يشكو محمد من غياب أطفاله عن المدرسة بسبب انتقال عدوى الزكام من أحد التلاميذ في المدرسة إلى طفله البالغ من العمر عشر سنوات، وبدوره نقل العدوى إلى إخوته ما تسبب بتغيب جميع أبنائه عن دروسهم.
يعاني الأهالي في إدلب ظروفًا معيشية قاسية تنعكس بشكل سلبي على صحة أبنائهم في المدارس، لا سيما فيما يتعلق بضعف مناعتهم المرتبط بقلة التغذية وقلة العناية بالنظافة الشخصية وصعوبة توفير الدواء بسبب أسعاره المرتفعة، ما يجعل التلاميذ عرضة للمرض الذي يؤثر على تحصيلهم الدراسي.
محمد المسلماني (37 عامًا) مهجر يقيم في مدينة إدلب، ولديه ثلاثة أطفال في الحلقة التعليمية الأولى، وآخر في الروضة، أوضح لعنب بلدي أنه بمجرد عودة الأطفال إلى المنزل تتفقدهم العائلة للتأكد من عدم إصابتهم بالقمل أو الجرب أو أي عدوى.
واقترح محمد عدم السماح بدوام الأطفال المرضى في وقت تنتشر به الأمراض الموسمية، تجنبًا لانتقال العدوى إلى زملائهم، إذ أصيب أطفاله بالزكام ثلاث مرات خلال فصل الشتاء الحالي، ما أدى إلى تخلفهم عن العملية التعليمية وتراجع تحصيلهم الدراسي، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أهمية تعزيز سبل الوقاية في المدارس.
مشروع للصحة المدرسية
مسؤول برنامج الصحة في “الدفاع المدني السوري”، الدكتور مجد فحام، أوضح لعنب بلدي أن “الدفاع المدني” بدأ مشروعًا للصحة المدرسية في 33 مدرسة، موزعة على مناطق عزمارين ودركوش في إدلب، وترحين والشويحة بريف حلب الشرقي.
وبحسب الطبيب، يستمر المشروع لمدة 16 شهرًا بهدف تأمين رعاية صحية شاملة للطلاب في المدارس بفرق تابعة لـ”الدفاع المدني” مكونة من أطباء وممرضين وكوادر إسعاف وتوعية صحية، ومن المخطط زيادة نقاط تغطية المشروع خلال العام الحالي لتشمل مناطق جديدة في شمال غربي سوريا.
وأوضح الطبيب أن المشروع يتضمن خدمة العيادة المتنقلة، التي تشمل الفحص السريري من قبل طبيب مختص ثم خدمة الإحالة من خلال الإجراءات المتبعة لإحالة الحالات التي تحتاج إلى تدخل طبي متقدم للمستشفيات أو المراكز الصحية المتقدمة.
ويتضمن المشروع أيضًا توفير رعاية صحية شاملة للطلاب بمختلف مراحل تعليمهم المدرسي، والعمل على تأمين بيئة آمنة وصحية في المدارس للطلاب والمعلمين وجميع الموظفين المتعلقين بالمدرسة، والتوعية الصحية للطلاب والكوادر التعليمية، والمراقبة الطبية الدورية المنتظمة، بالإضافة إلى الوقاية من الأمراض عن طريق التشخيص المبكر والمعالجة الفعالة، وفق ما قاله المسؤول الطبي لدى “الدفاع المدني”.
وبحسب الطبيب، فهناك عمل جارٍ في سبيل رعاية الأطفال من ذوي الإعاقة وإحالتهم إلى مراكز خاصة، ويتم التعاون مع الكادر التدريسي لتقديم أفضل رعاية لهم إضافة إلى برنامج تدريب الإسعافات الأولية للكوادر التعليمية وأولياء الطلاب، وتوزيع حقائب إسعافية للمدارس وأدوات نظافة، وفحص مياه الشرب في المدارس وتوزيع أقراص كلور لتعقيمها ودعم وإعادة تأهيل البنية التحتية لعدد من المدارس.
الوعي الوقائي ضرورة
مدير مرسة “عزمارين” (حلقة أولى ذكور)، سامر الإسماعيل، بيّن وجود بعض الحالات المرضية في المدارس ممن لم تتمكن عائلاتهم من توفير الأدوية، وعلى وجه الخصوص الأطفال الأيتام، ما أدى إلى تفاقم الحالة.
وقال الإسماعيل، إن المعلمين في المدارس يحاولون ملاحظة المشكلات الصحية التي قد يعانيها الأطفال وإخبار الأهالي بها إما عن طريق توجيه رسائل لهم في دفاتر التلاميذ وإما بطلب الأهالي للقدوم إلى المدرسة.
مدير المدرسة أوضح أن المعلمين ليسوا على سوية واحدة في كشف المرض أو العدوى، كما أن الكشف فقط غير كافٍ دون تلقي العلاج اللازم، ما يستدعي العمل الحثيث على تدريب وتأهيل المعلمين في هذا المجال وتفعيل مشاريع الصحة المدرسية في المؤسسات التعليمية.
وأشار الإسماعيل إلى أن الوعي الوقائي خصوصًا فيما يتعلق بالأمراض المعدية والموسمية يخفف من انتشار الأمراض في أوساط التلاميذ وفترات غيابهم عن دروسهم.
للكشف المبكر
مسؤول برنامج الصحة في “الدفاع المدني السوري”، الدكتور مجد فحام، بيّن أن الهدف من المشروع الكشف المبكر عن المشكلات الصحية وتعزيز الوعي الصحي من خلال برامج الصحة المدرسية والتوعية بأهمية النظافة الشخصية والتغذية المتوازنة والنشاط البدني وغيرها من الممارسات الصحية الوقائية لتجنب الأمراض.
وأشار المسؤول الطبي في “الدفاع المدني” إلى أن المشروع يساعد في تحسين الأداء الأكاديمي للطلاب الأكثر صحة، فإذا كان لديهم وعي صحي جيد وتوفرت لديهم الرعاية الصحية اللازمة فسوف يكونون أكثر فعالية في الفصول الدراسية.
كما أن المشروع يعزز السلوك الإيجابي وبرامج الصحة المدرسية لتبني نمط حياة صحي مثل التغذية الصحية والنشاط البدني، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تعزيز السلوك الإيجابي بين الطلاب، وفق قول الطبيب لعنب بلدي.
اقرأ أيضًا: ربّات منزل بإدلب يحتلن على الظروف لتأمين طبق الطعام اليومي
–