منها العراقي والمعاد تكريره
زيوت “مغشوشة” تضرب محركات السيارات بإدلب
إدلب – أنس الخولي
سئم عامر من ارتفاع درجة حرارة محرك سيارته بشكل متكرر، وتناقص الزيت منه، معتقدًا أنه بحاجة إلى إصلاح أو تغيير قطعة ما داخله، أو حتى تغييره كاملًا.
وقال عامر الفضلي (36 عامًا)، يعمل سائق سيارة أجرة، إن الزيت يتناقص بشكل سريع في المحرك، وتظهر آثار تبخر مع ارتفاع في درجة الحرارة، ما يعوق عمله الذي هو مصدر دخله، ويكلفه تغيير الزيت أعباء مالية إضافية.
توجه عامر المقيم في مدينة إدلب إلى ميكانيكي سيارات ليخبره بأن العطل الأساسي يكمن بالزيت الرديء الذي يستعمله، والحل هو استخدام زيوت ذات نوعية جيدة، لافتًا إلى أن المحرك بات بحالة سيئة.
أدى نشاط أسواق السيارات ومستلزماتها في الشمال السوري إلى فوضى باستيراد الزيوت، كما تعاد تعبئة وبيع زيوت رديئة على أنها ذات جودة عالية، الأمر الذي انعكس سلبًا على السيارات وكلّف أصحابها أموالًا.
نتائج كارثية
تلعب زيوت المحركات دورًا مهمًا في جعل المحركات تعمل على أفضل وجه، فالزيت يضمن عدم تلامس الأجزاء الداخلية للمحرك بشكل مباشر، وبالتالي تقليل حرارة الاحتكاك بين الأجزاء المتحركة، وفق طالب العبيد وهو ميكانيكي صيانة سيارات في إدلب.
وأوضح الميكانيكي لعنب بلدي أن استعمال زيوت معدنية رديئة يؤدي إلى تراجع هذه العملية داخل المحرك أو حتى غيابها، ما يعطي نتائج كارثية على المحركات.
وأضاف طالب أنه يستقبل في ورشته سيارات كثيرة تحتاج إلى تغيير المحرك، جراء استخدام زيوت معدنية رديئة.
ولا يقتصر الأمر على الأعطال، إذ يؤدي استعمال زيوت معدنية ذات جودة منخفضة إلى ضعف طاقة المحرك، وارتفاع استهلاك الوقود بسبب كثر الشوائب ورواسب الكربون داخل المحرك، وفق طالب.
وينصح الميكانيكي بتغيير زيت المحرك ضمن المدة اللازمة للتغيير، وذلك حسب نوع الزيت ومدى جودته، والابتعاد عن الزيوت الرخيصة المجهولة المصدر، لما تحمله من آثار كارثية على السيارة.
وتتراوح أسعار زيوت المحركات لليتر الواحد بين 2.5 و4 دولارات أمريكية (كل دولار يعادل 29 ليرة تركية)، مشيرًا إلى أن الزيوت الجيدة تحتاج إلى تغيير بعد أن تقطع السيارة أربعة آلاف كيلومتر، وفق الميكانيكي.
بينما الزيوت ذات الجودة المنخفضة تحتاج إلى التغيير بعد قطع مسافة ألفي كيلومتر، وبحساب بسيط، يرى طالب أن الزيوت ذات الجودة العالية وإن كانت أعلى سعرًا إلا أنها أكثر توفيرًا.
“فوضى استيراد”
سالم قورة (55 عامًا)، يعمل في تجارة زيوت المحركات منذ ما يزيد على 20 عامًا، قال لعنب بلدي، إن التجار سابقًا كانوا يعتمدون على الزيوت التي تنتجها شركة “سادكوب” السورية، وهي زيوت عالية الجودة وبأسعار مناسبة، بالإضافة إلى توفر أنواع أخرى من الزيوت كـ”الموبيل” و”الكاسترو” و”التوتال”.
وأضاف سالم أن السوق في الشمال اليوم منفتح بشكل كبير، إذ يمكن للتاجر استيراد أي نوع من زيوت المحركات وإدخالها بشكل “ترانزيت” إلى المنطقة دون أي رقابة، ما أدى إلى انتشار أنواع مجهولة من زيوت المحركات وكثرة عمليات الغش.
وأوضح أن انفتاح السوق أدى إلى توسع الخيارات أمام أصحاب السيارات والدراجات، وكذلك عدم دراية المواطنين بمدى جودة الزيوت المنتشرة في الأسواق، ما زاد من احتمال وقوع الزبائن بعمليات “الغش”.
وتنتشر في أسواق الشمال السوري زيوت محركات ألمانية وكورية وعراقية وبلجيكية بجودة متنوعة، ويفضّل المواطنون ذات الجودة المنخفضة لعدة أسباب، أهمها ارتفاع أسعار الزيوت الجيدة، واستخدام السائقين لمحروقات سيئة تجبرهم على تغيير المحرك بعد مدة قصيرة في جميع الأحوال، بحسب ما قاله التاجر.
وعن أسعار الزيوت قال التاجر، إن سعر برميل الزيت عالي الجودة بغض النظر عن المصدر يصل إلى 750 دولارًا، بينما يصل سعر برميل الزيت العراقي إلى 200 دولار، مشيرًا إلى ارتفاع تكاليف الشحن بالنسبة للزيوت الكورية والألمانية، ما ينعكس على السعر في السوق المحلية.
ونبّه سالم خلال حديثه إلى قيام التجار مؤخرًا باستيراد زيوت من العراق، وهي تعتبر من أسوأ أنواع الزيوت في العالم، وتحتوي على نسبة شوائب تزيد على 70%، وتتم عملية إعادة تعبئة هذه الزيوت بعبوات مشابهة للأصناف الجيدة لغش المواطنين من قبل بعض ضعاف النفوس، حسب وصفه.
مواصفات للزيوت
مسؤول العلاقات في مديرية المشتقات النفطية بحكومة “الإنقاذ”، أحمد السليمان، قال لعنب بلدي، إن المديرية وضعت مواصفات قياسية للزيوت المعدنية، ومنعت دخول عدة أنواع رديئة كانت تسبب أضرارًا للآليات.
وأوضح في تصريح لعنب بلدي أن المديرية أجرت دراسات قبل وبعد ضبط الزيوت المعدنية، وكانت النتائج إيجابية، وتم اعتماد عدة ماركات زيوت بنوعيات جيدة ومناسبة للآليات.
وعن مراقبة الزيوت المعدنية، قال السليمان، إن موظفي المديرية ينفذون جولات على مراكز ومعامل الزيوت المعدنية، ويفحصون المواد للتأكد من مدى مطابقتها مع المواصفات المعتمدة.
وبالنسبة للمواد المستوردة من معبر “باب الهوى”، يتم أخذ عينات من الشحنات وتحليلها في مخبر المديرية والتأكد منها، وفي حال تمت مطابقتها مع المواصفات المعتمدة، يسمح للشحنات بالدخول، وفي حال لم تكن مطابقة يتم رفضها ومنعها من دخول مناطق إدلب، وفق السليمان.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :