“أبو أحمد زكور” يوضح لعنب بلدي أسباب الخلاف في “تحرير الشام”

  • 2023/12/28
  • 9:25 ص
القيادي المنشق عن "هيئة تحرير الشام" جهاد عيسى الشيخ "أبو أحمد زكور" وقائد الفصيل "أبو محمد الجولاني" (تعديل عنب بلدي)

القيادي المنشق عن "هيئة تحرير الشام" جهاد عيسى الشيخ "أبو أحمد زكور" وقائد الفصيل "أبو محمد الجولاني" (تعديل عنب بلدي)

تتواصل حالة الخلاف بين قيادات الصف الأول في “هيئة تحرير الشام” صاحبة السيطرة العسكرية في إدلب، وسط تراشق اتهامات بين القيادي جهاد عيسى الشيخ (أبو أحمد زكور)، الذي انشق عن “الهيئة” وحاولت اعتقاله وفشلت، وبين قياديين لا يزالون تحت لوائها ومقربين من قائد الفصيل “أبو محمد الجولاني”.

الرجل الثالث في الفصيل “أبو أحمد زكور” انشق عن “تحرير الشام”، وتحدث عن أربعة ملفات وقضايا نفذها “الجولاني” ويرتبط بها، هي: تفجير قرب معبر “أطمة” الحدودي مع تركيا عام 2016، والثانية استهداف بالمفخخات لمقاتلين ضمن “حركة نور الدين الزنكي” بريف حلب عام 2017، والثالثة مبايعة وتعاون فصائل من “الجيش الوطني السوري” مع “الهيئة”، والرابعة “العمالة” مع جهات خارجية.

لم يعلق “الجولاني” على القضايا، بينما رد رئيس المجلس الأعلى للإفتاء في “تحرير الشام”، عبد الرحيم عطون، بأن “الهيئة” بريئة من قضايا التفجيرات والمفخخات، وأن الخلاف مع جهاد عيسى الشيخ ليس خلاف “سلطة وكرسي” إنما بقضايا فساد مالي واضح، ومن شبهات أمنية لا يمكن إغفالها، في قضية “خلايا الاختراق لصالح بعض الدول” لا يزال التحقيق فيها جاريًا.

“انقلاب”

القيادي المنشق عن “تحرير الشام” جهاد عيسى الشيخ، قال لعنب بلدي إن الاتهامات الموجهة إليه من “إساءة استخدام منصبه ومخالفة السياسة العامة وقضايا فساد مالي وابتزاز وشبهات أمنية” عارية عن الصحة.

وأوضح “أبو أحمد زكور” بأن قضية الانقلاب على قائد الفصيل “أبو محمد الجولاني”، ذريعة من الأخير لتصفية شريحة من “الهيئة” ليس لها ولاء مطلق له، واعتبر جهاد الشيخ أن الانقلاب لا صحة له، ولا علاقة له به، كما أنه لا يصلح لذلك، ولا رغبة له بتحمل هذا العبء في هذه المرحلة الحساسة.

وأضاف أن “المناصب والجماعات هي وسيلة وليست غاية بذاتها، فإن كنت خالفت سياستهم العامة القائمة على الاختراق وتفكيك الفصائل فضلًا عن الخطف والغدر، فهذا من مبدأ ديني ثوري وهو شرف لي”.

وقال القيادي لعنب بلدي إن “الهيئة” لديها تصور بأن “أبو ماريا القحطاني” لديه ترتيب مع التحالف وترتيب لانقلاب على “الجولاني”، يتم تطبيقه حين يعود الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى قيادة الحكم عام 2024، وأن الأمريكان يدعمون هذا المشروع.

ويتم الانقلاب إما عن طريق قوات التحالف بقصف لـ”أبو محمد الجولاني”، وفي حال عدم استجابة الأمريكان، فإن “أبو ماريا” يعتقل القيادات لأنه جنّد عددًا كبيرًا من العناصر، وبعدها يُنصّب “أبو أحمد زكور” قائدًا عامًا لـ”تحرير الشام”، ويسجن القيادات السابقة ويحاكمهم، بينما ينصّب “أبو ماريا” أمنيًا عامًا للفصيل. بحسب “أبو أحمد زكور” فهذا التصور غير صحيح.

أرادت (الهيئة) إسقاط بعض الأسماء، بحجة ابتزاز مالي، تبعها كلام مبهم عن قضية أمنية، لكن القضية الأساسية التي تتحدث عنها “تحرير الشام” هي حياكة انقلاب ضد “الجولاني”، فأنا لا أعلم بهذا الموضوع، وأكبر حلم لدى “أبو ماريا” هو العودة إلى العراق.

جهاد عيسى الشيخ “أبو أحمد زكور” – قيادي منشق عن “تحرير الشام”

يعد “أبو ماريا” وهو ميسر بن علي الجبوري القحطاني، الملقب بـ”الهراري” نسبة إلى قرية هرارة العراقية، الرجل الثاني في “تحرير الشام”، وشارك في تأسيس “جبهة النصرة” (“تحرير الشام” حاليًا) في تشرين الأول 2011.

قبل تجميد مهامه في آب الماضي، كان يقود ملف محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”، وغالبًا ما كان يتم تقديمه من قبل أتباع “تحرير الشام” على أنه عالم دين أو شيخ، لكنه قائد ومنفّذ ورجل أعمال أكثر من كونه عالمًا.

في السنوات الماضية، شارك “القحطاني” مع جهاد عيسى الشيخ في قيادة “جهد سري” لتوسيع نفوذ “تحرير الشام” في أرياف حلب، من خلال التفاوض والتوسط في ترتيبات مواتية مع الفصائل “المرنة” في “الجيش الوطني”.

ويميل جهاد عيسى الشيخ إلى مساندة “أبو ماريا” ودعمه، ودائمًا يشارك صورًا ويكتب منشورات عن علاقتهما مرفقة بدعوات منها الثبات على درب “الدعوة والجهاد” مع “رفيق الدرب شيخنا أبو ماريا”، حسب تعبيره في واحدة منها.

كواليس أربعة ملفات

بعد يوم من محاولة اعتقال “أبو أحمد زكور” من اعزاز، وعبر صوتيات متداولة تأكدت من صحتها عنب بلدي، كشف القيادي في 20 من كانون الأول الحالي، عن أربعة ملفات وقضايا نفذها قائد “تحرير الشام” أحمد الشرع “أبو محمد الجولاني” ومرتبط بها، هي:

  • تفجير قرب معبر “أطمة” الحدودي مع تركيا عام 2016، وأسفر عن مقتل 50 شخصًا من “الجيش الحر” والمدنيين.
  • استهداف بالمفخخات لمقاتلين ضمن “حركة نور الدين الزنكي” بريف حلب عام 2017، وأسفرت عن مقتل أكثر من 70 عنصرًا.
  • مبايعة وتعاون فصيلين من “الجيش الوطني” مع “الهيئة” هما “تجمع الشهباء” و”الجبهة الشامية”.
  • التعامل مع جهات خارجية مقابل ثمن وفتح السجون للاستخبارات البريطانية والأمريكية.

عن التفجير قرب معبر أطمة عام 2016، الذي اتهم فيه “أبو أحمد زكور”، “تحرير الشام”، قال القيادي المنشق إن التفجيرات لا يعلم بها سوى من أخذ القرار فيها، وهم “أبو أحمد حدود” و”أبو فراس السوري” و”أبو محمد الجولاني”، والذي نفذها “أبو داوود”.

“أبو داوود” هو المسؤول الأمني لمنطقة أطمة كان مخترِقًا لتنظيم “الدولة”، وكان مسؤولًا مع التنظيم تحت اسم وهمي آخر.

وذكر “أبو أحمد زكور” أنه لم يكن يعلم بالتفجيرات عند تنفيذها، لكنه شكّ بالأمر وتتبع بعدها الخيوط، ولم يصل إلى دليل قاطع إلا بعد سنتين.

وعن “مبايعة” فصائل “الوطني” مع “الهيئة”، قال “أبو أحمد زكور” إن هذه البيعة قائمة على تفكيك فصائل الشمال، لافتًا إلى أن قيادتها بشكل مباشر من قبل “الهيئة”، وأن هذه المسميات “شهباء” وغيرها مرحلة مؤقتة فقط.

ملف “الشمال”

يحظى “أبو أحمد زكور” بمكانة في “الهيئة” وأشرف على أبرز الملفات والقضايا الشائكة، وأسهم بتثبيت وجود “الهيئة” في المناطق والقرى التي كانت مستاءة من ممارسات “تحرير الشام” وسياساتها.

ويدير منذ عامين ملف العلاقات والتواصل مع فصائل “الجيش الوطني” في مناطق ريف حلب.

اعتبر “أبو أحمد زكور”، في حديثه إلى عنب بلدي، أن وضع الشمال كان سيئًا عسكريًا، ووضع إدلب في خطر بسبب حملات القصف المستمرة التي قادها النظام السوري، ويوجد بين “الجيش الوطني” (في ريف حلب) و”الهيئة” (المسيطرة بشكل أساسي على إدلب ومحيطها) عداوة، وكان عناصر أحد الطرفين مطلوبين لدى الطرف الآخر، وبقاء الوضع على هذه الحال يضر بالثورة والثوار وبالمنطقة، لذلك جاءت فكرة “تصفير المشكلات”.

وتقوم فكرة تصفير المشكلات على كسر الحاجز بين الطرفين بحيث يدخل عنصر “الهيئة” أو “الوطني” للطرف الآخر بلا خوف أو ملاحقة، وظهرت ثمرة ذلك خلال حركات النزوح عقب تصعيد قوات النظام وروسيا، وفق جهاد عيسى الشيخ.

أهداف (الجولاني) تطورت شمالًا مع الأيام، وكنت حذرًا من ذلك، وقمت بتنبيه كل من يقيم علاقة معنا، إلا أن بعض الجهات انساقوا مع (الجولاني)، متغافلين تحذيري وهذه السياسة التي نهجتها كانت سببًا برغبة (الجولاني) بالقضاء علي مهما كلف الثمن.

جهاد عيسى الشيخ “أبو أحمد زكور” – قيادي منشق عن “تحرير الشام”

في 2021، حصلت عنب بلدي  على معلومات من عناصر في “تحرير الشام” تفيد بزيارات لقياديين من الصف الأول في الفصيل، عقدوا لقاءات في ريف حلب مع قيادات في فصائل عسكرية تتبع لـ”الجيش الوطني”، بقصد التقارب والتنسيق مع “الهيئة”.

وهذا ما أكدته زيارة القيادي “أبو أحمد زكور” إلى مدينة اعزاز، حيث التقى قياديين ووجهاء من المنطقة، في تموز من العام نفسه.

وكان “أبو أحمد زكور” يكتب منشورات عديدة عبر تطبيق “X” (تويتر سابقًا) حول توحيد الصفوف ومساعيه المستمرة والمتواصلة لذلك، فكان “دبلوماسيًا”، كما وصفه مصدر خاص في “تحرير الشام” لعنب بلدي، مضيفًا أن لديه “مرونة” في التعامل مع قيادات “الجيش الوطني” رغم حالة العداء.

وذكر المصدر أن “أبو زكور” يعيد نشر بعض التغريدات لقياديين في “الجيش الوطني” للإشارة إلى تقارب الأفكار، رغم معرفة كلا الطرفين بغياب علاقات الود بينهما، لكنه يرغب بـ”إنجاز مهمته وفتح قنوات حوار” في مناطق ريف حلب.

من يملك القرار في “تحرير الشام”؟

عن سؤال طرحته عنب بلدي حول تفرد “الجولاني” بوضع استراتيجيات “الهيئة” وتغيير خطابها وتواصلاتها مع الجهات الخارجية، ومن يشاركه في هذه العملية، أجاب جهاد عيسى الشيخ، بأن “الجولاني” هو القائد الأوحد ويعتمد في قيادته على ثلاثة أشخاص هم زيد العطار بما يخص الملفات الخارجية ووسام الشرع (أبو أحمد حدود)، بما يخص الملفات الأمنية الداخلية وتصفية الخصوم، وعبد الرحيم عطون للفتوى الدينية والترقيع وتجميل المشروع بأعين الجنود.

ونشأت “تحرير الشام” في سوريا تحت مسمى “جبهة النصرة” نهاية عام 2011، وهي فصيل تميّز بخروجه من رحم “القاعدة”، أبرز الفصائل “الجهادية” على الساحة العالمية، وأعلنت لاحقًا انفصالها عن أي تنظيم، واعتبرت نفسها قوة سورية محلية.

وتسيطر “تحرير الشام” عسكريًا وأمنيًا على محافظة إدلب وجزء من ريف حلب الغربي وريف اللاذقية، وسهل الغاب شمال غربي حماة، وعملت على بسط سيطرتها من خلال حلّ بعض الفصائل وإزاحتها، ومصادرة أسلحتها، أو إجبارها على التماشي مع سياستها، ثم اتجهت لتفكيك الجماعات “الجهادية” التي يطغى المقاتلون الأجانب على تشكيلاتها العسكرية.

ولا يزال “أبو محمد الجولاني”، وهو القائد العام لـ”تحرير الشام”، مُدرجًا ضمن المطلوبين لأمريكا، وبمكافأة تصل إلى عشرة ملايين دولار أمريكي لمن يدلي بمعلومات عنه.

اقرأ أيضًا: معركة إطاحة الرؤوس.. “تحرير الشام” على المحك

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا