تعالت أصوات وضحكات الأطفال في منازل الإيزيديين صباح اليوم في عدة مناطق في شمال شرقي سوريا، طارقين أبواب الجيران بابًا تلو الآخر، طلبًا للحلوى والسكاكر.
فبعد صيام دام لأسبوعين، أتى عيد “الإيزي” على إيزيديي المنطقة مجددًا أمانيهم بالخير والمسرات، مذكرًا إياهم بموتاهم، ومقويًا لأواصر القربة فيما بينهم.
ما هو عيد “الإيزي”
عيد “الإيزي” (عيد الخالق) أو ما يُعرف بـ”عيد الصوم الكبير”، يصادف الجمعة الأولى من شهر كانون الأول الشرقي، والذي يصادف 15 من كانون الأول لهذا العام.
ويستخدم التقويم الشرقي لاحتساب المناسبات الدينية لدى الكنائس الشرقية والإيزيديين، ويوجد فرق 13 يومًا بين التقويم الميلادي والتقويم الشرقي، أي أن 15 من كانون الأول في التقويم الميلادي، يعني 2 من كانون الأول في التقويم الشرقي.
ويسبق هذا العيد صوم لمدة ثلاثة أيام (الثلاثاء، والأربعاء، والخميس) يسمى “صوم شيشمس”، الذي بدأ في 15 تشرين الثاني بالتقويم الشرقي (28 تشرين الثاني بالتوقيت الميلادي).
وبعدها بأسبوع يعود الإيزيديون لصيام ثلاثة أيام مماثلة كسابقتها ويدعى “صيام خودان”، ويمتنع الإيزيديون عن الأكل من ساعات الصباح وحتى المساء، بحسب موظفة مسؤولة في “البيت الإيزيدي في إقليم الجزيرة”.
وقالت المسؤولة (تحفظت على ذكر اسمها، كونها غير مخولة للحديث الإعلامي)، لعنب بلدي، إن الإيزيديين يبدأون بالاحتفال، بزيارة القبور، وتوزيع الزاد خير (الخبز) على أرواح المتوفين.
ولا يكتمل العيد دون زيارة الأهل والأقارب واستقبال الضيوف، وتذبح الطيور (دجاج أو أوز) أو الأغنام، حسب المتوفر.
“ليس كاملًا”
عيد “الإيزي” وبقية الأعياد الإيزيدية، هي أعياد رسمية منذ سيطرة “الإدارة الذاتية” على شمال شرقي سوريا، عكس ما كانت قبل 2011، ويحتفل فيها الأهالي بشكل علني مع وجود عطلة رسمية لدوائر الدولة.
وعبرت المسؤولة في “البيت الإيزيدي في إقليم الجزيرة” عن سعادتها باعتماد العيد رسميًا، إلا أنه يأتي ناقصًا فهجرة الإيزيديين زادت والأعياد لا تحلو سوى بتجمع العائلة والأقارب، كما أن سوء الأوضاع المعيشية “زادت من صعوبة الاحتفال”.
وفي وسط كل هذا، يصّر أبناء الطائفة على الاحتفال بما هو متاح، فاقتصر العيد على التهاني بين أفراد العائلة، أما الذبائح فاقتصرت على الدجاج، وما زال للأطفال نصيبًا من السكاكر.
اليزيدية.. “إبادة جماعية”
تدمج الديانة اليزيدية بعض المعتقدات الإسلامية والمسيحية مع عناصر من الزرادشتية (ديانة فارسية قديمة) والميثراسية (دين ازدهر في الإمبراطورية الرومانية ومستوحى من الزراديشتية).
وتعد اليزيدية من الديانات التوحيدية، إذ يؤمن الإيزيديون بوحدانية الله، كما تعد شخصية الطاووس الملك مركز عقيدتهم، الذي يعمل كوسيط بين الإنسان والله.
الإيزيدية تعود جذورها لآلاف السنين، حسبما قال مدير مؤسسة “إيزدينا“ ومدير مجلة “زهرة الزيتون”، علي عيسو، لعنب بلدي في وقت سابق، وهي غير تبشيرية، كما لا يعترف الإيزيديون بوجود قوى الشر، ولا الشيطان، وهذا ما سبب إشكالية لدى أتباع الأديان الأخرى الذين اعتبروا اعتقادهم ذاك تكريمًا للشيطان وعبادة له.
وبحسب تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2016 عن الحرية الدينية الدولية في سوريا، بلغ عدد السكان الإيزيديين حوالي 80 ألف نسمة قبل 2011، وتشير تقارير إعلامية إلى زيادة في العدد نتيجة هروب إيزيديي العراق إلى سوريا من تنظيم “الدولة الإسلامية”.
ويتحدث الإيزيديون اللغة الكردية، ويوجدون بشكل أساسي في شمالي سوريا، مثل عفرين والقحطانية وعامودا.
تحفظ أجيال الإيزيديين تعرضهم لـ72 مجزرة عبر التاريخ، وقال عيسو إن إطلاق المؤرخين والمفكرين تسمية “عبدة الشيطان” عليهم هو ما أفسح المجال للتنظيم (تنظيم الدولة) لمهاجمتهم وإشاعة كل ما هو سيئ عنهم.
وأفادت الخارجية الأمريكية عبر تقرير أصدرته في 2019، أن تنظيم “الدولة” اختطف أكثر من 9000 إيزيدي فيما وصفتها بـ”حملة إبادة جماعية”، وبقي أكثر من 3000 إيزيدي في عداد المفقودين.
اقرأ أيضًا: إيزيديو عفرين: انتهاكات وتضييق ديني يهدّد وجودهم