عنب بلدي – طرطوس
يواجه محصول البندورة تراجعًا في الساحل السوري بسبب التكاليف المرتفعة لزراعته مقابل محاصيل اخرى كالموز.
وتعرف محافظة طرطوس الساحلية، وتحديدًا مدينة بانياس، كأحد أهم أماكن إنتاج البندورة، إذ يساعد طقسها المعتدل على انتشار البيوت المحمية، حيث لا توجد مخاطر من الصقيع كباقي المناطق، كما أن البندورة فيها شهيرة بكونها من الأنواع المرغوبة للتصدير.
في الآونة الأخيرة، تتجه غالبية مزارعي البندورة لاستبدال الموز بها، إذ يعتبر ذا جدوى اقتصادية أكبر بكثير قياسًا بالبندورة، وهو ما يهدد مستقبلها.
وبحسب توقعات مزارعين، فإن إنتاج البندورة في بانياس سيتراجع بشكل حاد في غضون خمس سنوات لمصلحة الموز.
مهندس زراعي فضّل عدم الكشف عن اسمه، قال لعنب بلدي، إن بلدة الخراب التي كانت الأولى في محافظة طرطوس بزراعة البندورة بالبيوت المحمية، تراجعت فيها هذه الزراعة لأكثر من 65%.
وأوضح أن المزارعين استبدلوا فيها الموز بالبندورة، إذ يعتبر ذا إنتاجية عالية دون أي تكاليف تُذكر، فهو لا يحتاج إلى 10% من تكاليف الإنتاج التي تحتاج إليها البندورة، كما أن الشجرة تعطي ثمارًا بعد زراعتها بأقل من عامين.
تكاليف عالية والفلاح خاسر
يوضح المهندس الزراعي تكاليف إنتاج البندورة قائلًا، إن التسويق وأسعار العبوات والنقل تقضم 30% من مجمل ريع الموسم، وتذهب 20% للمزارع الذي يعمل بها في حال كان صاحب الملك لا يعمل بيديه، وأما الـ50% المتبقية فهي قد لا تغطي تكاليف الإنتاج في حال لم يكن وفيرًا والسعر جيدًا.
وأضاف أن البيت المحمي بحجم 400 متر يحتاج كل عامين إلى تغيير البلاستيك (النايلون) بتكلفة أربعة ملايين ليرة سورية، وهذا سعر اليوم وليس غدًا، أي أنه قابل للزيادة، كذلك سائر المستلزمات الأخرى تبعًا لانخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار الأمريكي (كل دولار يعادل 14000 ليرة).
من بين تكاليف الإنتاج أيضًا للبيت الواحد، الحراثة لمرتين خلال العام الواحد كل مرة بـ100 ألف ليرة، والسماد العضوي بقيمة 800 ألف ليرة، والتعقيم بـ700 ألف، والشتلات بنحو مليون و700 ألف، والخيوط اللازمة لمساعدة الشتلات على التسلق بـ400 ألف، والسماد الكيماوي بمليون ونصف مليون ومثلها للمبيدات.
ولا تنتهي التكاليف عند هذا الحد، فالبيت المحمي السابق يفترض أن يعطي أربعة أطنان من البندورة، وتحتاج هذه الكمية إلى 300 عبوة “فلين” بسعر 7000 ليرة للواحدة، أي 2.1 مليون ليرة، يضاف إليها أجور لا تقل عن 700 ألف ليرة لنقل المحصول إلى سوق “الهال”، و800 ألف ليرة “كومسيون” للتاجر.
وأضاف المهندس الزراعي أن تكاليف الإنتاج تصل إلى 12.4 مليون ليرة سورية للبيت المحمي الذي يجب أن ينتج أربعة أطنان، أي أن تكلفة الكيلو الواحد ثلاثة آلاف و100 ليرة سورية، بينما يلعب الحظ دوره في تحديد الربح والخسارة بالنسبة للمزارع، فإن كان السعر جيدًا حظي بموسم جيد، وإن كان السعر أقل من ثلاثة آلاف ليرة للكيلو فإنه سيخرج بخسائر كبيرة، إضافة إلى ذلك، هناك بيوت محمية تتعرض للآفات، وبالتالي فإنها لا تنتج حتى ربع كمية الإنتاج المتوقعة.
الموز أسهل
أمام الواقع السابق، أحجم كثير من مزارعي الساحل خصوصًا في بلدة الخراب عن زراعة البندورة، وتوجهوا لزراعة الموز الذي لا يحتاج إلى أي تكاليف إنتاج، وإنما فقط إلى المياه، ثم إن سعر الكيلو الواحد منه لا يقل عن 15 ألف ليرة بالمتوسط، أي أنه يبقى رابحًا.
صفوان (48 عامًا)، مزارع من بلدة الخراب استبدل الموز بالبندورة منذ عامين ونصف، بعد أن أمضى أكثر من 25 عامًا في زراعة البندورة وتسويقها إلى سوق “الهال”، حيث التجار الذين يوضبونها ويجهزونها للتصدير.
صحيفة “تشرين” الحكومية نقلت عن خبير زراعي لم تكشف عن اسمه قوله، إن أكثر من 40 ألف بيت محمي خرج من زراعة الخضراوات المتنوعة بما فيها البندورة، وتوجه أصحابها لزراعة الموز في الخراب، مضيفًا أن مساحة زراعة الموز تزداد موسمًا بعد آخر.
وتواجه المحاصيل الرائجة في الساحل السوري، كما في معظم مناطق سوريا، صعوبات في ارتفاع تكاليف الزراعة والمعدات وأجور النقل والأيدي العاملة، أمام قلة التصريف وبيع المنتج بأسعار لا تتناسب مع حجم التكاليف.