طريقتان للهجمات على القواعد الأمريكية في سوريا.. ما الأسباب

  • 2023/12/25
  • 5:04 م
وحدة عسكرية من القوات الأمريكية الموجودة في العراق- 22 من تشرين الأول 2023 (العزم الصلب)

وحدة عسكرية من القوات الأمريكية الموجودة في العراق- 22 من تشرين الأول 2023 (العزم الصلب)

منذ منتصف تشرين الأول الماضي، تتكرر الاستهدافات لقواعد أمريكية شرقي سوريا، وفي المحافظات العراقية الغربية، وصارت هذه الاستهدافات حالة شبه يومية، حتى إنها كانت تتكرر لعدة مرات خلال اليوم الواحد.

وتعتبر “المقاومة الإسلامية في العراق” هي المسؤولة عن هذه الاستهدافات، إذ تعلن بشكل دوري تبنيها لقصف القواعد عبر معرّفها الرسمي الذي ظهر على تطبيق “تلجرام” مع بداية الاستهدافات نفسها.

ومنذ نحو شهر، انقسمت طريقة هذه الاستهدافات إلى نوعين، الأول يجري من داخل الأراضي العراقية، وتعلن “المقاومة الإسلامية” مسؤوليتها عنه، والثاني ينفذ من داخل مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) التي تعتبر الحليف المحلي الفاعل للتحالف الدولي بقيادة أمريكا.

وتكررت حالات عثور “قسد” على منصات إطلاق قذائف بالقرب من قواعد أمريكية شمال شرقي سوريا، إلى جانب منصات إطلاق صواريخ عثرت عليها خلال محاولة تهريبها من مناطق سيطرة النظام السوري.

منصة إطلاق صواريخ ضبطها الأمن الداخلي خلال محاولة تهريبها نحو ريف دير الزور الغربي- 15 من كانون الأول 2023 (الأمن الداخلي/ لقطة شاشة)

لعدم توسع نطاق الحرب

منذ بداية التصعيد، ربطت “المقاومة الإسلامية في العراق” استهدافاتها المتكررة للقواعد الأمريكية في سوريا والعراق بالحرب الإسرائيلية على غزة المستمرة منذ 7 من تشرين الأول الماضي، على خلفية معركة “طوفان الأقصى” التي أطلقتها حركة “المقاومة الإسلامية” (حماس) ضد الاحتلال الإسرائيلي في غلاف قطاع غزة.

ورغم البيانات المتتالية التي تبنت خلالها “المقاومة الإسلامية في العراق” استهدافات القواعد الأمريكية، حاولت واشنطن التركيز على أن وجودها في المنطقة محصور بالحرب على تنظيم “الدولة الإسلامية”، وغير مرتبط بالحرب الإسرائيلية على غزة.

الردود الأمريكية على الاستهدافات كانت خجولة نسبيًا، إذ ردت على نحو 100 هجوم طال قواعدها في سوريا والعراق، بأربع غارات جوية متباعدة من حيث المدة الزمنية، استهدفت ما أسمته “منشآت يستخدمها (الحرس الثوري الإيراني) في سوريا”.

وعند إعلان واشنطن عن ردها على قصف طال قواعدها، كانت تنوه إلى أنه في وضع الدفاع عن النفس، ولا تريد توسيع الحرب الدائرة في غزة نحو مناطق أخرى.

الباحث المساعد في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” أسامة شيخ علي، قال لعنب بلدي، إن تركيز إيران والنظام السوري على استهداف القواعد الأمريكية من داخل مناطق سيطرة “قسد” يعود إلى الرغبة المستمرة بعدم توسع رقعة الحرب في غزة.

وأضاف أن الأطراف المسؤولة (إيران والنظام) عن هذه الاستهدافات تحاول قدر الإمكان ألا تكون الهجمات استفزازًا كبيرًا يستدعي الرد.

وتكرر النفي الإيراني للضلوع باستهدافات تطال القواعد الأمريكية في سوريا والعراق، أبرزها جاء على لسان وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، عندما قال إنه لا ارتباط لبلاده مع الجماعات التي طالت القوات الأمريكية في سوريا، معتبرًا أن الميليشيات المنتشرة في المنطقة تتصرف من تلقاء نفسها ولم تتلق أي توجيهات من طهران.

وأضاف عبد اللهيان في مقابلة مصورة مع وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية، في 28 من تشرين الأول الماضي، أن الجماعات المسلحة المعادية للولايات المتحدة لا تتلقى أي أوامر أو تعليمات من بلاده، لافتًا إلى أن الجانب الأمريكي يزعم أن هذه الأمور مرتبطة بإيران، ولكن هذه المجموعات “تقرر بنفسها، وبشكل مستقل”.

ضباط وجنود من الجيش الأمريكي خلال مناورات مشتركة مع الجيش الأردني- أيلول 2023 (القيادة المركزية الأمريكية)

ما “المقاومة الإسلامية في العراق”؟

لا تشير التسمية التي ظهرت على تطبيق “تلجرام”، في تشرين الأول الماضي، إلى جماعة قائمة بحد ذاتها، بل هي اسم عام يُستخدَم للدلالة على الوحدة بين الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، والتأكيد على هوياتها الفردية خلال الهجمات التي أثارتها الحرب على غزة، بحسب تحليل موجز نشره معهد “واشنطن”، وأعده باحثان متخصصان بشؤون الجماعات الإيرانية.

ويرى الباحثان، حمدي مالك المتخصص في شؤون الميليشيات الشيعية، ومايكل نايتس المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج، أن “المقاومة الإسلامية” هو مصطلح شامل يُستخدَم لوصف العمليات التي تنفّذها جميع الميليشيات المدعومة من إيران في العراق، بما في ذلك الضربات على سوريا.

وتعتبر الحركة المسلحة مسؤولة عن عمليات عسكرية حركية وطنية وعابرة للحدود على حد سواء، تستهدف الولايات المتحدة في العراق وسوريا، وناجمة عن الدور الأمريكي في أحداث غزة.

ومن حيث قادة المجموعة، يرى الباحثان أن الأدلة المتوفرة تشير إلى أن “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري الإيراني” هو المسؤول عن تأدية دور تنسيق “المقاومة الإسلامية في العراق”.

وتحرص الجماعات المسلحة العراقية بشدة على حماية هوياتها الفردية والفضل الذي يعود إليها في الهجمات (المباشرة أو عبر جماعات واجهة مرتبطة بها)، لذا يشير استعدادها لإخفاء هذه الهويات وحتى التراجع عن تبني هجوم منفّذ على مستوى جماعة فردية إلى أن سلطة عليا تتولى تنسيقها.

لقطة شاشة من تسجيل مصور نشرته المقاومة الإسلامية لاستهداف طال مستوطنة إسرائيلية في فلسطين المحتلة- 22 من كانون الأول 2023 (الإعلام الحربي)

النظام وإيران يستغلان حرب غزة

حتى قبل اندلاع الحرب في غزة، كانت القواعد الأمريكية تتعرض بشكل متكرر لاستهدافات صاروخية، أو عبر طيران مسيّر أحادي الاتجاه (انتحاري)، لكن الولايات المتحدة كانت ترد على هذه الاستهدافات بقصف يطال منشآت لميليشيات إيرانية في المنطقة بشكل دوري.

المختلف في الاستهدافات القائمة حاليًا هو كثافتها، وقلة الردود الأمريكية عليها، إلى جانب أنها لا تحدث أضرارًا جسيمة في الأماكن المستهدفة، وغالبًا ما ينتج عنها إصابات في صفوف جنود أمريكيين، يعود معظمهم للخدمة بعد مدة قصيرة.

الباحث أسامة شيخ علي قال لعنب بلدي، إن إيران والنظام السوري يستغلان الأحداث الحاصلة في غزة لزيادة تكلفة الوجود الأمريكي في سوريا، عبر استهداف القواعد العسكرية المنتشرة في المنطقة.

ومع التوتر الأمني الذي تبع مواجهات “قسد” مع عشائر من دير الزور في آب وأيلول الماضيين، ولا يزال مستمرًا، زادت إيران من وجودها الأمني داخل مناطق سيطرة “قسد” مستغلة الأحداث حينها.

ويعتبر التوتر الأمني امتدادًا لمواجهات اندلعت في 28 من آب الماضي، على خلفية اعتقال “قسد” قائد “المجلس العسكري”، أحمد الخبيل (الملقب بـ”أبو خولة”)، ما أسفر عن تحالف عشائر من المنطقة مع مقاتلي “المجلس”، انخرط بمواجهات عسكرية في بعض قرى وبلدات دير الزور، وأخرجها عن سيطرة “قسد” بالكامل، ثم عاودت الأخيرة احتواء التوتر فيها لاحقًا.

ومع مرور الوقت، أدى تدخل النظام السوري بالانتفاضة ودعمه لأفراد فيها إلى سحب أبناء المنطقة دعمهم لها، ما حول المشهد إلى عمليات مباغتة يشنها مقاتلون من العشائر ضد “قسد” بدعم مدفعي من النظام في بعض الأحيان.

الباحث يرى أن الوجود الإيراني في المنطقة ليس جديدًا، لكنه زاد بعد الاقتتال الذي شهدته المنطقة، وشكلت إيران والنظام السوري موطئ قدم لهما داخل مناطق سيطرة “قسد” لاستهداف القواعد الأمريكية منها.

إلى جانب أن القصف الذي يستهدف هذه القواعد من داخل مناطق سيطرة “قسد” سيجنب المقار التابعة لميليشيات إيرانية في دير الزور أي استهداف قد تنفذه أمريكا ردًا على قصف قواعدها.

من داخل مناطق “قسد”

في 12 من كانون الأول الحالي، قالت “قسد” إنها عثرت على منصات لإطلاق قذائف في مدينة الشدادي شرقي محافظة الحسكة، استخدمت لقصف قاعدة أمريكية بقذائف هاون.

وأضافت بحسب ما نشره المركز الإعلامي التابع لها، أنها نفذت عملية تمشيط واسعة في المنطقة المحيطة بالقاعدة المشتركة لقواتها وقوات التحالف الدولي، بعد تعرضها لقصف بعدة قذائف.

وفي أثناء عملية التمشيط، تمكنت “قسد” من العثور على عدد من المنصات لإطلاق قذائف “هاون” بالقرب من قرية عدلة، جنوب مدينة الشدادي.

منصات لإطلاق قذائف الهاون عثرت عليها “قسد” شرقي محافظة الحسكة- 11 من كانون الأول 2023 (SDF)

وفي 16 من الشهر نفسه، قالت قوى “الأمن الداخلي” (أسايش) التابعة لـ”الإدارة الذاتية” (مظلة “قسد” السياسية) إنها ضبطت منصة إطلاق صواريخ، خلال محاولة إدخالها إلى ريف دير الزور الغربي، دون الإشارة إلى الجهة التي جاءت منها.

ونشرت “أسايش” حينها تسجيلًا مصورًا يظهر المنصة مخفية أسفل صندوق سيارة مخصصة للنقل.

ولم تحدد الوجهة التي جاءت منها السيارة، باستثناء أنها كانت قادمة نحو ريف دير الزور الغربي.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا