«الله يفرج عنك يا أمين»
بهذه العبارة كان الشهيد محمد قريطم (أبو النور) يختم قوله متنهدًا كلما سأله رفاقه عن أخيه أمين.
ومعاناة أمين (27 عامًا) لم تقتصر على اعتقاله الأخير المستمر منذ 18 شهرًا وحتى الآن. فقد سبق واعتقل في الجمعة العظيمة في نيسان 2011 وهو يعتلي أحد الأسطحة لتصوير هجوم عناصر الأمن على المظاهرة في داريا ذلك اليوم، فقد صعد إليه مجموعة من عناصر المخابرات الجوية ودفعوه بقوة ليسقط من على درج البناء ثم ليعتقلوه بوحشية. وقد تعرض خلال اعتقاله الأول والذي دام لسبعة أيام لتعذيب شديد، حاول المحققون خلالها إجباره على «الكفر» بالثورة والهتاف لبشار الأسد، إذ قام أحدهم بوضع حذائه على وجهه وأخذ يرفسه على معدته وعلى أعضاء جسده النحيل ليجبره على قول «الله سوريا بشار وبس» ، وبعد أن أضناه الألم، وسالت الدماء من فمه وبعد معركة داخلية دارت بينه وبين مبادئه قال أمين أنه أجبر مكرهًا على النطق بالعبارة.
واعتقل أمين مرة أخرى في أوائل حزيران 2011 لمدة 3 أيام من قبل الفرقة الرابعة برفقة ابن أخيه ذو الثلاثة أعوام من أمام مسجد الصادق الأمين في المدينة، حيث احتجزوا الطفل لعدة ساعات وصوت بكائه يتعالى قبل أن يسمحوا لأبيه بأخذه.
ثم اعتقل أمين للمرة الثالثة بتاريخ 18 تموز 2011 بعد أن داهمت قوات من المخابرات الجوية مكان عمله في صالة الزهراء للأفراح في داريا، بعد أن رفض إرشادهم إلى مكان تواجد أخيه محمد قريطم (أبو النور) الملاحق منذ بداية الثورة من قبل المخابرات الجوية، والذي استشهد في الثامن والعشرين من تشرين الثاني 2012 بقصف صاروخي استهدف أحد المنازل في داريا.
ولأمين يد بيضاء في ثورة داريا التي لم يكتب له أن يشهد أكثر من أشهرها الأولى، فقد شارك بإعداد اللافتات التي كانت ترفع في المظاهرات، كما تسلح بكاميرته في المظاهرات التي كان يخرج فيها بحماس كبير كما يقول أحد أصدقائه، «كان أمين يقفز من شدة الحماس أثناء أول مظاهرة شموع خرجنا بها في المدينة، وكنت كلما ألتفت أراه يعتلي إحدى السيارات أو الأرصفة العالية ليصور المظاهرة من الأعلى، فبقيت شمعته في يدي بينما هو يمارس هوايته، واحتفظت بتلك الشمعة كذكرى منه، لكنها بقيت في منزلي عندما نزحت منه، ليسرق الأمن المنزل وتلك الذكرى الوحيدة التي بقيت لي من أمين.»
وأصدقاء أمين يصفونه بأنه مخلص وطيب القلب ويحب عمل الخير وإغاثة الملهوف وهو أكثر ما عرف عنه، فكان يلبي نداء كل من احتاجه دون تردد.
لطالما طالب الشهيد «أبو النور» بحرية أخيه أمين ضمن حملات المطالبة التي كان ينظمها للإفراج عن المعتقلين، لكنه استشهد قبل أن يرى أخاه الذي فداه بنفسه واعتقل فداءً له…
شوهد أمين في فرع المخابرات الجوية- آميرية الطيران بتاريخ 15 تشرين الأول 2011 حسب أحد المفرج عنهم، ولم ترد بعدها أية أخبار عنه، ويتوقع أهله أن يكون الآن في سجن صيدنايا العسكري، ولكن لم يتسنى لهم التأكد ما إن كان هنالك فعلاً..
أمين وآخرون كثر من شباب سوريا الواعدين لا يزالون قابعين في ظلام زنازين النظام في ظروف لم تعد مجهولة لأحد، دون أن تنجح أي جهود محلية أو دولية لإطلاقهم رغم كل مراسيم «العفو» التي أصدرها رأس النظام وأخرج بموجبها مئات المجرمين وأصحاب السوابق…
أمين والآخرون.. سامحونا إذ لم نستطع حتى الآن أن ننجح ثورتكم وتحريركم.. ولم نعد نستطيع إلا الدعاء لكم بالفرج والحرية..
لكم الله يا أصدقاء ..