يروي الفيلم الفلسطيني “غزة مونامور” تفاصيل من حياة يومية بسيطة تمر خلسة بين حروب متتابعة، يعيشها أبناء قطاع غزة الفلسطيني المحاصر ببحر وإسرائيل.
عيسى ناصر، بطل الفيلم، صورة عن المواطن الفلسطيني، والمواطن العربي البسيط ذي الأحلام المتواضعة، مرت حياته سريعًا وصولًا إلى عامه الـ60، حين أفاق على حياة بلا زواج، ولا عمل ثابت، لكنها حياة يكسوها الإيمان والرضا والهدوء في الوقت نفسه.
يعثر الرجل على تمثال أصلي خلال إحدى رحلات الصيد التي يجريها في البحر، وهنا تتدخل السلطة وتصادر التمثال، ويتجه أحد الضباط لبيعه لدولة أو جهة أجنبية.
لا تبدو في الفيلم العلاقة بين المواطن وأجهزة الأمن بصورة إيجابية، مقدار ما تسود هذه العلاقة حالة من التوتر، فلا يحبذ المواطن خدمات أجهزة الأمن، ولا يفضل أي احتكاك مع هذه السلطة.
كما أن الصورة المصغرة عن حياة عيسى ناصر تعكس بوضوح توق الناس لحياة طبيعية، لا تشبه ما يعيشونه في الواقع، من حرب وقصف إسرائيلي، يدخل القطاع بحالة دمار تتطلب إعادة إعمار، ومحاولة تعافٍ على المستوى الخدمي والإغاثي، وما يعانونه من تهديدات متواصلة بالعودة إلى مربع الحرب الذي لا يغيب كثيرًا عن القطاع أصلًا.
يفقد عيسى التمثال، ويتنازل عن أصغر قطعه منه، طمعًا بألا يسجن وألا يوجه له أي اتهام، ورغبة بمكافأة ظلت رهينة الوعود التي لم تتحقق في الفيلم، تعبيرًا عن قلة الاكتراث بالمواطن من جهة، وتمرير بعض الصفقات أو العمليات خارج الأطر القانونية من جهة أخرى.
يبدو البطل مسالمًا بما يكفي لتحويله إلى ضحية، فحالة الاستسلام والخوف والانهزام بادية عليه، ومقروءة في سلوكه، حين يرغب فجأة بالزواج من سيدة تعيش مع ابنتها المطلقة، فلا يقوى على الاعتراف الصريح، ويكتفي بالتمهيد الطويل، وخلق الأعذار للقاء، بما لا يتناسب مع عمره على الأقل، فيحمل ثيابًا ليعدل مقاساتها لدى الزوجة المنتظرة، ويمنحها مظلته في يوم ماطر.
يشكل الفيلم صورة غير مألوفة عن غزة ومساءات أهلها ويومياتها، فما يصل عن القطاع عادة لا يخرج من فلك القصف والحرب، هذه التي تدور حاليًا بإيقاع مختلف عن كل ما عاشه الغزاويون من قبل، على مستوى القتل والتهجير، والتحشيد السياسي ضد هذه المنطقة الصغيرة من فلسطين.
الفيلم من تأليف وإخراج عرب ناصر وطرزان ناصر، وبطولة سليم ضو، وهيام عباس، وميساء عبد الهادي، وجورج إسكندر، ومنال عوض، وصدر في 2020.