“حب تحت السكين”.. عندما تلعب الصحافة دورها في كشف الحقائق
طبيب جرّاح شهير بابتسامة ساحرة وحضور آسر، خدع ثلاث نساء وعشرات المرضى، ونجح بإجراء عمليات جراحية تضمنت تجارب علمية على البشر دون علمهم، لتقبض عليه الشرطة ويتعرض للمحاكمة ثم للسجن.
يبدو الملخص السابق مغريًا ليكون قصة فيلم أو مسلسل روائي، يلعب فيه أحد نجوم السينما دور البطولة، ويفكر بعدد الجوائز التي سيحصل عليها، لكن الحكاية التي عرضتها شبكة “نتفليكس” الأمريكية مؤخرًا حقيقية، وحصلت بالفعل بين إيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية.
يعرض مسلسل “الجراح الشرير- حب تحت السكين” الوثائقي، والمكون من ثلاث حلقات، حكاية الطبيب باولو ماكاريني، الذي أجرى عمليات جراحية تتضمن تبديل القصبة الهوائية في جسد الإنسان بأخرى بلاستيكية، بالاستعانة بخلايا جذعية من المريض ليتعرف عليها جسد الأخير.
أعلن ماكاريني عن نجاح عملياته الجراحية كلها، لكن معظم المرضى توفوا بعد فترة وجيزة وعانوا صعوبة كبيرة في التنفس، واستمر الطبيب بالدفاع عن نظريته حتى الثانية الأخيرة، رغم محاكمته لاحقًا وإيداعه السجن.
يكشف الوثائقي عن الخطة التي اتبعها ماكاريني، عبر التلاعب بالسجلات العلمية أولًا، وارتباطه عاطفيًا بمنتجة برامج أمريكية شهيرة في مدينة نيويورك لحمايته حال كشف أمره من قبل الصحافة، وادعائه الانضمام إلى شبكة سرية من الأطباء تختص بمعالجة كبار الشخصيات السياسية، بمن في ذلك الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، وبابا الفاتيكان فرانسيس، وبيل وهيلاري كلينتون.
عبر العاطفة يحمي ماكاريني نفسه، إذ ارتبط إضافة إلى الصحفية الأمريكية، وزوجته، بسيدة إيطالية توفي ابنها بعد العملية الجراحية التي أجراها له الطبيب نفسه.
أبرزت الحبكة التي قدمها المسلسل دور الصحافة في كشف الخفايا، وسلّطت الضوء على أهميتها في حياة الناس، عبر صحفيين سويديين تلقوا رسائل ومعلومات من أطباء في العاصمة السويدية استوكهولم، من زملاء ماكاريني في معهد كارولينسكا الطبي (أحد أفضل مستشفيات العالم).
يقدّم المسلسل رؤيته حول تضارب المصالح بين السياسة والحب والطب، لجأ ماكاريني إلى الحكومة الروسية للحصول على اعتراف بأبحاثه العلمية، وأجرى بالفعل عملية جراحية لامرأة روسية وأُظهرت للإعلام وكأنها نصر طبي، قبل الكشف أن الأمر لم يكن سوى لعبة، والمرأة ذاتها عانت آلامًا مبرحة قبل وفاتها، ولم ترغب روسيا سوى باستغلال الأمر ضمن صورة دعائية من قبل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بتصوير إمكانيات بلاده الطبية.
الخديعة التي تعرضت لها الصحفية الأمريكية، دفعتها لفضح الطبيب الإيطالي عبر مقال مطوّل نشرته ضمن صحيفة أمريكية، في الوقت الذي عمل فيه الصحفيون بالسويد على تقصي الأمر ومحاولة الوصول إلى معلومات أكثر، وهو ما أدى لاحقًا إلى محاكمة ماكاريني، رغم أن المعهد الذي عمل به الطبيب دافع عنه حتى اللحظة الأخيرة.
هدف العمل بشكل رئيس للحديث عن قصة صعود ماكاريني وسقوطه، لكنه في الوقت نفسه يفتح الباب أمام أهمية الصحافة في حياة الناس، وكشف الفساد والتلاعب في أحد أكثر القطاعات حساسية بالمجتمع، القطاع الطبي، كما يشير في الوقت نفسه إلى اللعبة السياسية التي تلعبها الحكومات، وعملية الدعاية التي تتبعها لتصوير انتصارات وهمية لا تتجاوز حقيقتها آلام المرضى والقضاء على أملهم في الشفاء.
وفي مسار ثالث يربط بين السياسة والطب والنفوذ، دافع معهد كارولنسكا الطبي عن ماكاريني حتى اللحظة الأخيرة، ونفى أي تلاعب في البحوث العملية رغم الأدلة والإثباتات المقدمة والشهود، وهو ما يؤدي بالتالي إلى ضرر بالغ في سمعة المعهد الموكل إليه منح جائزة نوبل في الطب.
حصل العمل على تقييم بلغ 7.3 على موقع “imdb” المختص بالأفلام والمسلسلات وأخرجه بن ستيلا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :