اعزاز – ديان جنباز
تعمل فتيات في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي بمشاريع ونشاطات مبتكرة يصممنها بأنفسهن، لتحقيق مردود مالي بسيط ولشغفهن بما يقمن به.
لونا القارئ (17 عامًا)، مهجرة من دمشق، قالت لعنب بلدي، إنها بدأت صناعة “الإكسسوارات” والميداليات بالخرز منذ صغرها حين كانت في مدينتها دمشق، قبل التهجير إلى الشمال السوري.
وذكرت أنها كانت تتشارك مع صديقاتها في سباق لتنمية موهبتهن، وابتكار قطع فريدة للاستخدامات الشخصية، بالاستناد إلى أفكار من مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضافت لونا أن قِطعها أثارت إعجاب كل من رآها بعد وصولها إلى الشمال السوري، ما دفعها لتحويل هوايتها إلى مشروع ربحي تستند إليه في بعض الأحيان، وأطلقت عليه اسم “لونا ستور”.
تبيع لونا قطع “الإكسسوارات” المتنوعة من الخرز، منها القلادات والعقود والأقراط، إضافة إلى القطع الصغيرة مثل الخواتم والميداليات، واستغلت وقت فراغها بتنمية مهارتها في صنع تلك القطع فريدة.
وبسبب نقص المواد في المنطقة، اضطرت لونا لاستيراد بعض المكونات من تركيا، ولم تبعدها دراسة الثالث الثانوي (البكالوريا) عن متابعة عملها.
من الألوان إلى النسيج
تحدثت آية محمد البش (20 عامًا)، وهي طالبة جامعية في مدينة اعزاز، عن مشروعها الذي أطلقت عليه اسم “perfecto by aya”، ويتمثل بتطريز لوحات فنية باستخدام خيوط متعددة الألوان، ويسمى هذا النوع من التطريز بـ”الايتامين”.
وقالت آية لعنب بلدي، إن مراحل عملها تبدأ برسم التصميم، ثم تتبعه بعملية التطريز على قطع متنوعة، مثل الثياب والحقائب والأقمشة المختلفة، لافتة إلى أنها تبذل جهدها في تجهيز لوحات فنية مُخصصة للمناسبات والعرائس، مع مراعاة تفضيلات ورغبات الزبائن لتقديم منتج فني فريد ومميز.
وأشارت الشابة إلى أنها استلهمت فكرتها من حبها للرسم ورغبتها بتطوير هوايتها لمهنة مميزة، وأن عملها لا يقتصر على التطريز التقليدي فقط، إنما يمثل مزيجًا فريدًا من نوعه، ويجمع بين جمال الخيوط وسحر الألوان.
وتبيع الشابة لوحاتها وأعمالها بأسعار تتراوح بين 30 و90 دولارًا أمريكيًا (كل دولار 29 ليرة تركية و14500 ليرة سورية)، حسب طلب الزبائن، وسعر القطع والأعمال البسيطة يمكن أن تكون بعشرة دولارات.
وتعتبر آية هذه الأسعار مرتفعة نسبيًا، بسبب صعوبة الحصول على المواد والأدوات المطلوبة في المنطقة، واعتمادها على المواقع الإلكترونية لاستيراد المواد من تركيا، وعلى الرغم من هذا الاعتماد تواجه تأخيرًا في وصول طلبياتها إلى الشمال السوري، ما يضعها أمام تحديات إضافية في إدارة وتطوير نشاطها.
وتنظم آية أولوياتها بين دراستها الجامعية وهوايتها المتمثلة في مشروعها الخاص، إذ تعتبره وسيلة للتسلية ولتفريغ طاقتها أكثر من كونه مصدر دخل، لكنه يساعدها في تغطية بعض نفقات دراستها الجامعية.
منافسة المحال
صباح داديخي (23 عامًا) من اعزاز، قالت لعنب بلدي، إنها بدأت تفكر بتوسيع نطاق مشروعها الذي أطلقت عليه اسم “فنون جوى” وجعله مصدرًا رئيسًا للدخل، وإنها تسعى إلى شراء طابعة لتسهيل عملها في تجهيز صناديق الهدايا المميزة، وباقات الورد، بالإضافة إلى تصميم أغطية حماية مبتكرة للجوالات.
وأضافت أن عملها بدأ ينافس المحال المتخصصة في تجهيز الهدايا، وأصبحت منتجاتها ذات تكلفة أقل، إذ تقدم باقات ورد بأسعار تعتمد على نوع وعدد الورد، وأغطية حماية بسعر ثابت قدره 80 ليرة تركية.
وذكرت أن أسعار اللوحات تتراوح بين 100 و200 ليرة، مع توفير أحجام مختلفة، أما أسعار صناديق الهدايا (بوكس) فتبدأ من 20 دولارًا وتصل إلى 100 دولار، تبعًا للمحتوى الموجود بداخلها، في حين تبلغ أدنى قيمة لـ”بوكس الهدايا” في المحال 60 دولارًا، ما يجعلها خيارًا جذابًا للكثيرين.
وتسعى الشابة إلى تقديم منتجات تتميز بالجودة والابتكار، لتساعدها على جذب الزبائن وتحقيق نجاح مادي.
وتعتمد الفتيات الثلاث بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة أساسية لتسويق منتجاتهن، خاصة من خلال منصة “إنستجرام”، عبر صفحات بأسماء مختلفة تتناسب مع اسم كل مشروع فردي.
أعمال خطرة
تنشط في مناطق شمال غربي سوريا مشاريع تشرف عليها سيدات وتشكل مصدر دخل لعائلاتهن، كما تنشط معاهد ومراكز تقدم دورات تدريبية في مجالات متعددة، بدعم من منظمات وجهات محلية.
ورغم وجود مشاريع خاصة ومعاهد تدريبية، فإن السيدات ينخرطن في مهن مرهقة وخطرة، بغية تأمين حاجاتهن المتعددة، وسط ارتفاع الأسعار وقلة الأجور.
وتلجأ بعض النساء، خصوصًا من المقيمات في مخيمات النازحين في أرجاء الشمال، لأعمال تُعرف محليًا بأنها من تخصص الرجال، أو إلى أنشطة محفوفة بالخطر كالبحث بين أكوام القمامة عن البلاستيك، مع انتشار المقذوفات غير المنفجرة من مخلفات الحرب.
وأشار تقرير لـ”WILPF“ (الرابطة النسائية الدولية للسلام والحرية) حول “النساء في الاقتصاد السوري”، إلى أن ظروف الحرب حمّلت النساء السوريات “مسؤوليات اقتصادية مركبة، مع غياب المعيل التقليدي وإصابة قسم كبير منهم بإعاقة جسدية في معظم الأحيان، خاصة في المناطق الشمالية الغربية الخارجة عن سيطرة النظام”.
وذكر التقرير الصادر في آذار 2021، أن الأوضاع الاقتصادية السيئة فرضت العمل على النساء بشكل لم يألفه المجتمع السوري التقليدي، بهدف تأمين مستلزمات الحياة في ظل ظروف بالغة القسوة والشدة.