محاصيل زراعية ملوثة
رأس العين.. 1500 دونم تسقى بـ”سموم” صرف صحي من تركيا
عنب بلدي – رأس العين
يضطر مزارعون في رأس العين شمالي غربي الحسكة إلى سقاية أراضيهم المحاذية للحدود التركية بمياه ملوثة نتيجة الاختلاط بمياه الصرف الصحي، وتقع هذه الأراضي ضمن قرى كشتو وتل حلف وعين الزرقاء، وتسقى بمياه نهر “الخابور” المنحدرة من مدينة جيلان بينار التركية.
على جانبي مجرى النهر الذي ينبع من تركيا ويدخل الأراضي السورية، تتوزع المحركات و”الغطاسات” التي تسحب المياه من المجرى، ومن برك المياه المتشكلة، وتسقى بها الأراضي رغم وضوح تلوثها واختلاطها بمياه الصرف.
فرات حسين، مزارع في قرية كشتو التابعة إداريًا لبلدة تل حلف، قال إن مزارعي القرية يعتمدون على مياه الصرف الصحي التركية لسقاية أراضيهم الزراعية التي تقع على أطراف نهر “الخابور”.
وأوضح حسين أن مياه الصرف الصحي تأتي إلى المنطقة قبل 2011 منذ كان النظام السوري مسيطرًا، لكنهم كانوا يعتمدون على الآبار الارتوازية التي تقوم بتشغيلها مؤسسة المياه حينها، ما يجعل مجرى نهر “الخابور” نظيفًا والمياه غير راكدة.
وأضاف المزارع أن توقف تشغيل الآبار الارتوازية في رأس العين، وغلاء المحروقات، دفعا المزارعين إلى استخدام مياه الصرف الصحي التركية لري أراضيهم، وهو ما تسبب في تلوث المحاصيل الزراعية وألحق بهم خسائر مادية.
بدوره، قال عدي المصطفى، وهو مزارع في قرية عين الزرقاء التابعة لمدينة رأس العين، إنه كان يزرع أرضه بمساحة 120 دونمًا بمحاصيل متنوعة من البقدونس والبصل الأخضر والثوم.
وأضاف أن مديرية الزراعة في “الحكومة المؤقتة” أصدرت تعميمًا بمنع زراعة الخضراوات على مجرى نهر “الخابور”، بسبب سمّية مياه الصرف الصحي، ما أجبره على التحول إلى زراعة المحاصيل العلفية مثل البرسيم والشعير الخاصة بالمواشي.
وأوضح عدي أن المحاصيل العلفية أقل ربحًا من الخضار والمواد الغذائية، لافتًا إلى أنه لا يملك الإمكانيات الكافية لتشغيل الآبار الارتوازية، إذ تقدّر تكلفة البئر بـ20 ألف دولار أمريكي (كل دولار يعادل 14200 ليرة سورية).
وطالب المزارع الجهات المعنية بإعادة النظر في قرار منع زراعة المحاصيل الزراعية، وتوفير الدعم للمزارعين لتشغيل الآبار الارتوازية الموجودة على أطراف النهر.
تنظيف ومنع زراعة ووعود
مدير الصحة في رأس العين، راكان الجلود، قال لعنب بلدي، إن مديرية الصحة وبالتعاون مع مديرية المياه نفذت عدة جولات على الأراضي المروية بمياه الصرف الصحي، وتبين وجود سمّية في المياه بنسبة كبيرة، ووجود حشرات وروائح كريهة، ما يشكل خطرًا على الصحة العامة، ويؤدي إلى انتشار الأمراض والأوبئة في المناطق القريبة من النهر.
وأوضح الجلود أنهم تواصلوا مع المجلس المحلي ومديرية الزراعة لإيجاد حلول سريعة لهذه المشكلة، لافتًا إلى أن المجلس رش مبيدات حشرية على أطراف النهر لمكافحة الحشرات المنتشرة بها، كما تم التواصل مع الجهات التركية لبحث سبل التعاون في حل هذه المشكلة.
وأفاد عمر حمود، رئيس مكتب الزراعة في المجلس المحلي برأس العين، أن مساحة الأراضي المزروعة على أطراف نهر “الخابور” والتي تسقى بمياه الصرف الصحي تبلغ 1500 دونم.
وأوضح أن هذه المشكلة قديمة، لكنها تفاقمت نتيجة توقف آبار المياه الارتوازية الموجودة على جانبي النهر سابقًا، ما جعل المياه راكدة وتحولت إلى مستنقعات وبرك ملوثة.
وأضاف أن مديرية الزراعة أصدرت تعميمًا يمنع زراعة الخضار الشتوية على أطراف النهر، وطلبت زراعة المواد العلفية فقط، كما نظّفت مجرى النهر عدة مرات، وتواصلت المديرية مع الجهات التركية، التي بدورها نظّفت مجرى النهر من الطرف التركي.
وأشار حمود إلى أن الحل الفعال لهذه المشكلة يتطلب تفعيل الآبار الارتوازية أو بناء محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي، لكن الإمكانيات غير متاحة لدى المجلس المحلي.
وتحمل سقاية المحاصيل الزراعية بمياه الصرف الصحي مخاطر عدة، وحذرت منظمة الصحة العالمية من ذلك، ويمكن أن تؤدي إلى انتشار الأمراض، مثل الإسهال والتسمم الغذائي والالتهابات الجلدية، كما يمكن أن تؤدي إلى تلوث التربة والمياه الجوفية، ما يضر بالبيئة.
وتتواصل المشكلات التي تطال قطاع الزراعة في رأس العين، الذي يعد إلى جانب تربية المواشي من المهن الأساسية التي تعمل بها أغلبية السكان، وهي تشكل مصدرًا رئيسًا للدخل للسكان.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :