شُكّل بعد زلزال شباط
ما “المجلس الأعلى لإدارة الكوارث” في الشمال السوري
تسببت كارثة الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 على مقياس ريختر، في 6 من شباط الماضي، بأضرار كبيرة في شمال غربي سوريا، مخلفًا أكثر من 4500 قتيل ونحو 10400 مصاب، ودمار أكثر من 10600 مبنى بدرجات متفاوتة، وفق بيانات الأمم المتحدة، ما أظهر ضعف الاستجابة للكوارث نتيجة سوء التنسيق وقلة الإمكانيات والموارد.
استدعت هذه الآثار استنفارًا سكانيًا من خلال فرق تطوعية ومبادرات شعبية ومن منظمات مجتمع مدني للمشاركة في عمليات الإنقاذ والبحث عن ناجين من تحت الركام.
كل هذا أسهم بإطلاق “المجلس الأعلى لإدارة الكوارث والطوارئ” الذي شكّل ضرورة بعد كارثة الزلزال، بسبب عدم وجود جهة واحدة تنسق العمل وتسد الفجوات، ويتكوّن من لجنة مشتركة تضم جميع الفعاليات والمجالس المحلية ونقابة “المهندسين الأحرار” و”الحكومة السورية المؤقتة”.
نقيب “المهندسين الأحرار”، خالد عثمان، قال لعنب بلدي، إن التنسيق فعّال ودائم بين نقابة “المهندسين الأحرار” و”المجلس الأعلى لإدارة الكوارث والطوارئ”، وجرى تشكيل شبكة “ساند” المنبثقة عن “المجلس”، بعضوية النقابة، عبر 17 متطوعًا من طلاب كلية الهندسة.
ما “المجلس الأعلى لإدارة الكوارث والطوارئ”
قال رئيس “المجلس الأعلى لإدارة الكوارث والطوارئ”، علاء الدين الجابري، لعنب بلدي، إن المجلس أُسس في سياق تزايد الكوارث في المجتمع السوري، حيث كان لكارثة الزلزال السبب الرئيس في إطلاق هذا المجلس، ويعد مشروع “تمكين المجتمع للاستعداد للاستجابة للكوارث” خطوة ذات أهمية ضمن إطار العمل، ويهدف إلى بناء قدرات المجتمع السوري في التعامل مع مخاطر الكوارث.
وأضاف أن عمل المجلس يتمحور حول تعزيز “الحوكمة البينية” وتحسين التنسيق بين مختلف الأطراف والمؤسسات، سواء كانت مؤسسات حكومية أو من المجتمع المدني أو وسائل الإعلام أو القطاع الخاص.
ويعد “ميثاق الإطار التكاملي” أحد مخرجات مشروع “تمكين المجتمع”، ويكمن تحقيق التكامل في تطبيق سبع خطوات استراتيجية هي: “نشر الوعي في المجتمع، تحسين التنسيق والتكامل، رفع القدرات التطوعية، تعزيز دور المرأة والشباب، المساهمة في جمع بيانات، الاستعداد والتأهب للكوارث، السعي لتأمين الموارد”.
وأفاد الجابري أن لـ”المجلس الأعلى” هيكلية تتمتع بالشخصية الاعتبارية، ويضم ممثلين عن الوزارات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات، ويتسم بالمرونة في التوسعة والعمل وفق إطار عمل تكاملي، بحيث تعمل تلك الأطراف بتنسيق جزئي أو كلي بمختلف القطاعات خلال الاستجابة الإنسانية وفي حالات وقوع الكوارث.
أُسس المجلس بقرار من مجلس الوزراء في “الحكومة المؤقتة”، ويتبع مباشرة لرئيس الحكومة، ويقع مقره الرئيس في مدينة اعزاز.
تحديات تواجه العمل
أكد رئيس “المجلس الأعلى لإدارة الكوارث والطوارئ”، علاء الدين الجابري، أنه بعد مضي 12 عامًا من ضعف الواقع الحوكمي بين مكونات المجتمع السوري، كان من أبرز التحديات التي واجهت انطلاقة المجلس، تحقيق القناعة المشتركة لدى الأطراف الرئيسة بأهمية دور المجلس كشخصية اعتبارية في بناء استراتيجيات شاملة لفهم قطاع الكوارث وإيجاد آلية عمل مشتركة.
كما أن غياب الفهم المشترك للكوارث، بحسب الجابري، يعد تحديًا رئيسًا في ظل إطلاق “المجلس الأعلى لإدارة الكوارث والطوارئ”، فهناك تباين بالتصورات حيال الكوارث في المنطقة، حيث يعتبر البعض أنها تشكل مجموعة متنوعة من الكوارث عبر مختلف القطاعات، بدءًا من تقديم الخدمات وإدارتها وصولًا إلى الاستجابة الإنسانية الطارئة.
بالإضافة إلى تعدد وتداخل أنواع الكوارث الطبيعية وغيرها، مثل الكوارث الاجتماعية الناتجة عن الجهل والفقر في شمال غربي سوريا، كما أن حجم الموارد المطلوبة لتأسيس بنية تنظيمية متكاملة في مراحل التأسيس والتشبيك وبناء منظومات التواصل تعد من أبرز التحديات التي تواجه انطلاقة المجلس.
وعن شكل العلاقة بين “المجلس الأعلى لإدارة الكوارث والطوارئ” و”الدفاع المدني السوري” (الخوذ البيضاء) في حال حدوث أي كارثة أو طارئ، قال الجابري، إن المجلس يبني علاقة تكامل مع كل أطراف المجتمع، عن طريق العضوية في المجلس وضمن الإطار التكاملي لتعزيز قدرة المجتمع السوري لإدارة الحد من مخاطر الكوارث.
وأشار إلى أن هناك خطوات مع “الدفاع المدني” في تأطير العلاقة، والمضي بالخطوات الاستراتيجية السبع للإطار التكاملي سيعزز الاستجابة ومشاركة جميع أطراف المجتمع وبالتالي الحد من مخاطر الكوارث.
مشروع “تمكين المجتمع”
اختتم مشروع “تمكين المجتمع للاستعداد للاستجابة للكوارث”، وجميع الأنشطة المتعلقة به، خلال مؤتمر ختامي قدم فيه “المجلس الأعلى لإدارة الكوارث والطوارئ” وإدارة المشروع، شهادات حضور الدورات التدريبية وتم توقيع مذكرات تفاهم مع عدة مؤسسات ومنظمات في الشمال السوري.
وعرض خلال المؤتمر الأنشطة والتدريبات لـ85 متطوعًا ومتطوعة في خمسة مواقع جغرافية، وطرحت هوية شبكة “ساند” المجتمعية التي تعد من مخرجات المشروع.
جاء المشروع بالشراكة بين “المجلس الأعلى لإدارة الكوارث والطوارئ” وكل من منظمة “مضمار”، ومؤسسة “2020IDEA”، وفرع حلب لنقابة “المهندسين السوريين الأحرار”، ومؤسسة “قيم”، و”اتحاد المقاولين السوريين للإنشاءات”.
وبحسب مدير المشروع، علي حلاق، فإن الجلسات الحوارية التي حضرها قرابة 300 شخص من المتطوعين ومختلف الجهات، مهدت لانعقاد المؤتمر، الذي شهد استجابة فعالة لحضوره، كون المجتمع السوري دفع ضريبة كبيرة بكارثة الزلزال، ما أسهم بإيجاد حشد أكبر في المؤتمر.
شبكة مجتمعية
قال مدير مشروع “تمكين المجتمع للاستعداد للاستجابة للكوارث”، علي حلاق، لعنب بلدي، إن الهدف من هذا المشروع الذي جاء بعد الزلزال المدمر أن تكون هناك مبادرة من المجتمع المدني للاستجابة لهذه الكارثة، لكنها افتقدت للتنظيم، وهذا أضعف المبادرة لدى المجتمع المدني، لذلك الفكرة من هذا المشروع تشكيل شبكة مجتمعية لتكون مدربة ومنظمة للاستجابة للكوارث.
من جهته قال علاء الدين الجابري، إنه بدأ إطلاق شبكة “ساند من أجل سوريا” المنبثقة عن مشروع “تمكين المجتمع المدني للاستجابة للكوارث” في ثلاث مناطق، هي الباب واعزاز وعفرين.
وضمت الشبكة 85 متطوعًا مدربين على فهم مخاطر الكوارث والتخطيط للسيناريوهات المحتملة وحملات المناصرة لقضايا الكوارث والاتفاق على هوية الشبكة ومجالات عملها.
وأضاف أن الشبكة ملتزمة بالتماسك والتعاون، من خلال التشبيك الجغرافي والتخصصي، والتدريب والنمو المستمر، لمساندة المؤسسات والمجتمع، لتحقيق تأثير إيجابي يسهم في تقليل مخاطر الكوارث وتعزيز مسارات التنمية.
وأشار الجابري إلى أن المجلس سيعمل على توسيع الالتزام بالإطار التكاملي، وسيضع آليات عمل متوازية بشكل متزامن مع جميع الأطراف والملتزمين بالإطار لتنفيذ الخطوات الاستراتيجية السبع، من خلال تحديد الأدوار الرئيسة لجميع الأطراف المعنية، وتشبيك وتوسيع الشبكات الاجتماعية كأساس لإشراك المجتمع.
وسيكون هناك تعزيز لدور وسائل الإعلام في عمليات التخطيط والاستعداد والاستجابة للكوارث، كما سيجري إعادة هيكلة الموارد لتحقيق أقصى قدر من الفعالية في مواجهة الكوارث، وفق الجابري.
سيعمل المجلس في الاستجابة للكوارث الحالية، مثل كارثة الجفاف في المنطقة عمومًا، وفي منطقة الباب بشكل خاص، حيث سيقدم سيناريوهات للتعامل مع الكارثة وسيتم وضع مشاريع استراتيجية تعاونية، بالإضافة إلى أهمية حشد الرأي الدولي لمواجهة أسباب الكارثة مثل عملية قطع المياه من محطة “عين البيضة”.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :