الأسعار تدفع مرضى السكري في القامشلي لطب الأعشاب
لجأ سيف الفيصل، أحد مرضى السكري، إلى محال العطارة لشراء خلطات عشبية في القامشلي، بمناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا، لأسباب أبرزها غلاء أسعار الأدوية بشكل متكرر.
أدى ارتفاع الأسعار إلى لجوء بعض مرضى السكري للاستعانة بالطب البديل كخيار يبتعدون بواسطته عن الأدوية بشكل كامل، ما يحمل مخاطر طبية على المريض تؤدي إلى وفاته في بعض الأوقات، وفقًا لأطباء قابلتهم عنب بلدي.
وتنتشر محال العطارة والأعشاب في سوريا، ومنها سوق “العطارين” في العاصمة دمشق المتفرع عن سوق “البزورية” شرق الجامع الأموي.
تزايد إقبال على طب الأعشاب
فوزية الصفيحة (58 عامًا)، قالت لعنب بلدي، إنها تستعمل دواء مستوردًا من كردستان العراق، منذ نحو عام، وهو مصنع من أعشاب طبية لا تعلم طبيعتها، وبدأت تستخدمه كتجربة للعلاج.
فوزية تحدثت عن امتنانها من العلاج بالطب البديل، وأنها وجدت تحسنًا في حالتها، نتيجة اتباعها حمية غذائية حددها طبيبها الخاص، وتضم تناول الخبز المخصص لمرضى السكر، والامتناع عن تناول الأرز الأبيض والسكريات.
أفادت فوزية، التي تنحدر من قرية خزنة في القامشلي، أنها تجري فحوصات دورية للسكري، ولم تجد خطورة في استخدام الطب البديل عوضًا عن الأدوية الخاصة بالمرض.
الرجل الخمسيني سيف الفيصل، الذي يقيم في مدينة القامشلي، قال لعنب بلدي إنه يعاني من مرض السكري منذ سنوات، ويضطر إلى شراء الأدوية بشكل دوري، ولكنه مع ارتفاع أسعار الأدوية في الفترة الأخيرة توجه إلى محال العطارة في المنطقة التي تقدم خلطات عشبية كبديل لدواء السكري.
أفاد سيف، عنب بلدي، أن حاجته الملحة للحصول على العلاج وعدم قدرته المالية على شراء الأدوية الطبية، أجبراه على خيار شراء دواء السكر بسعر لا يتجاوز 25 ألف ليرة سورية، ويدوم لمدة شهر كامل، كبديل نهائي يقبله بالإيجابيات والسلبيات، وفقًا لحديثه.
الأسعار بازدياد
ورغم زيادة أعداد المصابين بمرض السكري في كل عام، تزداد صعوبة الحصول على علاج المرض من ناحية توافره وغلاء سعره، فالأدوية المنتشرة في المنطقة قادمة بشكل أساسي من مناطق سيطرة النظام.
ورفعت وزارة الصحة في حكومة النظام أسعار الأدوية خلال هذا العام ثلاث مرات، أولاها في كانون الثاني الماضي بنسب متفاوتة تصل إلى 80%، والأخرى في آب الماضي بنسبة 50%، في إعلانات رسمية.
وفي 6 من كانون الأول، رفعت وزارة الصحة أسعار الأدوية بنسبة تتراوح بين 70 إلى أكثر من 100%، دون إعلان رسمي، وفق ما أفاد نقيب الصيادلة بفرع دمشق، حسن ديروان، لصحيفة “تشرين” الحكومية.
وعلى الرغم من أن مدينة القامشلي، غير خاضعة لسيطرة النظام السوري، يؤثر ارتفاع أسعار الأدوية يؤثر على الأسعار في القامشلي.
ورصدت مراسلة عنب بلدي في القامشلي، أسعار أدوية السكري المنتشرة بكثرة في المنطقة، ويباع دواء ميتكرون بعيار ثابت بـ25 ألف ليرة سورية، ودواء يونيكرون في عياراته 30 و80 بسعر 13 ألف و600 ليرة سورية، أما يونيكرون عيار 60 يباع بسعر 12 ألف ليرة سورية.
وبلغ عدد المصابين بمرض السكري ضمن مناطق سيطرة النظام السوري نحو 190 ألف شخص مسجل ضمن مديريات الصحة، وفق حديث مدير الأمراض السارية والمزمنة في وزارة الصحة، زهير السهوي، للوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا) في تشرين الثاني 2022.
مخاطر طبية
ينشط طب الأعشاب في سوريا منذ سنوات، والعمل بهذه المهنة يتطلب خبرة ومعرفة وافية بالمنتجات الطبيعية والأعشاب البرية، وتعتبر الأعشاب غير كافية، وفق آراء أطباء تحدثت عنب بلدي معهن خلال إعداد هذا التقرير.
نبه الطبيب مازن سريول، خلال حديثه لعنب بلدي، إلى أضرار ترك العلاج بشكل نهائي واللجوء إلى طب الأعشاب، لأن ذلك يعرض المريض للدخول باختلاطات الداء السكري العينية والكلوية والعصبية، والوصول إلى الوفاة ببعض الأحيان.
ويجب على مريض السكري أن يستخدم العلاج الدوائي، بالإضافة إلى اتباع الحمية الغذائية، وفقًا للطبيب مازن سريول.
الطبيب أحمد محمد الجويد، في مدينة القامشلي، تحدث لعنب بلدي، عن وجود أعشاب تضر إذا تناولت دون فهم كافٍ لخصائصها، وتتنوع الأعشاب بين مفيدة وضارة.
وأوضح الطبيب أن عشبة تحتوي على مواد فعالة قد تتعارض مع الأدوية أو حالة المريض الذي يتناولها.
“تناول بعض الأعشاب قد يخفض مستوى السكر في الدم، ما يؤدي في بعض الحالات إلى حدوث غيبوبة لمريض يعاني من هبوط مستوى السكر” الطبيب أحمد محمد الجويد |
مصدر مسؤول من هيئة الصحة بالقامشلي (تحفظ على ذكر اسمه كونه غير مخول بالتصريح للإعلام)، قال لعنب بلدي إن هيئة الصحة، تعمل على إجراءات قانونية لم يذكرها بحق صاحب المحل، في حال ورود شكوى على صاحب محل عطارة وأعشاب طبية يبيع أعشابًا ضارة.
محال العطارة تنشط
خليل الأحمد، مالك محل عطارة في مدينة القامشلي، أفاد عنب بلدي أن حركة محلات العطارة كانت جيدة ولكن مع ارتفاع أسعار الأدوية، ازداد اللجوء من قبل الأهالي إلى بدائل أقل تكلفة.
بعض الأمراض يمكن علاجها باستخدام خلطات الأعشاب والنصائح العلاجية، ولكن توجد أمراض تحتاج إلى أدوية خاصة بها، وفقًا لخليل الأحمد.
ويرى خليل أن طرق مزج الأنواع مع بعضها وفهم الأسباب والكمية المناسبة للاستخدام وتقديم النصائح إلى الزبون ضرورية، دون تسلل المصلحة الشخصية بعملية البيع.
مالك محل في القامشلي، أيمن الأحمد (55 عامًا)، أوضح لعنب بلدي، أن استخدامات الأعشاب الطبيعية والبرية في علاج العديد من الأمراض مثل الكولون والسكري وحالات وجود الرمل والحصى في الكلية أو المثانة، وغيرها من الأمراض الآخرى، لا تعطى دون خبرة من صاحب المحل.
أيمن قال لعنب بلدي أن معاملته مع تقديم الأعشاب للزبون تكون بناء على طلب محدد من المرضى، حفاظًا على سلامتهم ولتجنب المسائلة القانونية.
مرض السكري
يعتبر الداء السكري (Diabetes Mellitus) أحد الأمراض المزمنة الشائعة بين البشر، وهو يصيب البالغين والأطفال، ويتمثل هذا الداء بعدم قدرة الجسم على إنتاج هرمون “الإنسولين”، أو مقاومة خلايا الجسم “الإنسولين” المفرز وعدم استجابتها له، وهذا ما يتسبب بارتفاع مستويات سكر الغلوكوز في الدم بشكل يفوق الحد الطبيعي.
ولداء السكري نوعان، النمط الأول، أو ما يسمى بالنمط المعتمد على “الإنسولين”، وكان يسمى سابقًا بالنمط الشبابي. والنمط الثاني، أو ما يسمى بالنمط غير المعتمد على “الإنسولين”، وكان يسمى سابقًا بالنمط الكهلي.
تحتل سوريا المركز السابع عربيًا وفق تقرير منظمة الاتحاد الدولي للسكري (IDF) لعام 2021، ويبلغ عدد مرضى السكري الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و70 عامًا نحو 1.48 مليون شخص.
شاركت مراسلة عنب بلدي في القامشلي ريتا الأحمد بإعداد هذه المادة
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :