كيف يحتفل مسيحيو الحسكة في شهر الأعياد
رغم مرور 12 عامًا على المعارك العسكرية التي عاشها السوريون في مختلف مناطق السيطرة، والتحديات الكبيرة التي يمرون بها، لا يزالون يستثمرون اللحظات النادرة من الفرح في حياتهم.
في أوقات الاحتفالات والمناسبات الخاصة واللقاءات الاجتماعية، مثل أعياد الميلاد، يجد السوريون فرصة لاستعادة بعض البهجة، وسط الأزمة السياسية والاقتصادية في سوريا.
ويحمل كانون الأول من كل عام طابعًا خاصًا في قلوب سكان محافظة الحسكة، إذ تُعتبر المدينة صورة مصغرة لتنوع وتعايش الثقافات والأعراق في سوريا.
ويعكس هذا الشهر روح التلاحم والتعايش السلمي بين جميع المكونات السكانية فيها، ويسعى السكان لاستعادة لحظات الفرح التي تشكل جزءًا من هويتهم وكانت على وشك الضياع في أجواء مدينتهم.
طارق بطرس (40 عامًا) قال لعنب بلدي، إن التحضيرات لاحتفالات عيد الميلاد تبدأ قبل فترة بسيطة بمشاركة جميع الطوائف المسيحية، وتشمل الذهاب إلى الأسواق لشراء الملابس والمكسرات والفواكه، كما يقومون بتحضير أطباق خاصة كـ”الديك الرومي” المعروف بتقليد العيد.
ويتميز عيد الميلاد ورأس السنة بالإقبال الكبير على الأسواق في مدينتي الحسكة والقامشلي.
ويشهد كانون الأول من كل عام احتفالات “عيد البربارة” ومولد النبي عيسى، ثم الاحتفال برأس السنة الميلادية.
العمليات العسكرية “تقتل الفرح بالأعياد”
تعكس الظروف الأمنية في المناطق الريفية التابعة لمدينة الحسكة آثارها على الاحتفالات، خاصة بعد هجرة الكثير من مسيحيي المنطقة.
فيما تكاد الاحتفالات تختفي في مناطق كتل تمر بسبب حفر الأنفاق والتحصينات العسكرية وإغلاق الأسواق التجارية، إضافة إلى القيود على التجوال وإغلاق الطرقات خوفًا من معارك عسكرية أو قصف متبادل بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) المسيطرة على المنطقة والجيش التركي.
طارق أشار إلى اختلاف التحضيرات في محافظة الحسكة حسب كل مدينة، حيث تكون مظاهر الاحتفال في مدينة رأس العين الحدودية مع تركيا متواضعة بسبب قلق السكان من الفصائل المسلحة التي تسيطر على المنطقة.
في المقابل، شهدت مدينة القامشلي نشاطًا كبيرًا في أسواقها، وقام سكانها بتزيين الشوارع ووضع شجرة الميلاد كجزء من احتفالاتهم.
ونفذت تركيا عملية عسكرية في تشرين الأول من عام 2019 تحت اسم “نبع السلام”، وسيطرت خلالها على مناطق في شمال شرقي سوريا.
ومن ضمن هذه المناطق مدينتا رأس العين وتل أبيض، حيث دخلت القوات التركية إليهما في تشرين الأول 2019، ومعها فصائل عسكرية سورية معارضة.
طارق أشار إلى أن ريف الحسكة، خاصة من مدينة تل تمر وصولًا إلى محافظة الحسكة والقرى الممتدة على هذا المسار، تشهد استعدادات للاحتفال بأقل حماسة مقارنة بالأعوام السابقة.
ويعود السبب إلى توتر الأوضاع المرتبط بعملية عسكرية تركية محتملة، لذا يزداد الحذر وتقل الاستعدادات بسبب التدابير الأمنية التي فرضتها “قسد” في مناطق مثل الدرباسية والمالكية وغيرهما من المدن على الحدود السورية- التركية.
سارة خيري، سيّدة مسيحية من الطائفة السريانية (38 عامًا)، تقيم في مدينة القامشلي، تحدثت لعنب بلدي عن احتفال عائلتها في هذا العام، “هذا الاحتفال سيكون أكثر تقليدية وبساطة بسبب ارتفاع الأسعار والأوضاع المعيشية الصعبة”.
وتعتزم سارة ترتيب شجرة الميلاد التي تملكها منذ عامين وتزيينها بشكل بسيط. وسيشمل الاحتفال زيارة الأقارب وأداء الترانيم والتراتيل الدينية في الكنيسة. بعد ذلك، ستقوم بزيارة والدتها في قرية الأشورية بريف تل تمر.
سارة أشارت إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، حيث وصل سعر اللحوم إلى 120 ألف ليرة سورية، والحلويات المعتادة في الأعياد أصبحت أيضًا غالية، ويتراوح سعر الشوكولاتة بين 70 ألفًا للأنواع العادية و100 ألف للأنواع الفاخرة.
هذه الظروف الصعبة أثّرت على احتفالاتهم، وباتت تحتاج إلى تقليص في التكلفة والاحتفال بشكل بسيط وعائلي.
وفي رصد لمراسل عنب بلدي في المنطقة لأسعار أشجار الزينة الخاصة بأعياد الميلاد، تبدأ من 100 دولار للشجرة الواحدة بطول 60 سم.
أما حبال الزينة فتبدأ أسعارها من 15 دولارًا ويزداد سعرها وفق الطول المطلوب.
ويبلغ سعر صرف الدولار الأمريكي في سوريا 14400 ليرة سورية وفق موقع “الليرة اليوم” المختص بأسعار صرف العملات.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :