“في أحد الاجتماعات الافتراضية على تطبيق (ZOOM) المحجوب عمله عن سوريا، كان من المخطط أن أكون المحاضِرة ومديرة الجلسة، قبل أن ينقطع الاتصال بالإنترنت الأرضي فجأة وأشترك سريعًا بباقة إنترنت خاصة أُلغي تفعيلها بسبب استخدامي تطبيق (VPN) لدخول الاجتماع، وبالتالي خروجي قسرًا من الجلسة وتعرضي لموقف لا أحسد عليه أمام مدراء وزملاء العمل”.
سمر، (28 عامًا)، وهي طالبة في كلية الإعلام بجامعة دمشق وتعمل عن بعد بتصميم الإعلانات المطبوعة، لجأت إلى حلول عديدة لتلافي التقصير الوظيفي الذي تواجهه بسبب انقطاع الكهرباء لما يزيد عن 18 ساعة يوميًا في منطقتها.
تحاول سمر إثبات جدارتها وجديتها لمدير العمل وأساتذة الجامعة، الذين يعتبرون التأخر بأداء المهام تكاسلًا وحسب.
وتبحث بشكل مستمر عن مراكز أو مقاهٍ توفر الكهرباء والإنترنت، وجوًا مناسبًا نسبيًا للدراسة والعمل.
رحلة البحث عن كرسي.. طاولة وإنترنت
أثّر الانقطاع شبه المستمر للتيار الكهربائي، في مناطق سيطرة النظام السوري عامةً، على مختلف جوانب الحياة اليومية للسكان، بمن فيهم الطلاب والموظفون الذين يعتمد عملهم بشكل أساسي على الكهرباء وشبكة الإنترنت.
وتتجه فئة من الطلاب والعاملين بشكل حر (غير مكتبي) للبحث عن أماكن توفر لروادها أجواء مناسبة للعمل، تضمن إتمام ما يترتب عليهم من واجبات ومهام، وتتيح لهم الجلوس لساعات طويلة دون الاضطرار لطلب طعام أو شراب كل ساعة أو ساعتين، وفقًا لسياسة المقهى.
فتقدم بعض المراكز والمقاهي اشتراكات شهرية ويومية مقابل توفير جو ملائم للعمل، ويتراوح سعر الساعة الواحدة مابين 2000 إلى 5000 ليرة سورية، وفقًا لمزايا مختلفة.
باقات توفيرية
وفقًا لما رصدته عنب بلدي، تتنوع الباقات (الاشتراكات) التي تقدمها المراكز أو المقاهي الدراسية لزوارها، وتتدرج الأسعار ابتداء من حجوزات لساعة واحدة إلى الباقات ذات الساعات اللامحدودة.
وتختلف التسعيرة باختلاف المكان والخدمات وحتى باختلاف المحافظة، فيصل سعر الاشتراك الشهري في أحد مراكز العاصمة دمشق إلى 120 ألف ليرة مقابل 7 ساعات يوميًا صباحًا، و140 ألف ليرة في حال اختيار التوقيت المسائي.
أما الباقات لا محدودة الساعات، تتفاوت أسعارها مابين 300 و 500 ألف ليرة سورية شهريًا، وبحسب لمعاير مختلفة أيضًا.
تفضل بعض المقاهي ومراكز العمل فصل فاتورة الاشتراك بالإنترنت عن فاتورة الباقة الشهرية، للراغبين بالاشتراك بالمكان دون استخدام الإنترنت.
كما يحدد البعض ساعات عمل الجهاز الواحد المتصل بشبكة الإنترنت بساعة أو ساعتين، تنتهي بانتهائها المدة المسموحة لاستخدام إنترنت المركز، ويتوجب على صاحب الجهاز طلب شيفرة الإنترنت مرة ثانية، ما يعني سعرًا إضافيًا.
محاولات للسعي
لا يضمن الاشتراك بأحد المراكز أو المقاهي توفر مقعد فارغ مخصص يجده الشخص حين وصوله، وهو الأمر الذي واجهته الطالبة والموظفة سمر مرات عديدة، بعد قطعها مسافة تستغرق ساعة ونصف من بيتها في ريف دمشق وصولًا إلى باب توما في المدينة حيث المركز، لتجد المكان ممتلئاً ويبقى الخيار أمامها إما أن تجلس في قاعة تحوي فقط على مقاعد دون طاولات، وإما أن تبحث عن مقهى آخر قريب، أو تعود أدراجها إلى المنزل بعد أن بذلت الوقت والمال والجهد للوصول.
وتزيد تكلفة المواصلات ضمن مدينة دمشق وريفها من وإلى المراكز المتاحة على 100 ألف ليرة سورية شهريًا، يضاف إليها رسوم الإشتراك، والتي تختلف بحسب عدد الساعات المطلوبة، بحسب ما ذكرته سمر.
يختلف الأمر نوعًا ما بالانتقال إلى محافظات أخرى كمحافظة حماة، ففي حديث لعنب بلدي مع فاطمة، طالبة تجارة واقتصاد في سنتها الأولى بجامعة حماة، قالت إن المواصلات ليست العبء الأكبر على الطلاب في المدينة، إلا أن عدد المقاهي التي توفر بيئة مناسبة للدراسة والعمل قليلة نسبةً للطلب، وغالبًا ما يزداد الضغط على هذه المراكز في فترة الامتحانات ليبحث الطلبة عن بدائل، وغالبًا ما يكون البحث دون جدوى.
قاعات للدروس الخصوصية
استثمرت بعض المعاهد الخاصة القاعات الدراسية غير المستخدمة فيها، بسبب قلة الإقبال على الدورات التعليمية، وحولتها إلى قاعات تستقبل الطلاب والموظفين الباحثين عن مكان هادئ، ووفرت مقومات العمل والدراسة مقابل مبلغ شهري أو بحسب عدد ساعات العمل في القاعة.
وكما تقدم معاهد قاعات للأساتذة والطلاب الباحثين عن مكان واسع لتقديم دروس أو محاضرات خاصة.
ورصدت عنب بلدي في مدينة دمشق معاهد قدمت قاعاتها للخدمة بشكل مجاني، وأخرى بمقابل مالي يختلف حسب اتساع القاعة، ويصل سعر إشغال القاعة التي تتسع لـ20 شخصًا في المدينة حوالي 20 ألف ليرة سورية للساعة الواحدة.