تشهد أسواق مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، انتشارًا للسجائر والنرجيلة الإلكترونية في أسواقها وخاصة بين المراهقين والطلاب، رغم ارتفاع أسعارها وما تمثله من مخاطر صحية لا تقلّ عن مخاطر السجائر العادية.
ويأتي هذا الانتشار رغم التحذيرات التي تطلقها المنظمات الصحية الدولية والأطباء المحليين، وأسعارها التي لا تتناسب مع دخل أغلب سكان المدينة.
هوزان بندر، صاحب محل بيع أراجيل في القامشلي، قال لعنب بلدي إن طلاب المدارس يشترون السيجارة الإلكترونية بعدد سحبات تقارب 1500 سحبة، وسط أسعار تتراوح بين 15 و38 ألف ليرة سورية، حسب جودتها ونوعها (الدولار يقابل 14000 ليرة سورية).
ورغم وعي بعض السكان بالأضرار الكبيرة التي قد تسببها الأراجيل، يتزايد الطلب عليها بشكل ملحوظ من قبل طلاب المدارس، خاصة الإناث، كما أن بعض الأنواع الرديئة من الأراجيل يمكن أن يتسبب في انفجارها في أثناء الاستخدام.
لكن هذه الأضرار لا تؤخذ بعين الاعتبار دائمًا، إذ قالت فيان سدو (23 عامًا) لعنب بلدي إن استخدامها للنرجيلة والسجائر الإلكترونية من شأنه أن يسبب “ضررًا أقل مقارنةً بالسجائر الاعتيادية، كما أنها عادة يمكن التخلي عنها بسهولة، ولا يسبب ضيق التنفس”.
في حين يرى سيف حدو (24 عامًا)، وهو مدخن للنرجيلة الإلكترونية، أن غياب الآثار الجانبية هو ما دفعه لاقتنائها، في حين قالت سيلفا سوزدار (21 عامًا)، إن هذا النوع من السجائر “أكثر جاذبية وأقل إزعاجًا للبيئة”.
وتختلف الأسعار وفق نوع السيجارة الإلكترونية.
وقال هوزان بدر، صاحب محل الأراجيل، إن هناك أنواع تُعرف بـ”السحبات”، وهي من الأنواع المُنكهة بمجموعة من النكهات، تنتهي صلاحيتها مع السحبة الواحدة، وأسعارها تبدأ من 170 ألف ليرة سورية حسب الشركة المُصنعة، سواء كانت محلية أو مُستوردة.
فيما ترتفع أسعار السجائر القابلة للشحن الإلكتروني، خاصة الأجنبية منها التي تبدأ من 600 ألف ليرة سورية وتصل إلى 10 ملايين، اعتمادًا على النوع والجودة.
في حين تتراوح أسعار المعسل المستخدم في الأراجيل بين مليون ونصف المليون ليرة سورية.
وأشار عدد من أصحاب المحلات الذين التقتهم عنب بلدي إلى وجود إقبال كبير على الأراجيل الإلكترونية، ومعظم زبائنها ينتمون إلى فئة الدخل العالي.
لماذا يلجأ المراهقون للتدخين؟
مصطفى أحمد، البالغ من العمر 15 عامًا وهو طالب تخطى المرحلة الاعدادية، قال لعنب بلدي، إنه يشعر بالمتعة وتعزز الأرجيلة شخصيته بالجرأة وروح التحدي في التفاعل مع أصدقائه.
ويرى مصطفى أن استخدام السجائر الإلكترونية يجعله “يشعر بالنضج والكبر”، دون أن يشعر بأي ضرر ناتج عنها. كما أنها لا تتسبب في أي روائح، مما يجعلها صعبة الاكتشاف من قبل الآخرين.
مريم اليوسف (42 عامًا) معلمة في مدينة القامشلي، عبّرت عن قلقها حول مشكلة ابنها مصطفى البالغ من العمر 15 عامًا، الذي اعتاد على تدخين السجائر الإلكترونية.
حاولت مريم مرارًا توعية ابنها بأخطار التدخين والنيكوتين على الصحة، وفق ما قالته لعنب بلدي، وتواجه صعوبات في التصدي لهذه المشكلة نظرًا لغياب الرقابة على محلات بيع السجائر الإلكترونية وضعف دور المؤسسات المجتمعية والمنظمات في توعية الأطفال حول أخطار التدخين.
رولا الحسن، تعمل في مجال إدارة الحالة في مركز دعم نفسي، قالت لعنب بلدي، إن هناك أسبابًا عدة تجعل الأطفال دون سن 18 عامًا، يستخدمون الأرجيلة الإلكترونية.
ومن هذه الأسباب الفضول الذي قد يدفع الشخص لاستكشاف ما هو جديد، وكذلك الإعلانات والتسويق التي تُظهر الأرجيلة الإلكترونية بشكل ممتع أو “عصري”.
وتشجع هذه الإعلانات، المراهقين، على التدخين، كما أن الضغوط النفسية من الدراسة أو العلاقات الاجتماعية قد تدفع الأطفال دون سن الـ 18 للجوء إلى التدخين أو استخدام الأرجيلة الإلكترونية لتخفيف التوتر والضغوط. الإدمان، وفق الحسن.
وأضافت أن التعرض لنماذج سلبية في الأسرة أو المحيط الاجتماعي يمكن أيضًا أن يؤثر بشكل كبير في هذه المرحلة العمرية.
ماذا يقول الطب؟
كميل كورية طبيب صدرية في محافظة الحسكة قال لعنب بلدي إن استخدام السجائر الإلكترونية يزيد من خطر إصابة الرئة بأمراض مزمنة، مثل الربو أو التضخم.
كما تسبب أضرارًا صحية طويلة المدى ولا يجب الترويج على أنها بديل أكثر أمناً من التبغ، أو كوسيلة مساعدة للإقلاع عن التدخين، لاحتوائها على “النيكوتين”.
وبحسب تقرير لـ”منظمة الصحة العالمية“، فإن السجائر الإلكترونية التي تحتوي على النيكوتين إدمانًا شديدًا عليها وتضر بالصحة.
ومن غير المعروف بشكل كامل الآثار الصحية بعيدة المدى لهذا النوع من السجائر، لكن ثبت أنها تولد موادًا مسببة للسرطان وبعضها يزيد من خطر الإصابة باضطرابات القلب والرئة.
ويؤثر تعاطي السجائر الإلكترونية على نمو الدماغ واضطرابات التعلم عند الشباب، كذلك على نمو الجنين لدى النساء الحوامل.
كما يشكل التعرض للانبعاثات من السجائر الإلكترونية مخاطر على الأشخاص القريبين من محيط متعاطيها.