عنب بلدي – رأس العين
تشهد مدينة رأس العين، شمال شرقي سوريا، أزمة حادة في قطع صيانة الأجهزة الإلكترونية والكهربائية، ما ترك أنواعًا من المقتنيات الإلكترونية للسكان معطلة لأسباب بسيطة.
الأعطال نفسها لا حلول لها بمتناول اليد رغم بساطتها، ما يدفع السكان للتوجه نحو شراء أدوات جديدة، وتكبد خسائر مادية.
وتلعب الظروف الجغرافية لمدينة رأس العين دورًا رئيسًا في حالة النقص التي تعانيها فيما يتعلق بمنتجات مختلفة، وقطع الصيانة جزء منها، إذ تدير تركيا المنطقة، وتسيطر “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على جميع المناطق المحيطة بها، ولا منفذ لها نحو الخارج سوى الحدود التركية.
زيادة في التكاليف
قتادة المرزوق، وهو من سكان مدينة رأس العين، قال لعنب بلدي، إنه وآخرين يضطرون إلى شراء أجهزة جديدة بدلًا من إصلاح الأجهزة القديمة لعدم وجود قطع غيار في المنطقة.
وأضاف أن تلفازه القديم كان يعمل بشكل جيد، ولكنه تعطل بسبب مشكلة بسيطة، ولا تبلغ تكلفة إصلاحه أكثر من عشرة دولارات أمريكية، لكنه لم يتمكن من إصلاحه لعدم توفر قطع الغيار.
اضطر قتادة للبحث عن تلفاز جديد، ولكنه لم يتمكن من شرائه بسبب ارتفاع سعره، ما دفعه للاستغناء عن فكرة اقتناء تلفاز، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
من جانبها، أبدت هناء القريط استياءها من نقص قطع الغيار في الأسواق، ما يجبر الناس على شراء أجهزة جديدة بأسعار مرتفعة، كما حدث مع آلة غسل الملابس (غسالة) في منزلها مؤخرًا.
وأوضحت أن الآلة كانت تعمل بشكل جيد، ولكنها تعطلت بسبب كسر في أحد أجزاء المحرك.
أحد متخصصي الصيانة في المدينة أبلغها أن تكلفة إصلاح الغسالة لا تتجاوز 20 دولارًا في حال توفر قطع مناسبة، ولم يتمكن من تأمينها لعدم توفرها في أسواق المدينة، كما لم يتمكن من إصلاح الآلة.
واضطرت هناء لشراء آلة غسل جديدة بسعر 250 دولارًا أمريكيًا، بحسب ما قالته لعنب بلدي، وأضافت أن الأمر شكل عبئًا على ميزانية الأسرة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي فرضت نفسها على السوريين.
البحث عن بدائل
عادل صلاح الدين، وهو تاجر ومالك مستودع لقطع الصيانة في مدينة رأس العين، قال لعنب بلدي، إن قلة قطع الصيانة في المدينة تكبد السكان خسائر مادية إضافية، إذ لا يوجد في المنطقة معبر تجاري رسمي لإمداد أسواق المدينة بحاجياتها.
وأضاف أن الوصول إلى قطع الصيانة من المناطق المحاذية لرأس العين، كالرقة والحسكة، بالغ الصعوبة، في الوقت الذي تعتبر فيه حدود رأس العين وتل أبيض جبهات قتال.
وأضاف التاجر أن وصول قطع الغيار من الجانب التركي ممكن، لكن تكلفتها أعلى بكثير من المناطق السورية، ما يرفع أسعارها في السوق المحلية.
وأوضح أن التجار يعملون على بدائل، إذ يجري التواصل مع تجار في تركيا لتوفير هذه المواد من الدول المصدرة (ترانزيت) وبأسعار تناسب محال الصيانة والسكان أيضًا، عبر معبر “تل أبيض” الحدودي مع تركيا، منذ مطلع الشهر المقبل.
اقتصاد “هش”
تعتمد مدينة رأس العين شمالي سوريا على الزراعة والثروة الحيوانية بشكل رئيس، حيث لا تتوفر أي مصانع أو شركات إنتاج.
ومنذ سيطرة النظام السوري على المنطقة قبل عام 2011، لم تفتتح فيها أي معامل لإنتاج قطع الصيانة أو صناعات أخرى.
ومنذ أكثر من 30 عامًا، ظلت المنطقة محصورة بالنشاط الزراعي والحيواني، وتشكل الزراعة والثروة الحيوانية مصدر الرزق الرئيس لمعظم سكان المدينة، إذ يعتمد نحو 90% من السكان على هذه القطاعات بشكل مباشر أو غير مباشر.
وتظهر مدينة رأس العين على شكل جيب صغير محاذٍ للحدود التركية داخل منطقة جغرافية واسعة تسيطر عليها “قسد”.
وتعتبر حدود مناطق سيطرة “الجيش الوطني” من رأس العين وصولًا إلى تل أبيض خطوط جبهات مع “قسد”، لا تتوفر فيها المعابر التجارية والإنسانية، ما جعل من المنطقة محاصرة بالكامل.
وتسبب الحصار الجغرافي على المنطقة بنقص مواد أولية من الأسواق، وتشكل خطوط التهريب مصدرًا لتغذية الأسواق فيها، إضافة إلى الواردات القادمة من تركيا عبر معبر “تل أبيض” الحدودي.