في أرياف حلب، قرية صغيرة لم يسمع بها ربما سوى أهلها و”القرباط”، تدعى عنّابة، وهي قرية فقيرة ومتعبة وبائسة ومهملة حتى تكاد تخلو من التفاصيل اللازمة لبناء عمل روائي، كرواية “دفاتر القرباط”، للروائي السوري الراحل خالد خليفة.
لكن ذلك كله لم يحدّ من خيال خليفة في الرواية، التي تحكي عن شخصيات متعددة ومتعبة وحالمة ومغامرة في مجتمع قروي لديه جيران من “القرباط”.
صدرت الرواية عن دار “هاشيت- أنطوان” في 2020، وتتكون من 223 صفحة من القطع الكبير.
كتب خليفة، المولود في 1964، الرواية بين عامي 1993 و1996 وفق ما ذكره في الصفحة الأخيرة.
عامل السرد يلعب دورًا مهمًا لجذب القارئ حتى الحرف الأخير في “دفاتر القرباط”، لا حوارات تقطع مقاطع السرد الروائي، ولا إشارات تعجب ونقاط وإشارات استفهام، هناك سرد متتالٍ لأحداث ترتبط حينًا وتبتعد عن بعضها حينًا آخر، الصياغة تلعب دورها ليستمر القارئ بمتابعة السطور، مع تداخل الشخصيات وحكاياتها وآلامها.
الصفحات الأولى تُظهر أن الجميع في القرية متشابهون، رويدًا رويدًا يمكن اكتشاف أن هذا الأمر ليس صحيحًا، الاختلاف واضح، ما بين الجريء والحالم والشبق ومن أصابه الملل.
على عكس روايات أخرى، يعمد الكتاب لتقطيع النص بطريقة لا تنهك القارئ، مقطع سردي، ثم حوار، ثم وصف (على سبيل المثال)، لا يعتمد خليفة في روايته على هذا الأسلوب، الحوار غير منفصل، وكأنه جزء من الحياة اليومية التي يحكي عنها للسامعين.
تسير الحياة في القرية ببطء، لكن السرد والصياغة يجعلان الحكاية تمضي بسرعة، برع خليفة في تحويل تفاصيل البؤس إلى حكاية تروى بعين محب ومراقب.
وسط كل هذا التشابك والسرد المتتالي، فإن أبرز ما سيخرج به القارئ هو رواية عاطفية من شخص عاشق لقرية بسيطة وبائسة، صورها الراوي بكل حماسة.
ولخالد خليفة روايات أخرى بينها “لم يصلِّ عليهم أحد”، وصدرت عام 2019، ودخلت في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2020.
ورواية “لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة” الحاصلة على جائزة “نجيب محفوظ” للرواية، ووصلت أيضًا إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية، وتدور أحداثها في مدينة حلب، راصدة التغيرات التي تركها انقلاب “البعث” على الحياة العامة والخاصة.
ومن أعماله الروائية “حارس الخديعة”، و”الموت عمل شاق”.
كما كتب خالد خليفة سيناريوهات عدة مسلسلات، منها “سيرة آل الجلالي”، و“ظل امرأة” الصادر عام 2007، والجزء الثاني من مسلسل “العراب- نادي الشرق”.
وعُرف الكاتب الراحل بتوجه سياسي معارض للنظام السوري، إذ اعتبر أن ما تعيشه سوريا منذ عام 2011 ثورة لا “حرب أهلية”.