العائدون من مخيم “الهول” إلى دير الزور يعانون رفض المجتمع
بعد عودة عائلات مقاتلين سابقين في تنظيم “الدولة الإسلامية” من مخيم “الهول” إلى مجتمعاتها المحلية، وجدت نفسها أمام حاجة ملحة للتوجه إلى الأطراف المحلية لطلب المساعدة.
غياب الرؤية الحكومية الفعالة لإعادة تأهيل هذه العائلات ودمجها مجددًا في المجتمع شكّل عائقًا أمام عودة تلك العائلات إلى حياتها الطبيعية.
وتبذل “الإدارة الذاتية” جهدًا في محاولة دمج عائلات مقاتلي التنظيم وخصوصًا الأطفال بالمجتمعات، وتأمين برامج إعادة تأهيل لهم، لكن هذه البرامج تستثنى منها العائلات السورية، وحتى الأطفال منهم.
اقرأ أيضًا: “إمارة” في مراكز إعادة تأهيل أطفال مقاتلي تنظيم “الدولة”
الاندماج بالمجتمع
خالدية وأطفالها السبعة واجهوا تحديات عندما غادروا مخيم “الهول” للنازحين واستقروا في حي بلدة السوسة شرقي دير الزور، بحسب ما قالته لعنب بلدي.
عائلة خالدية (تحفظت على اسمها الكامل لأسباب أمنية) لا معيل لها بحسب ما قالته، إذ انخرط زوجها وابنها الأكبر في صفوف تنظيم “الدولة”، وقُتلوا قبل سنوات.
المرأة البالغة من العمر 45 عامًا، واجهت صعوبات عديدة بعد عودتها إلى مجتمعها المحلي، فمنزلها تعرض لأضرار بسبب القصف، واضطرت لبناء خيمة لتوفير مأوى لها ولأطفالها.
انتصار أيضًا، خسرت ابنها الأصغر الذي انضم لتنظيم “الدولة” عندما كان بعمر 13 عامًا.
وعقب عودتها من مخيم “الهول” حيث أقامت لسنوات، تعاني فقرًا وتهميشًا، إذ يعمل أولادها بجمع القطع البلاستيكية المعدنية من القمامة، وبيعها لتجار متخصصين، بغرض تأمين بعض أساسيات الحياة.
المسبب الرئيس لقلق انتصار (تحفظت على اسمها الكامل لأسباب أمنية) بحسب ما قالته لعنب بلدي، هو المعاملة السيئة التي تتلقاها من الجيران والأقارب، وهو ما يزيد من صعوبة حياتهم اليومية.
وأضافت أنها إلى جانب عائلات أخرى تعاني العواقب الطويلة الأمد لانضمام أفراد منها للتنظيم، وتتجلى بنظرة المجتمع لأقارب وأفراد عائلة العنصر في التنظيم.
وصمة
عائلات أخرى تعاني صعوبات بعد عودتها إلى مجتمعاتها المحلية قادمة من المخيمات، وتنعكس هذه المصاعب على جميع أفراد العائلة حتى الأطفال، إذ يتعرضون لمضايقات من الجيران والمجتمع المحلي، يضاف إليها ظروف الفقر.
إحدى المشكلات الرئيسة التي رصدتها عنب بلدي من خلال الحديث مع عائلات انتقلت من المخيمات، هي نقص الدعم والمساعدة الحكومية.
حالة النساء الأرامل اللواتي يعانين من عدم حصولهن على مخصصات مالية من المنظمات أو المجالس المحلية هي مثال على هذه المصاعب، إذ يقفن عاجزات عن تأمين أساسيات الحياة.
آسيا، عبرت خلال حديثها لعنب بلدي عن رغبتها في العودة إلى منطقتها الأصلية، لكن مخاوفها من تهميش المجتمع المحلي لها، وخوفها من الاندماج معهم، يمنعها من ذلك، ويجبرها على الإقامة كنازحة في منطقة أخرى.
وبالنسبة لآسيا (تحفظت على اسمها الكامل لمخاوفها الأمنية) العائدة من مخيم “الهول” أيضًا، تشكل النظرة السلبية التي تواجهها من المجتمع المحيط بها عائقًا أمامها، إذ ترى أنها مجبرة على التعامل مع المجتمع المحلي بحذر، بسبب اعتبارات متعلقة بالارتباط السابق لأحد أفراد عائلتها بتنظيم “الدولة”.
نشاط “الإدارة الذاتية”
سندس طه، موظفة في “لجنة المرأة” التابعة لـ”الإدارة الذاتية” في دير الزور، قالت لعنب بلدي إن “اللجنة” تعطي أولوية لنساء وأرامل عناصر التنظيم من حيث الدعم والمساعدات الإنسانية.
وأضافت أنه خلال العام الماضي قدمت إحدى المنظمات الإنسانية مشاريع تعليم الحياكة، وآليات التدبير المنزلي مثل صناعة “بيت المونة”، والخياطة، وصالونات التجميل النسائي.
وأضافت أن “اللجنة” تعمل على تطبيق نشاطات توعية للبالغين من أفراد هذه العائلات، في محاولة لدمج هؤلاء النساء بالمجتمع وتأهيلهن فكريًا وتطوير ثقافتهن.
سندس ترى أن هؤلاء النساء كنّ تحت تأثير التنظيم، ويحتجن إلى دعم، لكن لا توجد مراكز أو جهات متخصصة بتقديم الدعم لهن بشكل أساسي.
وعود
شكلت مسألة الإفراج عن عائلات من محافظة دير الزور في هذه المخيمات أو في السجون المخصصة للتنظيم مطلبًا رئيسًا لأبناء محافظة دير الزور.
وفي 23 من تشرين الثاني الماضي، قدمت “الإدارة الذاتية” جملة من الوعود للتخفيف من حدة العداء بينها وبين عشائر دير الزور، تضمنت إخراج العوائل الموجودة في مخيم “الهول” التي تنحدر من دير الزور بشكل مُنظم ودوري.
وتحتجز “قسد” آلاف العائلات بمخيم “الهول” بتهمة انتماء أفراد منها لتنظيم “الدولة الإسلامية” الذي كان يسيطر على المنطقة قبل عام 2019.
وسبق أن صرحت رئيسة الهيئة التنفيذية السابقة في “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد)، إلهام أحمد، عام 2020، أن “مسد” عقد اتفاقًا مع “الإدارة الذاتية” يتضمن إخراج جميع السوريين من مخيم “الهول”، وهو ما لم يطبّق حتى اليوم.
أخذ مخيم “الهول”، شرقي الحسكة، شكله الحالي، بعد تدفق أعداد كبيرة من النازحين من المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم “الدولة” خلال شن “قسد” هجومًا ضد معاقله الأخيرة، وتمكنها من السيطرة عليها معلنة عن إنهاء التنظيم في 23 من آذار 2019.
وأُنشئ المخيم في التسعينيات لاستيعاب خمسة آلاف لاجئ عراقي، ويضم اليوم 35 ألفًا من السوريين، ومثلهم تقريبًا من العراقيين، وحوالي عشرة آلاف من 30 إلى 40 دولة أخرى.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :