يشكو المهجر عبد الله العواد (43 عامًا) المقيم في مدينة إدلب من زيادة تكاليف المياه إثر توقف ضخها من الخطوط الرئيسة في المدينة، واضطرار الأهالي لشراء المياه عبر الصهاريج.
أوضح عبد الله أن توقف ضخ المياه عبر الشبكات الرئيسة مطلع العام الحالي فاقم معاناة الأهالي، وأضاف مصاريف مرهقة جديدة إلى جانب تكاليف مرتفعة للمعيشة، فأصغر عائلة تحتاج إلى سبعة براميل أسبوعيًا بقيمة 100 ليرة تركية، وبحساب بسيطة تحتاج الأسرة الصغيرة إلى 400 ليرة شهريًا كتكاليف تعبئة مياه.
وخلّف توقف مشروع ضخ المياه على المدينة المدعوم من منظمة “جول” الإنسانية، بداية العام الحالي، موجة قلق لدى الأهالي، وسبّب أزمة أدت غلى رفع أسعار خزان المياه سعة متر مكعب (خمسة براميل) من 50 ليرة تركية إلى 75 ليرة.
وشكا عدد من المواطنين ممن قابلتهم عنب بلدي استغلال أزمة توقف ضخ المياه من قبل أصحاب الصهاريج، الذين قاموا بدورهم برفع الأسعار، مطالبين بإيجاد حلول للمشكلة وإعادة الضخ.
وترهق مشكلة شراء المياه المواطنين ليس فقط بالنسبة لأسعارها، بل أيضًا لأمور تتعلق بصعوبة سحب الخراطيم من الصهاريج إلى الخزانات داخل المنازل وعلى الأسطح، وفق عبد الله.
بدوره، قال سالم قدور (55 عامًا) إن أزمة نقل المياه من الصهاريج إلى المنازل أرقت الأهالي في مدينة إدلب، وذكر مثالًا أنه يقيم في الطابق الرابع من البناء ويعاني “الديسك” وآلام الظهر، ولا يقوى على سحب الخرطوم، لذلك يضطر إلى دفع تكاليف إضافية لصاحب صهريج المياه حتى يقبل سحب الخرطوم إلى خزان المياه على سقيفة المطبخ.
طلب على الصهاريج دون رقابة
مع بداية أزمة توقف ضخ المياه ارتفع الطلب على الصهاريج بنسبة خمسة أضعاف عما كان في السابق، وسط غياب ضوابط لتحديد أسعار المياه في المدينة، وترك المسألة لقانون العرض والطلب ما أدى إلى ارتفاع الأسعار.
بسام شيخوني (50 عامًا) يملك صهريج مياه في مدينة إدلب، قال إنه كان يعمل على سيارة أجرة (تاكسي) قبل خروج النظام من مدينة إدلب 2015، وباعها ليشتري سيارة نقل وضع عليها خزانًا بسعة 23 برميلًا لبيع المياه في المدينة، إثر الطلب المتزايد على المياه، نتيجة توقف الضخ.
في عام 2017، دعمت منظمة “جول” مشروعًا لضخ المياه على مدينة إدلب، ما أدى إلى تراجع الطلب على الصهاريج من خمسة صهاريج يوميًا إلى صهريجين فقط، واعتمد أصحاب الصهاريج على تخديم خزانات المنطقة الصناعية بشكل أساسي لعدم ضخ المياه.
وأضاف بسام أنه بعد توقف ضخ المياه إلى مدينة إدلب مؤخرًا، ارتفع الطلب على صهاريج المياه من صهريج يوميًا داخل المدينة إلى خمسة صهاريج، وارتفعت مرابح أصحابها من 200 ليرة يوميًا إلى ما يزيد على 500 ليرة تركية.
وبحسب صاحب الصهريج، فإن سعر برميل المياه في المدينة يبلغ عشر ليرات تركية، إلا أن بعض أصحاب الصهاريج استغلوا الأزمة لرفع سعر البرميل إلى 15 ليرة تركية، معتبرًا أن التلاعب بالأسعار يعود لعدم وجود ضوابط لتحديدها.
وأشار بسام خلال حديثه لعنب بلدي إلى أن رفع الأسعار لم يتوقف على أصحاب الصهاريج، إنما من أصحاب مناهل المياه (الآبار التجارية) الذين قاموا بدورهم برفع الأسعار لعدة أسباب، منها ضعف الطاقة الشمسية، واضطرارهم لتشغيل المضخات على الكهرباء خلال فصل الشتاء، وأيضًا استغلال بعضهم الأزمة لتحقيق مرابح إضافية.
أحمد عبسي جقمور صاحب بئر مياه تجارية سعة 40 مترًا مكعبًا كان يخدم 50 صهريجًا يوميًا، وصار بعد الأزمة يلبي طلب 90 صهريجًا يوميًا، بسبب الطلب المتزايد.
قال أحمد، إنه حفر البئر قبل ست سنوات بعمق 450 مترًا بهدف تخديم مناشر الحجر التي يملكها في المنطقة الصناعية، وبيع الإضافي منها لأصحاب الصهاريج.
وبحسب أحمد، فإن أصحاب الآبار يبيعون كل متر مكعب من المياه (خمسة براميل) لأصحاب الصهاريج بعشر ليرات تركية، أي يبلغ سعر البرميل الواحد ليرتين، ويبيعونه بدورهم للمواطنين بعشر ليرات.
ويعتمد أصحاب الآبار على الطاقة الشمسية لسحب المياه من البئر، أما في المساء فيضطرون لتشغيل المضخات بالكهرباء وهي تكاليف إضافية، ما يجبرهم على بيع كل متر مكعب بـ12 ليرة تركية وهي سعر التكلفة، وفق أحمد.
حلول طويلة المدى
المهندس محمد جمال ديبان، نائب مدير مؤسسة المياه في حكومة “الإنقاذ” بإدلب، قال لعنب بلدي، إن منظمة “جول” أبلغتهم قبل نهاية عام 2023 عزمها وقف مشروع ضخ المياه إلى مدينة إدلب، وبدورهم كمؤسسة قاموا بعمل دراسات وتقديمها للمنظمات الإنسانية، وطلبوا منها المساعدة في إيصال المياه للأهالي.
وأضاف المهندس أن المؤسسة وضعت خططًا فنية وإدارية ومالية لإعادة ضخ المياه سواء شاركت المنظمات الإنسانية في تقديم المساعدة أو من خلال الاعتماد على المؤسسة نفسها.
وبحسب ديبان، تعتزم المؤسسة العامة للمياه تركيب عدادات مياه في مدينة إدلب وتقاسم العبء مع الأهالي في تحمل تكاليف ضخ المياه، لافتًا إلى أن هذه الخطة تصلح لحل المشكلة على المدى البعيد، لأن المشروع يتطلب الكثير من الوقت والجهد، أما في الوقت الحالي فستقوم المؤسسة بتحمل تكاليف ضخ المياه وفق القدرات المتاحة.
وذكر المهندس خلال حديثه لعنب بلدي أن المياه يحسب سعرها بالمتر المكعب، وسيتم تحديد أسعار المتر المكعب بعد تركيب العدادات ضمن التكلفة، معتبرًا أن حل المشكلة بشكل كامل يجب أن يتم من خلال التعاون بين الأهالي والمؤسسة لتأمين المياه بشكل مستدام.
وكانت تُضخ المياه مرة كل ثمانية أيام، وهو ما لا يكفي لسد حاجة السكان من الاستهلاك المنزلي خلال الأيام التالية، ويطلق سكان المنطقة على موعد إمداد حيّهم السكني بالماء “يوم المياه”.
اقرأ أيضًا: مرة كل ثمانية أيام.. تقنين المياه بمدينة إدلب يربك السكان
–