لم يعد إحياء طقوس عيد الميلاد المعتادة في اللاذقية أمرًا هينًا، كذلك لم يعد بمتناول يد غالبية المحتفلين بهذا اليوم، مع الارتفاعات الكبيرة في أسعار مستلزمات العيد من زينة وطعام.
“أبو بيرو” (72 سنة) موظف متقاعد يعيش في حي الزراعة بمدينة اللاذقية، قال إنه استذكر هذا العام كيف كانت مستلزمات عيد الميلاد من ملابس وزينة وطعام لا تكلّف أكثر من 15 ألف ليرة سورية بالحد الأدنى عام 2009، واليوم لو أراد شراء المستلزمات ذاتها لعائلته فإنها ستكلفه أكثر من 20 مليون ليرة.
ويبلغ الحد الأدنى للرواتب الحكومية 186 ألف ليرة (الدولار الواحد 14200 ليرة).
وأضاف السبعيني أنه اعتاد أن يجمع عائلته كل مرة في ليلة الميلاد، فيحتفل مع أبنائه وأحفاده، الذين يتجاوز عددهم الـ15 شخصًا، لكن هذا العام لن يستطيع تحمل تكاليف الطعام خصوصًا بعد ارتفاع سعر الدجاج لأكثر من 130 ألف ليرة للدجاجة الواحدة، بينما تحتاج العائلة إلى خمس دجاجات على الأقل، وهذا دون حساب ثمن باقي مستلزمات السهرة من المشروب إلى الموالح والحلويات والأطباق الجانبية مثل الكبة وغيرها.
لذلك، اتفق جميع أفراد العائلة على مشاركة التكاليف، حيث يتقاسمون المبلغ فيما بينهم، وحتى بعد القسمة فإن كل واحد من الأبناء وعددهم أربعة سيدفع 300 ألف ليرة على الأقل.
ويعتبر طبق الدجاج المحشو بـ”الفريكة” أو الأرز أو “اليبرق” الطبق الأساسي لعيد الميلاد، وبعض العائلات تستبدل الدجاج بالديك الرومي، إلا أن سعر الأخير وقف عائقًا أمام العديد من العائلات هذا العام، إذ وصل سعره إلى 325 ألف ليرة.
والأمر ينطبق على الحلويات فهي من طقوس العيد، خصوصًا بعض أنواع الكعك، و”البوش دو نويل”، وهو عبارة عن قالب من “الكيك” على شكل جذع شجرة، ويبلغ ثمنه بحسب حجمه، فمثلًا قالب لخمسة أشخاص يتراوح بين 100 ألف و175 ألف ليرة، ولـ20 شخصًا وهو الأكثر طلبًا يتراوح بين 300 ألف و500 ألف ليرة تقريبًا.
كذلك فإن الشوكولا على شكل “بابا نويل” وشجرة الميلاد تعتبر من الطقوس الواجب وجودها في العيد، ولجأ كثير من الأهالي هذا العام لإعدادها في المنزل، عبر شراء قوالب الشوكولا ومن ثم تذويبها ووضعها في قوالب خاصة ثم تزيينها، ما وفرّ الكثير من الأموال، كحال روز (50 عامًا)، التي اعتادت منذ أربع سنوات أن تقوم بهذا الأمر، وتفكر أن تتخذ منها مهنة تعمل بها بعد تقاعدها من عملها الحكومي قريبًا.
قالت روز إن ثمن قطعة الشوكولا الواحدة على شكل شجرة الميلاد يتراوح بين ستة آلاف وعشرة آلاف ليرة، بينما لم تكلفها في المنزل أكثر من ثلاثة آلاف ليرة.
وأضافت أن من المؤلم استغلال موسم الأعياد لتحقيق الأرباح على حساب الناس الفقراء، الذين يحلمون أن يعيشوا يومًا واحدًا جميلًا على الأقل خلال السنة.
الحوالات تنقذ بعض الأهالي
تشكّل الحوالات إنقاذًا كبيرًا لبعض الأهالي، خصوصًا أن غالبية العائلات المسيحية في اللاذقية لديها أقارب مغتربون، سواء أشقاء أو أبناء.
قالت نيرمين (34 عامًا) التي تعمل كمترجمة، إن شقيقتها المقيمة في كندا أرسلت للعائلة مبلغ 2500 يورو (كل يورو يعادل 15600 ليرة)، تم تقسيمها على العائلة وهو مبلغ كان كافيًا لشراء كل المستلزمات بما فيها الملابس.
وأضافت نيرمين أن ثمن ملابسها بلغ مليونًا و800 ألف ليرة، عبارة عن فستان وجاكيت وحذاء شتوي، بينما وصل سعر البدل الواحد لكل طفل في العائلة بين 700 ألف ومليون ليرة.
وتقدم الكنائس مبالغ كمساعدات لرعاياها، كما أن هناك مبالغ خاصة بعيد الميلاد يتم توزيعها على الرعايا، ومصدرها تبرعات المغتربين والميسورين من أبناء الديانة المسيحية.
زينة الميلاد
غالبًا تمتلك كل العائلات زينة ميلاد من الأعوام السابقة، وتعمل على ترميمها في كل عام، لذا فإن التكلفة تقل، لكن تختلف الحال لدى العائلات الجديدة، التي تحتاج إلى شراء زينة ميلاد كاملة من الشجرة إلى المغارة والزينة.
جبرا (29 عامًا) احتفل بزواجه بداية الصيف الماضي، وقد كلفته زينة الميلاد نحو مليوني ليرة رغم أنه اختار الأنواع متوسطة الجودة.
قال جبرا الذي يعمل في محل تجاري يمتلكه والده، إن ثمن الشجرة بلغ مليونًا و300 ألف ليرة، وكرة الزينة الواحدة وصل ثمنها إلى 25 ألف ليرة، وهناك أنواع أخرى بسعر 15 ألف ليرة.
وذكر أن الشجرة تحتاج إلى 25 كرة على الأقل، بينما ثمن النجمة التي يتم وضعها بأعلى الشجرة وصل إلى 50 ألف ليرة، وهناك أنواع تصل إلى 100 ألف، بينما حبل الإضاءة بلغ سعره 250 ألف ليرة.
ويتراوح سعر شجرة الميلاد في اللاذقية بين 70 ألف ليرة للشجرة بطول 50 سنتمترًا ويصل إلى مليونين ونصف مليون للشجرة الكبيرة بطول متر ونصف أو أكثر.
ولا تختلف الأسعار في “البسطات” التي تفترش الشوارع بشجرة الميلاد وزينتها، لكن يمكن مفاصلة البائع قليلًا بالسعر بخلاف المحال الكبيرة.
اقرأ أيضًا: “البربارة” في الساحل.. القمح والحطب في “الكوارة”
–