أين وصلت محاكمة الطبيب علاء موسى في ألمانيا
بدأت في 19 من كانون الأول 2022، أولى جلسات محاكمة الطبيب السوري، علاء موسى، أمام محكمة فرانكفورت الإقليمية العليا غربي ألمانيا، ولازالت مستمرة حتى الآن إذ جرت 103 جلسات، استمعت خلالها المحكمة لأكثر من ثمانية شهود ومدعين، وإلى خبراء في القانون والطب الشرعي والمحققين الذين حققوا في القضية، بحسب ما قاله المحامي ميشال شماس، المهتم بقضايا المعتقلين في سجون النظام السوري، لعنب بلدي.
وألقت الشرطة الألمانية في 19 من حزيران 2020، القبض على الطبيب موسى، المتهم بتعذيب المعتقلين وحرق أعضائهم التناسلية خلال عمله طبيبًا في سوريا.
المحامي ميشال، والمتابع للقضية، قال لعنب بلدي، إن محاكمة الطبيب علاء موسى لها خصوصية، باعتبار أن المتهم ليس شخصًا عاديًا ولا عنصر مخابرات، بل طبيبًا مهمته تخفيف ألم المرضى ومساعدتهم على الشفاء وليس تعذيبهم وقتلهم.
ونظرًا لخطورة الاتهامات الموجهة له لكونه طبيبًا، والظروف المحيطة بالمحاكمة، وتدخل النظام السوري فيها دعمًا للمتهم وترهيبًا للشهود، فإن محكمة المتهم علاء موسى، تدقق في الكثير من التفاصيل، وهو ما جعل مدتها طويلة، بحسب ما قاله المحامي شماس، في مقطع مرئي، على صفحته في “يوتيوب“.
شماس رجح لعنب بلدي، أن ينال المتهم حكمًا بالسجن المؤبد “المشدد”، كما حصل مع المحكوم عليه، موفق دواه، والذي صدقت على حكمه المحكمة الاتحادية.
وصدّقت المحكمة الاتحادية الألمانية، الثلاثاء 19 من كانون الأول 2023، الحكم الذي أصدرته المحكمة الإقليمية في برلين خلال شباط الماضي، بالسجن المشدد مدى الحياة بحق “موفق دواه”، وهو فلسطيني-سوري، متهم بتنفيذ مجزرة “الريجة” وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في مخيم “اليرموك” في سوريا.
ويحاكم الطبيب علاء موسى في ألمانيا بموجب مبدأ “الولاية القضائية العالمية”، وأحيل للمحاكمة بعد أن وجه له الادعاء الألماني 18 تهمة بينها التعذيب والقتل.
طبيب وعميل “للمخابرات”
وعمل علاء طبيبًا في سجن لـ”المخابرات العسكرية” بمدينة حمص عام 2011، كما عمل طبيبًا وعميلًا في جهاز المخابرات بمستشفى “المزة العسكري” رقم “60” المعروف باسم “المسلخ البشري”، حيث التُقطت صور “قيصر”.
ويعود اسم “قيصر” إلى الضابط السوري المنشق عن النظام السوري، الذي سرّب 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل عام 2014، قُتلوا تحت التعذيب، أكد مكتب التحقيق الفيدرالي (FBI) صحتها، وأثارت الرأي العام العالمي حينها.
ويعتبر الطبيب موسى ضالعًا في العنف الجنسي، والتعذيب، وقتل مدنيين في المستشفى العسكري وفرع “المخابرات العسكرية” في حمص.
وورد في أمر توقيف الطبيب، أنه في نهاية نيسان 2011، بدأت قوات النظام السوري باستخدام “القوة الوحشية” لقمع جميع أشكال الحراك المناهض لسياسة النظام، ولعبت المخابرات السورية حينها دورًا أساسيًا في ذلك، وكان الهدف وقف الحركة الاحتجاجية بمساعدة من المخابرات في أسرع وقت ممكن وتخويف السكان.
ولهذه الغاية، ألقي القبض على شخصيات معارضة، واحتُجزوا وعُذبوا وقُتلوا في جميع أنحاء سوريا، بحسب بيان أمر التوقيف.
وفي فترة عمله طبيبًا في سجن للمخابرات العسكرية بمدينة حمص عام 2011، بين 23 من تشرين الأول إلى 16 من تشرين الثاني 2011، تعرّض أحد المعتقلين المحتجز لمشاركته في مظاهرة (يدعى محمود من مدينة حمص)، لجلسة تعذيب، ثم أُصيب بنوبة صرع، وطلب أحد زملائه المعتقلين من أحد الحراس إبلاغ الطبيب، وبعد وصوله قام موسى بضرب المعتقل بأنبوب بلاستيكي، واستمر في ضربه وركله على رأسه.
وفي اليوم التالي من تلك الواقعة، تدهورت صحة المحتجز، فطلب أحد المعتقلين الرعاية الطبية، وبدلًا من علاجه عاد موسى هذه المرة برفقة طبيب آخر من السجن، وضربا المحتجز المصاب بنوبة صرع بأنبوب بلاستيكي، ولم يعد يستطيع المشي، حتى فقد وعيه، ثم وضع عدة حراس المحتجز المصاب في بطانية ونقلوه بعيدًا حتى موته.
ومع بداية ملاحقته ومواجهته بالجرائم التي ارتكبها، دافع موسى عن نفسه، نافيًا ما اتُّهم به.
محاكم لم تصدر حكمها بعد
سبق أن قبض على عديد من المشتبه بهم بارتكاب جرائم حرب في سوريا، وخاصة في ألمانيا وهولندا وفرنسا، إذ اعتقل ما لا يقل عن عشرة أشخاص من طالبي اللجوء السوريين في هولندا خلال السنوات الأخيرة.
ورفض المقاتل في ميليشيا “لواء القدس” “مصطفى أ.” الرد على أسئلة قضاة التحقيق الهولندي، بشأن ضلوعه في اعتقال وتعذيب شخصين على الأقل في سوريا عام 2012 في أولى جلسات محاكمته، في 30 من تشرين الثاني 2023، بحسب ما نقلته وكالة “رويترز“.
ويواجه مصطفى أ. (35 عامًا)، اعتقل من مدينة كيركراد الهولندية في أيار 2022، تهمًا بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أخرى لاعتقاله شخصين على الأقل وتسليمهما إلى “المخابرات الجوية” في النظام السوري.
وهذه هي أول محاكمة هولندية بجرائم حرب لمشتبه به متهم بالقتال إلى جانب النظام السوري.
ووفقًا للادعاء، كان مصطفى عنصرًا قياديًا في “لواء القدس” (ميليشيا مكونة في معظمها من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في سوريا، وتأسست خلال السنوات الأولى من الحرب السورية التي استمرت 12 عامًا).
وتمسك المتهم بحقه في التزام الصمت، على الرغم من سؤاله عدة مرات عن رده على التهم والتحقيقات التي أجرتها مع الشرطة والمكالمات الهاتفية التي جرى اعتراضها.
وبدأت فرنسا في نيسان 2023 بمحاكمة ثلاثة من كبار المسؤولين في النظام السوري بتهمة التواطؤ بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وهم: مدير مكتب “الأمن الوطني”، علي مملوك، والرئيس السابق لـ”المخابرات الجوية” السورية، جميل حسن، بالإضافة إلى المسؤول عن فرع التحقيق في “المخابرات الجوية” بمطار “المزة” العسكري بدمشق، عبد السلام محمود.
ويحاكَم المسؤولون الثلاثة لضلوعهم بجرائم ضد الإنسانية في قضية “عائلة الدباغ” كما درجت تسميتها، وفقًا لمعايير “الولاية القضائية الممتدة”، التي مفادها أن تقع الجريمة خارج الإقليم الفرنسي، ولكن أحد أطراف الدعوى (الضحية أو الجاني) يحمل الجنسية الفرنسية، كما هي الحال في قضية “عائلة الدباغ”.
وترمز قضية “عائلة الدباغ” إلى حادثة اعتقال باتريك عبد القادر الدباغ ووالده مازن الدباغ عام 2013، وهما يحملان الجنسيتين السورية والفرنسية، من منزلهما في دمشق على يد “المخابرات الجوية” السورية.
وبحسب الشهود، اقتيد الأب وابنه إلى مركز احتجاز في مطار “المزة” العسكري الذي تديره “المخابرات الجوية”، ويعتبر أبرز معاقل النظام السوري بعد سجني “تدمر” و”صيدنايا”.
وفي عام 2018، تلقت عائلة الدباغ إخطارًا رسميًا بوفاة باتريك عبد القادر ومازن الدباغ، ووفقًا للوثائق التي تلقتها عائلة الدباغ، توفي باتريك في كانون الثاني 2014، بعد فترة وجيزة من اعتقاله، بينما توفي والده مازن بعد نحو أربع سنوات، في تشرين الثاني 2017.
دفع ذلك الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH) ومنظمتها العضو في فرنسا، الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان (LDH)، مع عبيدة الدباغ (شقيق مازن الدباغ) وبدعم فعال من “المركز السوري للإعلام”، لإحالة القضية إلى وحدة جرائم الحرب الفرنسية، في تشرين الأول 2016.
وفي تشرين الثاني 2016، فتح المدعي العام تحقيقًا قضائيًا، وتم تعيين ثلاثة قضاة تحقيق للتحقيق في القضية، ليبدأ عبيدة الدباغ بإدلاء شهادته كطرف مدني بالقضية، تلا ذلك صدور مذكرة توقيف بحق المسؤولين في 2018.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :