رأس العين.. ارتفاع أسعار حليب الأطفال يدفع إلى بدائل غير صحية

عنب بلدي – رأس العين

تشهد مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة ارتفاعًا في سعر حليب الأطفال المجفف بنسبة 45%، مسجلًا أرقامًا غير مسبوقة.

وارتفع سعر علبة حليب الأطفال بوزن 400 غرام من 62 ألف ليرة سورية إلى نحو 100 ألف ليرة سورية، وهو من نوعية “بيب فيت” و”مونيلاك” و”دب دوب” و”بيبيلاك”، ولا يتوفر نوع “نان”.

ويعد السعر مرتفعًا ولا يتناسب مع إمكانيات سكان رأس العين البالغ عددهم 115 ألف نسمة، منهم 22 ألف طفل، حسب إحصائية مديرية الخدمات الاجتماعية في المدينة.

وتدخل مادة الحليب إلى رأس العين بطرق غير نظامية (تهريب) من مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتقع المدينة بمحاذاة الحدود التركية، ولا توجد معابر رسمية بينهما.

ويتوفر حليب أطفال مجفف مستورد من تركيا، لكن أسعاره مرتفعة أيضًا، ويبلغ سعر العلبة بوزن 400 غرام نحو 115 ألف ليرة سورية.

لا قدرة على الشراء

ماجدة سرحان (35 عامًا)، وهي أم لطفل رضيع (عمره ستة أشهر)، قالت إن ارتفاع أسعار حليب الأطفال دفعها إلى تقليص كمية الحليب التي تعطيها لطفلها، ما انعكس على صحته.

وأضافت أن طفلها بات هزيلًا، وأصبح ينام كثيرًا وقل نشاطه، لأنها تعطيه 150 ميليغرامًا من الحليب يوميًا، في حين كانت تعطيه سابقًا 300 ميليغرام.

من جانبه، مازن دريعي، وهو أب لطفلين رضيعين قال إنه يشتري علبة الحليب من الصيدليات بـ100 ألف ليرة سورية (200 ليرة تركية)، ويقتصد في عدة احتياجات لأن عمله بالمياومة لا يمكنه من تحمل التكاليف.

وتعتمد رأس العين بشكل رئيس على قطاعي الزراعة وتربية المواشي، ولا تتجاوز أجرة العامل دولارين لليوم الواحد (ما يعادل 30 ألف ليرة سورية).

بدائل خطيرة

شاهة القاضي (25 عامًا)، وهي أم لطفلة (عمرها تسعة أشهر)، قالت إن مردود ما تجنيه من عملها في الخياطة لا يكفي لتوفير أدنى الاحتياجات، لذلك لا تشتري الحليب المجفف من الصيدليات.

وتضطر شاهة إلى شراء حليب البقر أو الماعز، نظرًا إلى رخص سعره، رغم معرفتها بأن له أثرًا سلبيًا على نمو وتغذية طفلتها، حيث تعرضت لأمراض معوية وجفاف وسوء تغذية حاد.

بدوره، طبيب الأطفال في رأس العين عدنان شيخ موس، أوضح أن عشرات الحالات لأطفال يعانون نقص الوزن والجفاف وحالات الإسهال يأتون إلى عيادته، نتيجة اعتماد العائلات على استخدام حليب الأبقار والأرز وغيرهما كبديل عن الحليب الصناعي.

وذكر الطبيب لعنب بلدي أن توجه العائلات لهذه البدائل يؤدي إلى آثار صحية خطيرة، منها نقص البروتين والكتل العظمية للوزن وسوء التغذية، وفي حال تعرض الطفل لمثل هذه الحالات بتأثير كبير قد ينتهي الأمر إلى الوفاة.

ويعتبر الحليب البقري خطرًا جدًا على صحة الأطفال الرضع، وبحسب الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، فإن تركيز البروتين العالي الموجود في هذا النوع من الحليب ربما يؤدي إلى التهاب أمعاء الطفل، أو إلى نزيف في البطانة المعوية.

ولا يحوي الحليب البقري كميات حديد كافية للطفل، وهو ما يمكن أن ينتج عنه حدوث فقر الدم، وأحيانًا تكون الأعراض أكثر خطورة وتتسبب بموت الرضيع.

“إتاوات”

يزن رمضان صيدلاني في مدينة رأس العين، قال لعنب بلدي، إن ارتفاع أسعار حليب الأطفال في المنطقة يرجع إلى عدة أسباب، منها دخول فترة الشتاء وصعوبة إدخال المواد المهمة مثل الحليب والأدوية عبر طرق “التهريب”.

وأضاف رمضان أن أغلب المواد القادمة إلى رأس العين تأتي من مناطق الرقة والحسكة، حيث تفرض “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) إتاوات تصل إلى 70% على دخول المواد الأساسية ومنها الحليب.

وأشار رمضان إلى أن الحليب التركي متوفر في المنطقة، لكنه بأسعار مرتفعة، وغير مرغوب لدى السكان، لعدم تقبلهم المنتجات التركية وعدم اعتيادهم عليها.

وذكر أن سعر علبة حليب الأطفال بوزن 400 غرام في رأس العين، يبلغ حوالي 100 ألف ليرة سورية، وهو ما يشكل عبئًا على الأسر الفقيرة.

وتواجه معظم العائلات السورية بمختلف مناطق السيطرة صعوبة في الحصول على مادة الحليب المجفف لأطفالها، لأسباب منها ما هو متعلق بانخفاض قيمة العملة المحلية أو أجور النقل والاستيراد و”الإتاوات”.

واعتبرت “يونيسف” أن ارتفاع الأسعار وعدم كفاية الدخل في سوريا، يجعلان ملايين العائلات تكافح لتغطية نفقاتها في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة، إذ يعيش 90% من السكان السوريين تحت خط الفقر، ما يؤثّر سلبًا على نظام أطفالهم الغذائي وعدم قدرتهم على تأمين احتياجات الأطفال.

وذكرت المنظمة في بيان لها، أن أكثر من 3.75 مليون طفل في جميع أنحاء البلاد كان يحتاج إلى مساعدات غذائية قبل الزلزال، وتوقعت أن يتفاقم الوضع وتزداد صعوبة الوصول إلى الخدمات الصحية والتغذوية الأساسية في نهاية عام 2023.