدوث قصف بالمواد الحارقة يوصي “الدفاع المدني” بـ:
- عدم السير في الشوارع وخارج البيوت.
- عدم المبادرة إلى إطفاء القنابل الحارقة باستخدام المواد والمعدات المتوفرة، والابتعاد عنها وتركها مشتعلة حتى تنظفئ وحدها.
- تجنب استنشاق الدخان الناتج عنها، وإبعاد الأطفال فورًا ومغادرة المكان بأمان في حال الاستطاعة.
- عدم الاقتراب من الأجسام المسبوهة بعد القصف والإبلاغ عنها فورًا للفرق المختصة.
الأسلحة الحارقة في القانون الدولي الإنساني
تخضع الأسلحة الحارقة للبروتوكول الثالث الملحق باتفاقية الأسلحة التقليدية لعام 1980، ويسعى البروتوكول إلى حماية المدنيين والأعيان المدنية من خلال تنظيم استخدام الأسلحة الحارقة في “تجمعات المدنيين” وفي “الغابات وغيرها من أنواع الغطاء النباتي”.
ويحظر البروتوكول الثالث استخدام الأسلحة الحارقة التي تُسقَط من الجو في المناطق المأهولة بالسكان، ولكنه يسمح باستخدام أسلحة أرض-أرض في ظروف معينة.
وانتقدت “هيومن رايتس ووتش” البروتوكول الثالث، لأن جميع الأسلحة الحارقة تسبب نفس الآثار، لذلك يجب القضاء على “التمييز التعسفي الذي تخطاه الزمن”، وسيكون للحظر الكامل على الأسلحة الحارقة أكبر قدر من الفوائد الإنسانية.
وذكرت المنظمة أن واضعي البروتوكول الثالث ركّزوا على تنظيم الأسلحة الحارقة الأكثر إثارة للقلق في وقت التفاوض، وهي الأسلحة التي تُسقط جوًا والمصممة خصيصًا للحرق وإشعال النيران، لا سيما تلك التي تحتوي على “النابالم”، معتبرة أن هذا النطاق الضيق هو من إرث السبعينيات ولم يعد مناسبًا اليوم.
اقرأ أيضًا: شبح النزوح يعود إلى أذهان السكان شمال غربي سوريا
–