عرّاب الموسيقى السريانية.. نوري إسكندر يختتم المشوار
“إن الحرب خنقت حتى الموسيقى وأجبرت مشاعرنا أن تبقى مأسورة بصدورنا”، جملة صدرت عن الموسيقي السوري الراحل، نوري إسكندر، قبل رحيله بسنوات، تعكس مدى الأسى الذي وصل إليه الحال في سوريا.
التصريح صدر عن موسيقي قدّم عشرات الأعمال الموسيقية السورية، سواءً بما يخص التراث السوري أو مساهماته في الدراما السورية مع مخرجين سوريين.
وأعلنت نقابة الفنانين السوريين في 25 من كانون الأول الحالي عن وفاة إسكندر في السويد، عن عمر ناهز 85 عامًا، تاركًا خلفه مسيرة فنية مليئة بنقل التراث العربي السوري وبالأخص الموسيقى السريانية، دامت حوالي 60 عامًا.
الظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية في سوريا، دفعت اسكندر للسفر إلى السويد في 2013، لإكمال دراساته وأبحاثه ومشروعه الموسيقي، لتجديد وتطوير الموسيقى السورية الممزوجة بالموسيقى السريانية.
لم تنبض الحياة ببعض ألحان إسكندر بسبب تناولها للوضع السوري كتلحينه لقصيدة الشاعر إبراهيم جرادي، التي حملت في طياتها عن حب الشام ومأساتها، بالإضافة إلى قصيدة للشاعر والأديب اللبناني الراحل، أنسي الحاج، التي تسرد مأساة الحضارة في سوريا منذ القدم، وفق تصريحات صحفية له.
ومن أبرز تجاربه الموسيقية، معزوفات “الثلاثي الوتري”، و”كونشرتو العود”، و”كونشرتو تشللو”، وللأغنيات الصوفية، “حوار المحبة” و”الآهات” و”يا واهب الحب” و”خطامة”.
كما ألّف أيضًا موسيقى المسرحية اليونانية “باخوسيات” للروائي المسرحي اليوناني “ليروبيديس” عام 2002، إذ عرضت في عدة بلدان أوروبية.
https://www.youtube.com/watch?v=rKVxLxV9FYs
أحد أعمدة الموسيقى السريانية
ولد نوري إسكندر في مدينة دير الزور، من عائلة أصولها رهاوية (أورفا حاليًا)، عام 1938، وانتقل بعدها مع عائلته إلى مدينة حلب، وفيها بدأ مشواره ومسيرته في الإبداع بالفن الموسيقي بآلتي الترومبيت والكمان أيضًا.
درس إسكندر الموسيقى في صغره على يد الموسيقي الروسي، ميشيل بوزيرنكو، وبعد حصوله على الشهادة الثانوية سافر إلى مصر، حيث درس في المعهد العالي للتربية الموسيقية في القاهرة عام 1959 وتخرج فيه عام 1964.
بعد تخرجه من المعهد الموسيقي في مصر، عاد إسكندر إلى حلب، ودرَّس الموسيقى لطلاب الثانوية، كما تولى إدارة المعهد العربي للموسيقى بين عامي 1996 و2002.
ويعدّ إسكندر، أحد أعمدة الموسيقى السريانية المعاصرة، وبذل الكثير من الوقت والجهد لفهمها خلال 40 عاماً، وعمل أيضًا على أرشفة الأغنيات السريانية الكنسية للمحافظة عليها.
اشتهر الموسيقار بتفرده وشغفه في كتابة الموسيقى الشرقية غير التقليدية الحديثة مع المحافظة على روح المفهوم الشرقي للألحان، وشغفه بالبحث عن جذور الموسيقى الشرقية ولا سيما الموسيقى السريانية.
وبالإضافة إلى الأعمال الموسيقية، قدم إسكندر دراسات وأبحاث في الألحان السريانية ضمن كتابين من خلال نظام الكتابة الموسيقية الحديثة “التنويط”، وكذلك الموسيقى الكنسية، بدأ بها “بيث كازو – كنز الترانيم” للكنيسة السريانية، حيث استخدم فيها الأوزان الإيقاعية لمدرسة “إديسا”.
مساهماته في الدراما
لم تتوقف أعمال نوري إسكندر على الجوانب التراثية والدينية السورية، وامتد عمله إلى الدراما السورية، حيث ألّف موسيقى تصويرية لعدد من الأفلام والمسلسلات.
ومن مؤلفاته الموسيقى التصويرية لمسلسل “قلوب خضراء” الذي أخرجه سليم صبري، ولفيلمي “الترحال” للمخرج ريمون بطرس، و”علاقات عامة” للمخرج سمير ذكرى، كما لحن أغنيات مسلسل “الثريا” التي من إخراج هيثم حقي.
كما أسس أول كورال لكنيسة “مار جرجس” للسريان الأرثوذكس في حلب عام 1965، وتبعها كورال ثانٍ تابع لكنيسة “مار أفرام” السرياني.
وفي عام 1973، أسس “فرقة شاميرام” في بيروت، وقدّم معها أغانٍ شعبية سريانية خلال حفلين في صالة “اليونسكو”، بمشاركة الفنان اللبناني الراحل وديع الصافي، كما ألّف العمل الغنائي “حوار المحبة” في حلب عام 1995، بالإضافة إلى تقديمه سلسلة حفلات في باريس، وبروكسل وجنيف مع كوراله السرياني “قوقويه”.
وألّف أيضًا في عام 1997، المسرحيَّة الغنائية “قلعة حلب”، التي تمثلت فيها الأغنيات الشعبية السورية البارزة لأساس ألحان الترتيل السرياني، بالإضافة إلى تقديمه حفلين في أوبرا دمشق عام 2008.
اقرأ أيضًا: وفاة الفنان و”الريجيسير” السوري عبد الله الحصوة
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :