في حال العودة
تركيا.. ما الإجراءات القانونية لاستعادة “الكملك” بعد الترحيل
يخسر اللاجئ السوري الخاضع لـ”الحماية المؤقتة” حق اللجوء في تركيا، في حال وقع على أوراق “العودة الطوعية” إن كان بإراداته أو بالإجبار، ويعاد عبر المعابر الحدودية إلى الأراضي السورية، ليسجل ضمن “العائدين طوعًا”، وسط اتهامات من منظمات حقوقية لتركيا بإجبار اللاجئين السوريين على توقيع استمارات “العودة الطوعية”، واعتقالهم من منازلهم وتعذبيهم في مراكز الاحتجاز.
ويحاول بعضهم الدخول إلى تركيا بطرق “غير قانونية” بعد ترحيلهم وخسارة بطاقة “الحماية المؤقتة” من المناطق الحدودية السورية- التركية، لدوافع تختلف بحسب ظروف الشخص، لتبدأ عملية البحث عن طرق قانونية لاسترجاع “الكملك”.
تبحث عنب بلدي في هذا التقرير الطرق القانونية التي يجب اتباعها لاسترجاع المرحل بطاقة “الحماية المؤقتة”، وتعرض قصصًا للاجئين رُحّلوا من تركيا وعادوا بطرق “غير قانونية” دون تمكنهم من استعادة حق اللجوء.
محاولات دون فائدة
تواصلت عنب بلدي مع لاجئين سوريين عاشوا تجربة الترحيل رغم امتلاكهم أوراقًا قانونية، وقال أحدهم إنه وقع على أوراق “العودة الطوعية” دون قراءة محتواها، بينما قال آخر إنه لم يوقع على أوراق “العودة الطوعية”.
لاجئ سوري يدعى وسيم (رفض ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية)، قال لعنب بلدي، إنه ألقي القبض عليه من الحرس الحدودي التركي في حزيران 2019، في أثناء محاولته الهجرة إلى أوروبا من مدينة أدرنة التركية، وبقي في مخفر حدودي لمدة أسبوع.
وعند نقله إلى مركز آخر، طلبت منه موظفة توقيع ورقة نصها غير ظاهر مع رفضها إظهاره بحجة أن الأوراق “روتينية” ليوافق على طلبها ويفاجأ بعد ساعات بقرار ترحيله إلى سوريا عبر معبر “باب الهوى”، وفق ما قاله لعنب بلدي.
حاول وسيم، المقيم في اسطنبول، بعد عودته إلى تركيا بعام ونصف، توكيل محامٍ وتقديم طلب لمديرية الهجرة في اسطنبول لاستعادة “الكملك”، وبعد عدة مراجعات أجراها في مديرية الهجرة، أحضرت الموظفة “كملك” الشاب دون التسليم، لوجود محكمة إدارية بحقه بسبب “كود” لم يعرف ما هو.
وسيم قال لعنب بلدي، إنه وصل إلى حالة من اليأس من استرجاع “الكملك”، بعد تواصله مع المحامي الذي شرح فوات الأوان وعدم القدرة على المساعدة، وأنه كان يجب تقديم طعن بقرار الترحيل ضمن الأيام السبعة الأولى من صدوره.
قصة وسيم تختلف عن تجربة محمد (39 عامًا)، الذي تعرض للترحيل بعد تقديم شكوى ضده من قبل زوجته في مديرية “aile şiddet” (العنف الأسري) التي طلبت منه تقديم الإفادة، وحولته إلى المخفر كونه من الخاضعين لنظام “الحماية المؤقتة”، وخلال وجوده سحبت زوجته الشكوى المقدمة بحقه، إلا أنهم لم يخلوا سبيله وبقي ثلاثة أيام في المخفر، لينقل لعدة مراكز ترحيل آخرها في مدينة أورفة التركية.
رُحّل محمد (الذي تحفظ على ذكر اسمه الكامل لمخاوفه الأمنية) في 31 من أيار 2023، إلى شمال غربي سوريا، دون الاطلاع على ملفه القانوني أو التحقيق معه من قبل المسؤولين في المركز، مؤكدًا عدم توقيعه إلا على أوراق دخوله إلى مركز دائرة الهجرة في أورفة، ولم يوقع على استمارة “العودة الطوعية” قطعًا ولكن عند ترحيله سُلّم ورقة تفيد بطلبه العودة “طوعًا” إلى سوريا، وفقًا لحديثه.
بعد بقاء محمد قرابة سبعة أشهر في سوريا عاد لمدينة اسطنبول حيث تقيم عائلته، ولكن لم يتجرأ على تقديم طلب لمديرية الهجرة بإلغاء بند “العودة الطوعية” وتفعيل “الحماية المؤقتة” من جديد، خوفًا من القبض عليه وبسبب وجود عدة “أكواد” وضعت على اسمه.
يحاول اللاجئ محمد أن يزيل “الأكواد” ولكن بطريقة “غير قانونية” عن طريق سماسرة، وهذا ما يجعله مترددًا بالإضافة إلى تكلفتها المادية الكبيرة التي تتجاوز 2500 دولار أمريكي، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
ما الطرق القانونية
المحامي في نقابة المحامين التركية بولاية غازي عينتاب مصطفى بايرلي، قال لعنب بلدي، إن الحكومة التركية عند إرسالها اللاجئ إلى سوريا يعتبر الشخص غير مرحل قانونيًا، بسبب منع ترحيل اللاجئ السوري “قسرًا” إلى سوريا.
وتابع المحامي أنه في حال رُحّل اللاجئ “قسرًا” يسجل تحت بند “العودة الطوعية”، لتوقيعه على أوراق “العودة الطوعية”.
عند ترحيل اللاجئ أو مغادرته الأراضي التركية، يطبّق بحقه كود “V-87” (العودة الطوعية)، وبناء على ذلك إذا عاد الشخص إلى تركيا بطريقة “غير شرعية” وأراد استخراج “كملك”، يجب أن يقدم طلبًا لمديرية الهجرة بإلغاء بند “العودة الطوعية” لبدء الخطوات في إعادة تفعيل “الحماية المؤقتة”.
بعد تقديم الطلب يجب الانتظار مدة 30 يومًا، ومن الممكن أن تعاد “الكملك” بعدها، وفي حال رُفض طلبه تأتي المرحلة التالية، ليرفع اللاجئ دعوى بالمحكمة الإدارية، مع إثبات وجود عائلته وأقربائه من الدرجة الأولى في تركيا من خلال تقديم الوثائق والأوراق القانونية اللازمة، وفي حال إقناع المحلفين بالمحكمة (هيئة القضاة) تعود “الكملك” إلى الشخص، وفقًا للمحامي.
“v-87” هو رمز يطبق بحق السوريين المقيمين في تركيا ويحملون بطاقة “الحماية المؤقتة”، في حال عودتهم عودة طوعية إلى سوريا، أو توقيعهم أوراق العودة الطوعية.
وتابع المحامي بايرلي أن تقديم “دليكشا” إلى رئاسة الهجرة التركية في العاصمة التركية أنقرة لاستعادة بطاقة “الحماية المؤقتة” “غير مفيد” سوى بما يخص “الأكواد” الأمنية المفروضة عليه، والتي توضع من المركز في أنقرة.
وأوضح المحامي لعنب بلدي أنه في تركيا يوجد ما يسمى “Taşra Teşkilatı” (التنظيم الإداري)، وهي المؤسسات الإدارية الموجودة في الولايات، ووفقًا لذلك يجب على اللاجئ أن يقدم الطلب في مديرية الهجرة بالولاية التي منحته “الكملك” وليس في رئاسة الهجرة، مشيرًا إلى أن التواصل مع رئاسة الهجرة التركية في العاصمة أنقرة عوضًا عن مديرية الهجرة في المدينة المانحة لـ”الكملك” يعتبر “مخالفًا للأصول”.
“الدليكشا” عبارة عن وثيقة يشرح فيها الشخص وضعه القانوني أو حالته الإنسانية، وترفق معها الوثائق الداعمة، وفي حال طلب استعادة “الكملك” يمكن مثلًا إرفاق “كمالك” أفراد العائلة المقيمين في تركيا ودفتر العائلة وغيرها من الأوراق الداعمة، بحسب المحامي.
وعن طريقة تقديم “طلب استرحام”، أفاد المحامي لعنب بلدي أنه توجد شروط للتقديم، هي وجود الرقم الوطني والعنوان ورقم التواصل والبريد الإلكتروني والاسم والكنية، بالإضافة إلى توقيع وصورة “كملك” صاحب الطلب.
ويقيم في تركيا 3 ملايين و214 ألفًا و780 سوريًا، خاضعين لبند “الحماية المؤقتة”، بحسب الإحصائيات الرسمية في “رئاسة الهجرة التركية“.
تسوية قانونية
مديرة التواصل في اللجنة السورية- التركية المشتركة، إناس النجار، قالت لعنب بلدي، إن اللجنة بدورها تعمل على متابعة الأشخاص الذين رحلوا “قسرًا” أو عن طريق الخطأ، ويمكن للاجئ التواصل مع اللجنة لدراسة أوضاعه والطريقة التي رُحّل فيها إما بالخطأ أو نتيجة مشكلة بالأوراق القانونية.
وأوضحت إناس النجار أن الهجرة التركية خلال الحملة الأمنية الأخيرة رحلت أشخاصًا ولم تتم إعادتهم لوجود “أكواد” أو مشكلات قانونية في سجلاتهم.
وتعمل “اللجنة السورية التركية المشتركة”، في الوقت الحالي على دعم الحالات التي لا تستوجب الترحيل بل التسوية القانونية، وأرسلت نموذجًا لوزارة الداخلية التركية ورئاسة الهجرة يضم حالات عدة تحتاج إلى التسوية، دون الحديث عن النتائج التي تم التوصل إليها.
التسوية القانونية لشخص تمتلك جميع أفراد عائلته من الدرجة الأولى بطاقات “الحماية المؤقتة” ضرورية، وكانت بين الحالات المطروحة في النموذج الذي أرسلته اللجنة، بحسب النجار.
وأِشارت مديرة التواصل إلى أن بعض وسائل الإعلام عند نقلها أخبار ترحيل اللاجئين السوريين في تركيا، تنقلها دون معرفة السبب الرئيس للترحيل.
وبشأن الحصول على “الكملك” مرة أخرى، أكدت النجار ضرورة متابعة الشخص الذي يعود إلى تركيا أموره القانونية بالمحاكم الإدارية مع محامٍ، وتقديم طلب إلى مديرية الهجرة التركية غير كافٍ في حال وجود “أكواد” بسجل اللاجئ وخاصة أنها تستوجب بأغلبيتها حكم محكمة.
“أكواد” التقييد هي رموز تطبّق على سجلات الأجانب المقيمين في تركيا، وتوضح عدة حالات، هي: تبليغ الأجنبي في بعض الحالات، أو الإشارة إلى سبب منع الدخول إلى البلاد، أو إخطاره بسبب الترحيل في حالات أخرى، بحسب مكتب “MIHCI” الحقوقي.
وتختلف أسباب تعيين هذه الرموز باختلاف الحالات، وتتفاوت مدة بقاء الرموز في سجل الأجنبي، بالنظر إلى أهمية الإجراء المتخذ بحقه.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :