عنب بلدي – حسن إبراهيم
يتواصل مسلسل فرض الغرامات المالية من قبل اتحاد كرة القدم في سوريا على أندية الدوري وإداريين ولاعبين فيها وجماهير تشجعها، مرفقة بعقوبات إدارية بالإيقاف ومنع الحضور.
وما إن تطوى جولة من عمر الدوري الممتاز الذي يضم 12 ناديًا، حتى تخرج قرارات لجنة الانضباط في اتحاد الكرة، حاملة جملة غرامات على أندية تعاني ضائقة مالية، خالقة موجة استنكار وانتقاد، حتى بات يطلق على اتحاد الكرة “مركز جباية” و”عصابة”.
ومنذ انطلاقة الدوري في 22 من أيلول الماضي حتى نهاية الجولة الثامنة في 8 من كانون الأول الحالي، بلغت قيمة الغرامات المالية التي فرضها اتحاد الكرة أكثر من 74 مليون ليرة سورية (نحو 5250 دولارًا أمريكيًا)، بحسب ما رصدته عنب بلدي.
وترتبط معظم العقوبات بأحداث الشغب والشتائم والتعدي على الحكام أو الجمهور، وتحولت الملاعب في سوريا إلى “حلبة قتال”، لما تشهده من هذه الحوادث، وأصبحت ظاهرة منتشرة في معظم المنافسات والبطولات، ولا تقتصر على منافسات كرة القدم.
جبلة يهدد بتعليق المشاركة
في 30 من تشرين الثاني الماضي، قبلت لجنة الانضباط باتحاد الكرة في سوريا الاستئناف من نادي جبلة شكلًا وخففت العقوبات على لاعب الفريق عبد الإله الحفيان من إيقاف عام كامل إلى ست مباريات، مع غرامة مالية قدرها 500 ألف ليرة سورية.
كانت العقوبة على عبد الإله الحفيان لـ”سلوكه سلوكًا شائنًا بتوجيه إشارات ذات إيحاءات خادشة للحياء مع توجيه إشارة الذبح” لجمهور تشرين بعد نهاية مباراة فريقه في الجولة السابعة، وفرضت لجنة الانضباط غرامات على جبلة بمبلغ ثمانية ملايين ليرة، وعشرة ملايين على تشرين.
رغم الاستئناف، اعترض نادي جبلة على القرار، وأصدر بيانًا هدد فيه بتعليق مشاركته في الدوري في حال لم يتم تخفيف عقوبة الإيقاف لمدة ست مباريات بحق لاعبه الحفيان.
وأجرى النادي في بيانه مقاربة بين أسباب تخفيف العقوبات على ناديي تشرين وحطين والأحداث التي فرضت العقوبة على الحفيان، معتبرًا أن سلوك لاعبه كان لأول مرة، ولم يؤدِ إلى مشكلات إضافية أو شغب واسع، وفق البيان.
وطالبت إدارة النادي معاملة فريق جبلة بالمثل وتخفيف العقوبة عن اللاعب، مع استغراب وتساؤل عن قرار تخفيف عقوبة إيقاف لاعب الوحدة المحترف إلى مباراة واحدة بقرار لجنة الاستئناف، بينما عقوبة الحفيان الإيقاف لست مباريات.
تشرين وحطين: قرارات مجحفة
في 3 من كانون الأول الحالي، عاقبت لجنة الانضباط فريقي تشرين وحطين بإقامة مباراة من دون جمهور، بالإضافة إلى غرامات مالية على تشرين بمبلغ ثمانية ملايين ليرة، وخمسة ملايين ليرة على حطين.
طالب الناديان اتحاد الكرة في بيان منفصل لكل منهما بالتدخل ووضع حد لـ”القرارات المجحفة” التي تصدر من لجنة الانضباط بحق الأندية والجماهير، ووضع مصلحة الرياضة السورية وصورتها بالخارج في الحسبان قبل اتخاذ أي قرار.
وخاطب الناديان بقية الأندية للدعوة لجمعية عمومية استثنائية للتدخل، واتخاذ موقف موحد لكل ما يصدر من عقوبات.
بعد يومين قررت لجنة الانضباط قبول ما أسمته بكتابي الاسترحام من حطين وتشرين، حول عقوبة إقامة مباراة لكل فريق منهما بلا جمهور، بعد التعهد بعدم تكرار المخالفة، بشرط أن يتم تشديد المخالفة لتصبح آليًا مباراتين بلا جمهور في حال التكرار وهو قرار غير قابل للاستئناف، بينما تبقى العقوبات المالية على حالها.
اتحاد “عصابة”
في موسم 2022-2023، كان لنادي الجزيرة الرياضي حصة كبرى من العقوبات، إذ فرض اتحاد الكرة عليه قرارات غير نهائية قابلة للاستئناف، بسبب تخلف النادي عن الحضور إلى مباراة أمام نادي أهلي حلب في ملعب “الجلاء” بدمشق، في 7 من كانون الثاني الماضي.
أبرز العقوبات كانت استبعاد نادي الجزيرة من مسابقة الدوري الممتاز، وشطب جميع نتائجه في بطولة الدوري كونها مؤثرة على الترتيب النهائي، وفرض غرامة بقيمة عشرة ملايين ليرة سورية، وهبوط النادي إلى الدرجة الأدنى، وحجب إيرادات المشاركة المتبقية للنادي في بطولة الدوري.
قوبلت قرارات اتحاد الكرة بحق نادي الجزيرة باستنكار وانتقاد من قبل الأخير، الذي وصف الاتحاد بـ”العصابة” وفق بيان له، جاء فيه أن قرار الاتحاد “شرف لنا لأننا وقفنا بوجه الظلم وطالبنا بحقوقنا، وللحديث بقية”.
وأكمل البيان بأن الجميع أصبح شاهدًا على “العصابة التي تساعد في هدم الرياضة سواء من هم من أبناء الحسكة مع كل الأسف عليهم أو من أزقة الاتحاد بدمشق” (نادي الجزيرة من أندية محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا).
وتوجه النادي إلى بقية الأندية قائلًا، “إذا أردتم البقاء في الممتاز، فالعبوا من دون أن تتحدثوا أو تطالبوا بأي حق لكم”.
قانون رياضي يكبل الأندية
لا يقتصر انتقاد العقوبات والغرامات المالية على الأندية واللاعبين، إذ انتقدها رئيس نادي الاتحاد الحلبي، رصين مرتيني، في آب 2022، وذكر أن كل ملاعب العالم فيها كاميرات مراقبة وعناصر حفظ نظام مدربون لحالات الشغب، ويقع على عاتقهم معرفة وتحديد المسيئين، وفرض عقوبات عليهم دون غيرهم.
مرتيني جدد انتقاداته في 28 من تشرين الثاني الماضي، وقال إن القانون الذي يحكم العمل الرياضي يكبل الأندية والرياضة السورية، والحلول للمشكلات المزمنة تكمن بتغيير الهيكلية العامة، والتشاركية مع شركات خاصة وربط الأندية بالوزارات، والتغيير الجذري لقانون الاحتراف.
وذكر أن العراق يدعم الأندية بمليوني دولار لتشكيل فرقها، وكانت إدارات الأندية في سوريا تتمنى تخصيص الفرق قبل بداية الموسم بـ500 مليون ليرة تسدد من عائدات استثمارات النادي.
وأوضح مرتيني أن العجز المادي لدى النادي لتغطية المشاركة في مختلف الألعاب يصل إلى خمسة مليارات ليرة سورية، لأن التكلفة والنفقات تتجاوز عشرة ملايين ليرة، بينما الدخل لا يتعدى خمسة مليارات.
وتترافق العقوبات بموجة سخرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويتداول ناشطون ومهتمون بالشأن الرياضي حوادث في ملاعب أوروبا يرفقونها بمنشورات وتعليقات بأن رئيس اتحاد الكرة في سوريا، صلاح الدين رمضان، فرض غرامات مالية طالت لاعبين في الدوري الإسباني والإنجليزي وغيرهما.