صادمة هذه العودة القوية للحراك غير المسلح في سوريا، لا شك، للسوريين المتعبين أنفسهم، في الداخل والخارج، وللعسكريين الذين لم يسترح رصاصهم طيلة سنوات متتالية. وتبقى الخيبة الأكبر لبشار الأسد وحلفائه، الذين عادت إلى مسامعهم، بعد خمس سنوات من تدمير البلاد، ألفاظ “الحرية” ومطالب “إسقاط النظام”، تنطلق من درعا ودمشق وحمص وحلب.
لم تبرد الأرض تحت الهدنة بعد، ومايزال الرهان عليها بعد أقل من عشرة أيام على بدئها ضربًا من المغامرة، لكن معطى جديدًا حرك الحالة السورية لا ينبغي الاستهانة به، أعاد أملًا كان مفقودًا لدى عامة السوريين، هو عودة “الثورة” بعلمها الأخضر، وشكلها المدني، والإصرار الكبير لدى الشعب المقهور على نجاحها، رغم كل ما تعرض له من ضغط من أجل التنازل عن حقه في الحرية وتحقيق التغيير السياسي المأمول.
بعيدًا عن مصالح اللاعبين الكبار وخططهم السياسية والعسكرية لإنهاء الصراع في سوريا، ولمصالحهم فيها، الكرة الآن في ملعب الثوار العائدين. البلاد الآن أمام فرصة جديدة، نجاحها مرهون بالاستفادة من دروس الثورة نفسها قبل أربع سنوات، عندما فقدت بوصلتها وبدأ الحراك ينحرف عن مساره، لتظهر الرايات وتختلف الشعارات وتنشأ الصراعات والانشقاقات، مفتتة القوة ومشتتة الكلمة.
كل ما نرجوه، أن يكون ما كتبه عقلاء الحراك الجديد في لافتاتهم تعبيرًا صادقًا عن إرادة السوريين جميعهم، لا تكتيكًا مرحليًا فحسب، سرعان ما يكسبه ما تبقى من نظام الأسد، بالوقت وبالحيلة.
هيئة التحرير