اللجوء السوري في لبنان

tag icon ع ع ع

لمى قنوت

على وقع التصعيد العسكري في جنوبي لبنان، بعد عملية طوفان الأقصى في فلسطين (7 من تشرين الأول الماضي)، واجه اللاجئون السوريون، نساء ورجالًا، المقيمون بالمناطق الحدودية الجنوبية في لبنان تحديات مضاعفة تضاف إلى الممارسات التمييزية، الرسمية وغير الرسمية، ضدهم.

ومع نزوح اللبنانيين من قرى منطقة جنوب الليطاني، كان صعبًا على السوريين الذين غادروا أيضًا الانتقال إلى بلديات تحظر استقبالهم، بعد تعميم وزارة الداخلية على البلديات بـ”وجوب الإفادة الفورية عن أي تحركات وتجمعات مشبوهة تتعلق بالنازحين السوريين لا سيما ناحية تهريبهم ضمن نطاقها”، وتعميم وزير الداخلية، الصادر في 2 من أيار 2022، القاضي بحملة مسح وطنية لتعدادهم وتسجيلهم و”التشديد على جميع المواطنين بعدم تأجير أي عقار (سواء سكني أو تجاري) لأي نازح سوري قبل التثبت من تسجيله لدى البلدية وحيازته على إقامة شرعية في لبنان”. وقد منعت بعض البلديات، مثل حاصبيا، سكن اللاجئين السوريين النازحين، نساء ورجالًا، فيها.

مدينة صور التي توجد فيها مراكز إيواء، واستقبلت آلاف النازحين اللبنانيين، لم يتجاوز عدد اللاجئين السوريين الذين نزحوا إليها 500 شخص، ونازح وحيد في مركز محافظة النبطية، بينما غادر الكثير منهم إلى أقارب ومعارف في مخيمات في البقاع، وبعضهم انتقل إلى بلدة الباروك- قضاء الشوف، مثل أم حيان التي تسكن وعائلتها في وادٍ منعزل، وفي غرفة وصفتها بـ”الخرابة”، لا توجد فيها دورة مياه وغير صالحة للسكن.

لم يشمل الإحصاء وخطة الطوارئ للإيواء، اللذان قامت بهما الحكومة اللبنانية، اللاجئين السوريين النازحين من الجنوب، وتُركوا للمنظمات الدولية، في فترة زمنية توقفت فيها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن تقديم المساعدة المالية لعدد كبير من العائلات عبر البطاقات المصرفية. وواجه النازحون اللبنانيون واللاجئون السوريون النازحون من الجنوب تمييزًا وارتفاعًا كبيرًا في أسعار الإيجارات وشروطًا مجحفة للسكن، ولم تتدخل الدولة في إدارة أزمة السكن أسوة بما قامت به خلال جائحة “كورونا”، في وضع ضوابط على الإيجار، أو بعد تفجير مرفأ بيروت، حيث منعت إخلاء عقارات المناطق المتضررة لمدة عام.

تصاعد الحملات الأمنية التعسفية

منذ نيسان 2023، تصاعدت الحملات الأمنية التعسفية ضد أماكن سكن اللاجئين واللاجئات وأدت إلى ترحيل قسري، وترافقت مع حملة تحريضية رسمية ضدهم، وحملات إعلامية ممنهجة حمّلتهم مسؤولية الانهيار الاقتصادي وأزمات البلاد المتعلقة بالكهرباء والمياه والنفايات وغيرها من الأزمات. وقد عمّق أثر هذه الانتهاكات خلو تعميم وزارة الداخلية الصادر في 2 من أيار 2023 من أي مبادئ توجيهية تمنع أو تحد من قدرة السلطات المحلية على تنفيذ ممارسات تمييزية بحقهم أدت إلى نزوح وإخلاء من السكن وحرمانهم من الحق في التنقل والعمل.

لقد ترافقت الحملات الأمنية على أماكن سكن ومخيمات اللاجئين واللاجئات بمصادرة أجهزة بث الإنترنت من مخيمات في البقاع في تموز 2022، وازدادت المصادرات في تشرين الأول لتشمل أجهزة الراديو والتلفزيون و”الستلايت”. أما في عام 2023، وفي شهر شباط على سبيل المثال، فألزمت بلدية الماري والمجيدية اللاجئات واللاجئين بالحجر، بذريعة إصابة إحدى العائلات بـ”الكوليرا”، وفي 4 من نيسان، منعهم محافظ النبطية من استعمال الدراجات النارية في الليل، وفي 24 من الشهر نفسه، أطلق الاتحاد العام لنقابات العمال “الحملة الوطنية لتحرير لبنان من الاحتلال الديموغرافي السوري”، وبين نيسان ومنتصف أيار، اعتقل الجيش 808 لاجئين، ورحّل 336 لاجئًا حسب تقرير لمركز “وصول لحقوق الإنسان” اللبناني- الفرنسي، وفي حزيران طلبت بلديات مثل بلدية زبدين من المقيمين فيها تسديد رسم سكن بقيمة 10 ملايين ليرة لبنانية لتسمح لهم الاستمرار في الإقامة، وفي حزيران أيضًا، قامت بلدية الدكوانة بإطلاق حملات تفتيش عشوائية لبيوت السوريين، نساء ورجالًا، وأجبرت عددًا منهم، بعد توقيفهم ومصادرة أوراقهم، على توقيع تعهد بالعودة إلى بلادهم.

وقد تم توثيق ما لا يقل عن 45 بلدية أصدرت تعليمات بحظر تجول السوريين والسوريات فيها، فمثلًا في 24 من نيسان 2023، حظرت بلديتا حراجل وفيطرون تجول العمال الأجانب في البلدة من الساعة 7 مساء وحتى 6 صباحًا، ولم تصنف الحكومة حظر التجول ليلًا على أنه ممارسات عنصرية، بل اعتبرته حفاظًا على النظام العام، وذلك وفق ما ورد في تقريرها المؤرخ في 29 من كانون الثاني 2019، والمقدم إلى لجنة القضاء على التمييز العنصري بموجب المادة “9” من الاتفاقية، في المادة رقم “194” بأن: “النازحين السوريين في لبنان يتمتعون بحرية الحركة والتنقل في لبنان كيفما يشاؤون ولا قيود تحد من حركتهم إلا في حالات استثنائية محددة من قبل البلديات ليلًا حرصًا على النظام العام دون أن يكون ذلك على خلفية عنصرية”.

يتعرض السوريون والسوريات، من قبل بعض البلديات، إلى إخلاء قسري من السكن بسبب جنسيتهم، وقدّرت هذه الانتهاكات بمعدل 13000 حالة إخلاء قسري كل عام، تؤثر على 100 ألف شخص. ووثق تقرير لـ”هيومن رايتس ووتش” في عام 2018 حالات إخلاء بسبب الانتماء الديني أيضًا.

وقد بيّن استطلاع في عام 2019 شمل 350 شخصًا من العائدين إلى سوريا، أن 75% منهم تعرضوا للمضايقات الأمنية أو التعذيب أو الاعتقال من قبل النظام السوري، أو تم تجنيدهم في الجيش على الرغم من الوعود بإعفائهم.

يحتاج ملف اللاجئين السوريين، نساء ورجالًا، في لبنان إلى وضع إطار قانوني شامل في مسألة اللجوء يتضمن عدم الإعادة القسرية، وضمان حقهم في الطعن بقرارات الترحيل وفق القانون اللبناني، وممارسة حقوقهم الأساسية دون تمييز، وعدم انتهاك حق السكن والتنقل والعمل، وإتاحة تقديم اللجوء السياسي للملاحقين والمحكومين بتهم سياسية أو المهددة حياتهم وحريتهم من قبل النظام في سوريا، وذلك وفق الباب الثامن من قانون تنظيم الدخول إلى لبنان والإقامة فيه والخروج منه، والصادر في 10 من تموز 1962، والمعدل بموجب القانون “173” بتاريخ 14 من شباط 2000.

 

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة