أيام عصيبة عاشها الشاب وسيم (28 عامًا) بعد إصابة طفله ذي الأربعة أشهر بأزمة تنفسية حادة، كادت تقضي على حياته لولا إسعافه في الوقت المناسب وإجراء التدخلات الطبية اللازمة.
وسيم السيد (28 عامًا) مهجّر يقيم في مدينة إدلب، قال إن العائلة شعرت قبل أيام بتغير لون طفله الوحيد، مع صعوبة في التنفس والرضاعة، وبعد نقل الطفل إلى المستشفى والفحص والتشخيص، أخبره الطبيب بضرورة إدخال الطفل إلى العناية المشددة لتلقي الأكسجين اللازم والرعاية الطبية، وأن يبقى الطفل في المستشفى خمسة أيام.
أضاف وسيم أنه بعد خمسة أيام من الخوف والقلق، تماثل الطفل للشفاء ولم تعد هناك حاجة لبقائه في المستشفى مع ضرورة مراجعته يوميًا لتلقي جلسات الرذاذ، والتأكد من إعطاء الطفل الأدوية اللازمة في مواعيدها، مع الابتعاد عن وسائل التدفئة التي تطلق غازات سامة وروائح ضارة بالطفل.
مع دخول فصل الشتاء، سجلت المنظومة الصحية في إدلب ارتفاعًا في الإصابات بالأمراض التنفسية والصدرية لدى الأطفال بسبب تفشي الفيروس “المخلوي التنفسي” واستخدام الأهالي وسائل بدائية للتدفئة، وسط تحذيرات من تفاقم الأزمة، وعدم وجود أسرّة كافية في المستشفيات.
تضاعف الحالات
انخفاض درجات الحرارة والبيئة الرطبة والاكتظاظ السكاني الشديد، خلق بيئة خصبة لانتشار الفيروس “المخلوي التنفسي” الذي يصيب الأطفال دون سن الخامسة، مع زيادة خطورة الفيروس لدى الأطفال المصابين دون سن السنتين.
عبد القادر رزوق طبيب الأطفال بمستشفى “الأمومة” في قرية قاح المدعومة من “الجمعية الطبية السورية- الأمريكية” (سامز)، قال إنه مع دخول فصل الشتاء ازدادت شدة جائحة الأمراض التنفسية لدى الأطفال، وارتفعت أعداد الأطفال المصابين المسجلين في قسم الإسعاف بنسبة 300%.
وأوضح الطبيب أن السبب الرئيس لهذه الجائحة هو انتشار الفيروس “المخلوي التنفسي” (RSV)، الذي يصيب الأطفال خاصة دون سن السنتين، لافتًا إلى أن الفئة الأشد تضررًا هم الأطفال دون سن الثلاثة أشهر.
وأرجع الطبيب ارتفاع أعداد الأطفال المصابين إلى الاكتظاظ السكاني الشديد، واستخدام وسائل تدفئة بدائية بسبب دخول فصل الشتاء، والظروف المعيشية القاسية التي يعانيها المواطنون، مشيرًا إلى أن الإصابات تخطت القدرة الاستيعابية للمنظومة الصحية.
وبحسب الطبيب، هناك أسباب لانتشار الأمراض التنفسية وزادت من حدة الجائحة، كاستخدام وسائل تدفئة غير صحية مثل الأحفور الحجري والبلاستيك، إذ أدى إلى انتشار فيروسات أخرى تصيب الأطفال بمتلازمة “الإنتان الصدري الحاد”.
ونصح الطبيب الأهالي خاصة من لديهم أطفال بضرورة المحافظة على التباعد الاجتماعي، وتخفيف الزيارات العائلية لحماية أطفالهم من العدوى بالفيروس، والابتعاد عن استخدام وسائل تدفئة غير آمنة، وعدم التدخين في الأماكن المغلقة أو قرب الأطفال.
وأكد الطبيب ضرورة وجود الوعي الجمعي من خطورة استخدام الفحم الحجري والبلاستيك والملابس القديمة “البالة” في التدفئة، وضرورة بذل جهود حكومية لتأمين بدائل جيدة للتدفئة بأسعار مناسبة.
المستشفيات ممتلئة
مدير مديرية الصحة في إدلب، الطبيب زهير القراط، قال لعنب بلدي، إن الشمال السوري يواجه حاليًا تزايدًا واضحًا في الأمراض التنفسية الحادة، وتظهر بيانات الإبلاغ الأسبوعي من المراكز المبلغة لشبكة الإنذار المبكر تزايدًا في عدد حالات المرض الشبيه بالإنفلونزا (ILI) والمرض التنفسي الحاد الشديد (SARI).
وبحسب القراط، فإن البيانات تظهر أن عدد الحالات من كلا المرضين أصبحت أعلى من المعدل السنوي، وخصوصًا سنة 2021 التي واجهت فيها المنطقة جائحة موجة المتغير “دلتا”.
وأضاف الطبيب أن بعض أجنحة الاستشفاء في المستشفيات ومراكز العناية المشددة امتلأت، خصوصًا بأقسام الأطفال وبالقبولات الناجمة عن إصابات تنفسية حادة.
وأوضح الطبيب أن الفيروس “المخلوي التنفسي” هو فيروس تنفسي شائع يصيب عادة الأطفال، والبالغين بشكل أقل، ويسبب مرضًا تنفسيًا حادًا شبيهًا بالزكام، يشفى خلال عدة أيام دون الحاجة لعلاج محدد.
وتزداد خطورة العدوى لدى الأطفال الرضع ومن ولدوا قبل أوانهم والبالغين المصابين بالقلب والرئة أو لديهم ضعف بجهاز المناعة، وفق الطبيب.
اقرأ أيضًا: أمراض نفسية وجسدية.. المدنيون يدفعون ثمن تصعيد النظام على إدلب
–