عنب بلدي – خاص
نظّمت عنب بلدي مطلع الأسبوع ندوة حوارية حول “أرشيف المطبوعات السورية“، حضرها عدد من الصحفيين السوريين في تركيا، ناقشوا خلالها نتائج الأوراق البحثية التي أعدها الباحث محمد رشدي شربجي حول تناول الصحف الجديدة لعدد من الموضوعات المتعلقة بالشأن السوري.
وشارك في الندوة، التي عقدت في مدينة اسطنبول يوم الأحد 28 شباط، عدد من رؤساء ومدراء تحرير الصحف السورية المستقلة، من بينها عنب بلدي وسوريتنا وصدى الشام وتمدن وكلنا سوريون وعين المدينة والغربال، إلى جانب مدراء عدد من الإذاعات والمواقع الإعلامية المستقلة، منها آرتا إف إم وروزنا ونسائم سوريا، وقناة حلب اليوم، ومركز حلب الإعلامي، وشبكة شام الإخبارية، وموقع السوري الجديد، وصحفيون مهتمون.
جواد شربجي، رئيس تحرير عنب بلدي، افتتح الحوار بالإشارة إلى أن الأبحاث التي أجرتها الصحيفة كانت بمبادرة من “أرشيف المطبوعات السورية”، في محاولة لإعادة قراءة ما تنتجه الصحف المحلية من محتوى إزاء القضايا السورية البارزة، ورؤية ما يمكن أن تشكله من مواقف وتوجهات وآراء حول تلك القضايا، مشيرًا إلى أن ما تم إنجازه ليس “تحليل مضمون” بالمعنى العلمي للمصطلح، وإنما تحليل مبسط لتغطية الصحف لمواضيع محددة.
واستعرض الباحث محمد رشدي شربجي، وهو ناشط وطبيب سوري، طريقة تناوله لست أوراق بحثية أعدها بالتعاون مع “الأرشيف” خلال الأشهر الستة الماضية، وطريقة انتقائه للمواضيع، التي دارت حول الأكراد، والعدالة الانتقالية، والتنظيمات الجهادية في سوريا، والصراع مع إسرائيل، والمرأة السورية، وهجرة السوريين.
وشهدت الندوة حوارًا استمر ساعة ونصف، أجاب خلالها الباحث على تساؤلات رؤساء التحرير، واستمع لبعض الانتقادات التي رأوها في الأوراق البحثية، مشددين على ضرورة تناول المواضيع السورية بعمق وتعاون بين وسائل الإعلام الجديد.
وكانت مؤسسة عنب بلدي، أطلقت في تشرين الأول 2014 موقعًا إلكترونيًا حمل اسم “أرشيف المطبوعات السورية”، يقدم خدمة حفظ وأرشفة المطبوعات الجديدة التي صدرت في سوريا عقب انطلاق الثورة، وقد ضم حتى نهاية شباط الماضي 292 صحيفة بلغت إصداراتها ما يزيد عن 6300 عدد، وزاد عدد صفحاتها عن 93 ألف صفحة.
لقاءات على هامش الندوة
سيروان بيركو، رئيس تحرير إذاعة آرتا إف إم، أشار إلى أن الأوراق البحثية لم تشمل المنطقة الكردية، واقتصرت تغطيتها على المناطق العربية، ولا سيما في ملف المرأة، معتبرًا أن التواصل بين مؤسسات الإعلام البديل، لو تم بشكل أفضل، سيتم تعويض نقص المعلومات بما يخص الشأن الكردي.
ورأي بيركو أنه لا يوجد أي صعوبات تواجه الإعلام في منطقة الإدارة الذاتية، وهناك تسهيلات لعمل المؤسسات ومراسليها هناك، مستثنيًا في الوقت ذاته حالات منعت فيها “الإدارة” عمل بعض المؤسسات في مناطق وجودها، كقناتي روداو وأورينت، بسبب ما تعتبره “توجهًا معاديًا” لها، وهو الأمر الذي عبّر سيروان عن رفضه الكامل له.
من جهته، اعتبر يوسف الصديق، مدير مركز حلب الإعلامي، أن الأوراق البحثية جيدة ومهمة، لكنها ليست “بحثًا علميًا”، وأضاف “البحث في المجال الإعلامي له أسس وقواعد محددة، وأبرزها تحديد المضمون، ولو عُمل به بالتعاون بين وسائل الإعلام سواء كان المطبوع أو الإلكتروني، فسيكون مهمًا جدًا”.
ولفت الصديق إلى أن المؤسسات أو المنظمات الإعلامية لم تجرِ أي نوع من الدراسات والأبحاث، وتابع “هذا يفقد البوصلة، ولا نملك القدرة على تحديد الأولويات والاتجاهات التي يجب أن نعمل بها، والأخطاء وأساليب التطوير والتغيير.. الأمر البحثي مهم جدًا، ونحن بحالة استثنائية لو تمكنا من إعداد هكذا أبحاث فستكون خطوة كبيرة”.
الإعلامي قتيبة الخطيب، عضو رابطة الصحفيين السوريين، أوضح أنه يجب خلال تناول القضايا الشائكة، ولا سيما القضية الكردية، أن يكون هناك تعمق في البحث، ولا ينبغي على الكاتب أخذ إسقاطات وإضاءات من خلال مراجع تاريخية فقط، وتابع “أربع صفحات لبحث مثل القضية الكردية لا تكفي، هذا الموضوع من الممكن أن يأخذ عددًا كاملًا في الجريدة”.
ولفت الخطيب إلى أن الأبحاث العلمية تحتاج جهدًا ووقتًا كبيرًا، وهي مغيبة بشكل كامل في الإعلام الجديد، وإن حصلت فتكون بمبادرات فردية، وتابع “هناك إهمال للعديد من القضايا الشائكة في سوريا (السنة، السريان، الآشوريين، الأكراد.. وغيرها)”.
وعن جدوى هذه الدراسات، لفت رامي سويد، رئيس تحرير صحيفة الغربال، إلى أنها ذات أهمية كبيرة، على اعتبار أنها مراجعة لما تم إنجازه في الصحافة المطبوعة خلال الأشهر الستة الماضية، وأردف “رغم أنها أتت قاصرة إلى حد ما، بعدم شموليتها جميع الصحف، لكنها ركزّت على أكثر تسع صحف مطبوعة استقرارًا في الإعلام الجديد، وبالتالي فإن على هذه الصحف المسؤولية الأكبر في معالجة القضايا الملحة بموضوعية ومهنية”.
التعاطي كان جيدًا من قبل الباحث شربجي، وركز على أهم الملفات في سوريا، وجميعها قضايا مهمة وحساسة، وأضاف سويد “الدكتور رشدي بذل جهدًا كبيرًا، وبالتأكيد عمل فرد أو مجموعة صغيرة لا تستطيع منافسة مؤسسات بحثية، لكنه ضمن الإمكانيات المتاحة هو عمل مهم”.
الاستفادة من مكامن الضعف في الملفات التي أنجزت ستكون فعالة، فيما لو انطلق منها أبحاث أكثر مهنية، تحترم المعايير العلمية للبحث، كإنتاج خطوط بيانية وإحصائيات، وتقاطعات ومقارنات، بحسب سويد، معتبرًا أنه لو عمل بها في المستقبل سيتنج ملفات أهم من قراءة سردية لتعاطي الإعلام المطبوع مع مواضيع معينة.
ورأى الدكتور محمد رشدي شربجي أن الملفات الستة التي أنجزها “ليست أبحاثًا”، وهي أقرب إلى تتبع فكرة معينة، وكيف تعامل الإعلام البديل مع هذه الفكرة، وتابع “ليس هو تحليل محتوى وليس بمعنى بحثي، وإنما فقط هل حدثت تغطية لحدث في مجال معين أم لا؟”.
واعتبر شربجي أن الأفكار التي اقترحها المشاركون في الندوة جيدة جدًا، “من ناحية هل من الممكن أن يتحول هذا التتبع إلى بحث حقيقي”، وأردف “البحث العلمي يتطلب كادرًا كبيرًا وخبرات وموارد، وأنا لست مختصًا بالأساس بتحليل المحتوى”.
وأوضح الباحث، أنه “في الملفات المقبلة من الممكن أن نركز بشكل أكبر على المحتوى بالإحصائيات والأرقام التي تغنيها، وهذا يتطلب وقتًا أطول، كما يجب أن نضع معايير واضحة للصحف التي يجب أن نغطيها”، مردفًا “هناك بعض الانتقادات التي وجهت للأوراق البحثية بتجاهل بعض الوسائل، وهذا ليس صحيحًا”.