"الازدحام والرشاوى"
أسباب تمنع طلاب جامعة “الفرات” من تسديد الرسوم الجامعية
“منذ 13 يومًا أخرج من ساعات الصباح الباكر إلى المصرف العقاري لتسديد رسوم الجامعة، منتظرة دوري لأكثر من ثماني ساعات، لكن دون جدوى”، هذا ما قالته رهام، وهي طالبة في السنة الثالثة بكلية الاقتصاد في جامعة “الفرات”، مشتكية من تأخرها في تسديد رسوم الجامعة بسبب ازدحام المصرف وقلة الموظفين.
وأضافت رهام، وهي في قسم التعليم الموازي، أنها تراجع المصرف الوحيد في دير الزور بشكل يومي، إلا أن الازدحام وسوء معاملة الموظفين والرشاوى تعيدها أدراجها دون تسديد الرسوم.
ما تواجه رهام هو حال العديد من طلاب جامعة “الفرات” في مدينة دير الزور، بعد أن وافق مجلس الوزراء على سداد الرسوم الدراسية في الحسابات المصرفية العائدة للجامعات العامة والخاصة، إما بحوالات مصرفية، أو بالإيداع النقدي المباشر في حساب الجامعة.
وجاء القرار في إطار التوجه الحكومي نحو الدفع الإلكتروني و”تبسيط المعاملات وتسهيل الإجراءات على الطلاب في دفع رسوم التسجيل”.
ازدحام ورشاوى
يسدد طلاب جامعة “الفرات” في دير الزور رسوم الجامعة عبر مصرفين، “التجاري” وهو مخصص لطلاب التعليم العام و”العقاري” لطلاب التعليم الموازي، كما أنهما المصرفين الوحيدين المخصصين لطلاب مدينة دير الزور وريفها.
التقت عنب بلدي بعدة طلاب، تحفظوا على ذكر أسمائهم كاملة لأسباب أمنية، ورصدت تعليقات آخرين يشتكون من ازدحام المصارف بالطلاب وطول الانتظار، الذي قد يستغرق أسبوعًا أو أكثر للحصول على دور.
وأرجع البعض السبب إلى قلة الموظفين في المصرفين، إذ يوجد في المصرف “التجاري” موظف واحد فقط، بينما في المصرف “العقاري” فيوجد موظفان لا غير، وهو قليل بالنسبة لأعداد الطلاب القادمين من الريف والمدينة.
ومن جهة أخرى رأى البعض، أن “الرشاوي والمحسوبيات” هي من تسيّر عملية الدفع في كلا المصرفين (التجاري والعقاري)، وقالت راما، وهي طالبة في كلية الآداب، إن تجاوزات موظفي المصرف لطابور الانتظار تعرقل تسديد الرسوم.
وفي نفس السياق قالت رهام إن عسكريًا يقف أمام المصرف عرض عليها تيسير عملية الدفع مقابل رقم هاتفها، وعند رفضها زادت معاملة الموظفين “سوءًا”، مشيرة إلى أنها لن تستطيع تقديم الامتحانات ما لم تدفع الرسوم المترتبة عليها.
وتواصلت عنب بلدي مع جامعة “الفرات” عبر بريدها الإلكتروني للاستفسار عن وضع قيد الطلاب غير الدافعين، والإجراءات التي ستتخذها لمنع حرمان الطلاب من تقديم الامتحانات، لكن لم يصل رد حتى ساعة تحرير المادة.
يمامة، وهي طالبة في كلية الآداب، قالت لعنب بلدي، إن الطالب يحتاج أن يرشي الحارس العسكري للمصرف، والموظف الذي ينظم طابور الانتظار، للحصول على دور، ودون هذا يترتب عليه الانتظار عدة أيام للحصول على دور.
عبد الله، وهو طالب في كلية التربية، قال لعنب بلدي، إن موظفي المصرف “العقاري” يصرفون عددًا من الطلاب بحجة الازدحام، طالبين منهم العودة في وقت لاحق، أو يوم آخر.
بينما يرى آخرون أن المصارف غير جاهزة بعد للدفع الإلكتروني، إذ إن الموظفين يشتكون من سوء الشبكة وانقطاعها المتكرر، إضافة إلى الانقطاع المستمر للكهرباء.
يعيق ولا يسهل
قبل إصدار حكومة النظام قرار دفع الرسوم الجامعية عن طريق المصارف، كانت تحتوي كل كلية على صندوق مالي، يسدد الطالب عن طريقه رسوم الجامعة، وبدوره أمين الصندوق يسلم الرسوم للمصرف.
ويطالب العديد من طلاب جامعة “الفرات” بعودة الدفع التقليدي لما كان يوفره من وقت وجهد على الطالب، بدلًا من الدفع عبر المصرف، الذي يستهلك وقتهم بالانتظار يوميًا دون نتيجة.
ويضطر العديد من الطلاب للقدوم من الريف إلى المدينة يوميًا متكبدين خسائر مالية أضعاف رسم الجامعة، وأشار العديد ممن التقتهم عنب بلدي إلى أن قرار التسديد الإلكتروني لم يسهل عملية الدفع، إنما أعاقها.
ويدفع طلاب التعليم العام مبلغ 40 ألف ليرة سورية، بينما وصلت رسوم التعليم الموازي إلى مليون و200 ألف ليرة سورية للكليات الطبية، و900 ألف لأفرع الهندسات، و700 ألف ليرة لكليات الزراعة والطب البيطري، فيما حددت رسوم التسجيل لباقي الكليات بـ500 ألف ليرة، وفق ما نقلته صحيفة “الوطن” المحلية، عن مديرة شؤون الطلاب.
وتعد ثقافة التعاملات البنكية في سوريا “شبه غائبة”، بسبب القوانين التي تفرضها حكومة النظام، كسقف سحب يومي محدد من جهة، وتدهور قيمة الليرة من جهة أخرى، ما يعني خسارة قيمة المال في حال الاحتفاظ به في البنوك مع استمرار انخفاض قيمة الليرة.
كما تعتبر بعض التعاملات الإلكترونية في هذا السياق غير متاحة، نتيجة لغياب البنية التحتية والبرمجية، وسط مشكلات شبه يومية يعانيها المقيمون في سوريا تتعلق بضعف وصول الكهرباء والإنترنت.
اقرأ أيضًا: غير مكتملة تقنيًا.. تعاملات بنكية إجبارية في الجامعات السورية
ما مصير الطلاب؟
دفع الرسوم الجامعية هي الخطوة الأولى لتثبيت تسجيل الطالب في الجامعة، واستخراج بطاقة جامعية تسمح له بالدخول والخروج بحرية إلى الحرم الجامعي، ويعد شرطًا أساسيًا لتقديم الامتحانات الجامعية.
وتتخوف رهام من حرمانها من الامتحانات لسبب خارج عن إرادتها، ما دفعها لتقديم شكوى لإدارة الجامعة، وجاءها الرد بالانتظار، بالإضافة إلى إرسالها شكاوى لعدد من الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي.
ومددت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مواعيد تسجيل وتسديد الرسوم للطلاب المستجدين المقبولين والطلاب القدامى للعام 2023 – 2024 في جميع الكليات، حتى نهاية الدوام الرسمي في 15 من من كانون الثاني 2024.
شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في دير الزور عبادة الشيخ
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :