تعا تفرج
الشبيح القلاب
خطيب بدلة
العقل الخلاط، الذي تحدثت عنه بزاوية “تعا تفرج”، في 22 من تشرين الأول 2023، هو الذي ينتج “الشبيح القَلّاب”. الوصول إلى سر العلاقة بين هذين النموذجين ليس صعبًا، فالشخص الذي يكره إيران وحسن نصر الله، مثلًا، ويهجوهما، إذا بدأ عقله بخلط الماء بالزيت، تراه يحبهما فجأة، ثم يترجم هذا الحب إلى دفاع مستميت عنهما، وفي خاتمة المطاف يصبح ممن يشبحون لهما!
وللأمانة، ولكيلا نظلم هذا الإنسان ذا العقل المضطرب، نشير إلى أن الحق كله على القضية. أي قضية؟ نحن لا نعلم، وهو كذلك لا يعلم، لأنها تتغير، ففي الأحوال العادية تتلخص قضيته في أنه مسلم، وتأتيه النصائح من كل حدب وصوب، بأن يحذر من اليهود والنصارى، وإذا اضطر لمعاملتهم بالحسنى، في بعض الأحيان، لا يجوز له أن يتمادى فيهنئهم بأعيادهم، أو يترحم على موتاهم، وإذا أجبرته الظروف على اللجوء في بلادهم، يجب عليه أن يسايرهم، ويستفيد من ديمقراطيتهم وتسامحهم، وعندما تسنح له الفرصة يعبر لهم عن كراهيته، ويحاول إخضاعهم.
وتكون قضيته، في كثير من الأحيان، داخلية، يعني داخل الدين نفسه، فهو شيعي، لا يجوز له أن يحب السنّي، أو سنّي، لا يأمن لشيعي أو نصيري أو درزي أو إسماعيلي، وعندما أتاه خبر، في سنة 1979، بأن ملالي الشيعة استولوا على الحكم في إيران، وأنهم يريدون تصدير مذهبهم إلى بلاد السنّة، ارتفع لديه معدل الحيطة، والحذر، ودخل معهم في صراع شرس، وراح يدافع مستميتًا عن صحابة عاشوا قبل 1400 سنة، ويهاجم صحابة آخرين عاشوا في الفترة ذاتها، وقام أهل السنة بإحداث فضائيات، مولوها بملايين الدولارات، لمواجهة خطر الشيعة، وافتتح الإيرانيون فضائيات مماثلة، لدحر أولئك “النواصب”، واستمرت الحرب الإعلامية حتى ربيع 2003، حينما سقط صدام حسين، فنزل السنّة والشيعة إلى الشوارع، ليترجموا الكراهية التي أنتجتها الفضائيات إلى واقع عملي!
وأما عندنا، في سوريا، فقد استمرت نيران الحقد المتبادل بين الشيعة والسنّة حتى سنة 2011، حينما قامت ثورة الحرية والكرامة، على أساس أن الشعب يريد إسقاط النظام السوري، لأنه دكتاتوري معادٍ للحرية وحقوق الإنسان، و.. هوب، فجأة شرفنا أهلُ السنّة والشيعة، وطلبوا منا أن نبتعد من طريقهم، ليكملوا تصفية الحسابات ذات الـ1400 سنة، وما هي إلا فترة قصيرة، حتى أقلعنا عن المطالبة بالحرية والكرامة، وبدلًا من أن نردد أهزوجة القاشوش “سوريا بدا حرية”، انطلقت الحناجر تصيح “عالقدس رايحين شهداء بالملايين”، وأخذ فريق من الثوار يشبحون للرئيس العراقي المقتول، صدام حسين، ويرفعون صوره، باعتباره أسد السنّة، وهبت إيران، مع ميليشياتها المسلحة، لنصرة بشار بن حافظ الأسد، في حربه الإجرامية ضد الثائرين، واشتعلت النفوس مجددًا بكراهية إيران، وفهم الجميع، في وقت من الأوقات، أن هذه الدولة المارقة ذات أطماع استعمارية في بلادنا.
ولكن، فجأة، في شهر تشرين الأول 2023، أعلنت “حماس” (السنّية) أن إيران (الشيعية) صارت معنا، وإذا بالشبيح القلاب يهلل لها، ويبدأ بإقناعنا بأنها بنت حلال، تريد أن تنصر قضيتنا، وتحارب عدونا الصهيوني الغادر!
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :