بنحو 150%.. ارتفاع أسعار الذهب في سوريا خلال 2023
ارتفعت أسعار الذهب في سوريا لأرقام غير مسبوقة، مسجلة خلال عام 2023 نسبة زيادة وصلت إلى نحو 150%، بالتزامن مع انخفاض قيمة العملة المحلية من جهة، والارتفاع العالمي لسعر الأونصة من جهة أخرى، مما أدى إلى ضعف الإقبال السكاني على شراء ذهب الزينة.
وبحسب النشرة الصادرة عن “الجمعية الحرفية للصياغة وصنع المجوهرات بدمشق”، بلغ سعر مبيع غرام الذهب من عيار 21 قيراطًا 812 ألف ليرة سورية، أمس السبت 23 من كانون الأول، في حين كان يبلغ بحسب ذات الجمعية 325 ألف ليرة، في 2 من كانون الثاني بداية العام الحالي.
وحول مدى حركة بيع الذهب بالأسواق قال رئيس “الجمعية الحرفية للصياغة وصنع المجوهرات بدمشق” غسان جزماتي إن الإقبال على شراء الذهب انخفض بشكل واضح في الأسواق نتيجة ارتفاع أسعاره محليًا، متأثرة بالارتفاع العالمي لسعر الأونصة.
وأضاف جزماتي، في تصريحات مطلع الشهر الحالي، بأنه نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الذهب صار الطلب على “الزينة” “قليلًا جدًا” منذ نحو شهرين ونصف الشهر، مع وصوله إلى أعلى مستوى له في السوق المحلية، واقتصر شراؤه على من باع عقارًا أو سيارة ليحفظوا أموالهم خوفًا من تذبذب سعر صرف الليرة السورية.
وكحال تغير أسعار الذهب، تراجعت قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي بنسبة وصلت إلى 113.5% على أساس سنوي خلال عام 2023، إذ يعد انخفاض الليرة أمام الدولار عام 2023، الأكبر الذي يسجل في تاريخها، وهو ما أدى إلى تراجع الثقة بالعملة المحلية والبحث عن بدائل لمن أراد إدخار الأموال.
ومنتصف آب الماضي، أشارت صحيفة “الثورة” الحكومية إلى وجود غياب تام لذهب “الادخار” لأي من الليرات والأونصات الذهبية في عدد من أسواق الصاغة بدمشق، في حين تتوفر وبكثافة مختلف القطع الفنية.
وبرر جزماتي الأمر بأنه في بعض الأحيان تغيب الليرة الذهبية لأسباب تتعلق بالورشة المصنّعة لكونها الوحيدة التي تورد للسوق، وعند حدوث خلل في الآليات لديها تتوقف عن تصنيع الليرات الذهبية لمدة يومين أو ثلاثة ريثما يتم الإصلاح والبيع مجددًا لمحال الذهب.
ارتفاع الاسعار يغير العادات
تسبب ارتفاع أسعار الذهب وانخفاض قيمة الليرة السورية إلى تغير في عادات متوارثة لدى السكان، مثل تسجيل المهور بالذهب عوضًا عن الليرة، والإقبال على شراء الذهب البرازيلي أو الروسي عوضًا عن الحقيقي لعدم قدرة الأهالي على تحمل تكلفته.
في 21 من كانون الثاني الماضي، صرح القاضي في المحكمة الشرعية الثالثة بدمشق، خالد جندية، أن معظم عقود الزواج المسجلة في الفترة الأخيرة لحالات من داخل أو خارج سوريا، يسجل فيها المهر بالذهب عوضًا عن النقود، باختلاف القيمة المسجلة بين سوريي الداخل والخارج.
وأوضح جندية أن حالة تسجيل المهور بالليرات الذهبية “ازدادت بشكل كبير”، بسبب المتغيرات الاقتصادية في البلاد، ومنها تردي الوضع المعيشي لأغلبية شرائح المجتمع، والتضخم وانخفاض قيمة الليرة السورية.
وعزا جندية سبب ارتفاع قيمة المهور التي تسجل في الخارج مقارنة بعقود الزواج التي تسجل ضمن سوريا، للوضع المعيشي المتردي للسكان.
ويبلغ سعر الليرة الذهبية في سوريا 6.85 مليون ليرة سورية، وفق التسعيرة الأحدث لـ”الجمعية الحرفية للصياغة وصناعة المجوهرات” بدمشق، فيما وصل سعرها مطلع العام الحالي إلى نحو ثلاثة ملايين ليرة، بزيادة بنسبة تقارب 128%.
ورصدت عنب بلدي زيادة في حركة شراء الذهب المُقلد أو ما يعرف بالذهب البرازيلي في عدة مدن سورية، وهو مادفع العديد من محال الصاغة لتخصيص زاوية ضمن المحل لبيع هذا النوع من الذهب.
في حزيران 2022، حذر نقيب الصاغة في سوريا غسان جزماتي، من شراء الذهب البرازيلي، وشبه من يشتريه بمن “يرمي نقوده جزافًا” كونه ليس ذهبًا بالأصل، وفق تعبيره.
وأوضح جزماتي أن الذهب البرازيلي هو مزيج معدني من الرصاص والقصدير يشبه إلى حد كبير لون وبريق الذهب الحقيقي، ولكنه “معدوم القيمة”.
وبحسب جزماتي، فقد انتشر الذهب البرازيلي خلال السنوات القليلة الماضية تبعًا لموجات الغلاء المتتالية وتراجع القدرة الشرائية لدخل السكان، وشهد عرضه بعض الإقبال عليه لغرض المناسبات التي تستدعي وجوده، في حين أنه لا يمكن أن يحل محل الذهب الحقيقي، لأنه اكسسوار لا قيمة له، وفق حديثه.
مرسوم لإنعاش الإنتاج
تحاول حكومة النظام السوري التشجيع على استيراد الذهب وإدخاله للبلاد على أمل زيادة مخزونها من المعدن النفيس عبر إصدارها مؤخرًا مرسومًا لتنظيم حالات إدخال الذهب الخام إلى سوريا، والإعفاءات والرسوم المترتبة عليه.
وفي 21 من كانون الأول الحالي، أصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، مرسومًا يسمح للسوري والأجنبي المقيم وغير المقيم بإدخال الذهب الخام، مع الإعفاء من الحصول على إجازة استيراد، والسماح بإدخال الذهب الخام بصحبة مسافر.
كما يعفى من جميع الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب الأخرى وبدلات الخدمات ورسوم الخزن والتأمين ورسوم الطاقة الذرية.
ويستوفى من الشخص مدخل الذهب الخام رسم مالي مقطوع بالقطع الأجنبي، وقدره 100 دولار أمريكي لكل كيلوغرام يجري تحصيله من قبل الأمانات الجمركية، ويحول إلى حساب الخزينة المركزية كإيرادات مختلفة في الموازنة العامة.
يتمثل الهدف من المرسوم، وفق إعلان الحكومة، بتحسين واردات خزينة الدولة من القطع الأجنبي، ودعم وتنشيط عمل ورشات الصياغة وصناعة المجوهرات وتشغيل اليد العاملة، بالإضافة إلى تنظيم عمليات إدخال الذهب الخام وإخراجه من قبل الشخص الأجنبي غير المقيم.
في حديث سابق للباحث الاقتصادي في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” مناف قومان لعنب بلدي، إن هناك أهدافًا تتعلق بتشجيع الإنتاج المحلي، لأن القرار لم يكن هدفه الاستيراد وحسب، بل التصدير أيضًا، لذا أقر القرار غرامة على المستورد في حال لم يتم تصدير ذهب مصوغ بنفس الكمية التي تم توريدها خلال فترة محددة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :