حذر تقرير منظمة حقوقية من أن المعتقلين والمختفين قسرًا سيكونون من أوائل الضحايا الذين سيجردهم قانون إدارة واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة بموجب حكم قضائي مبرم، من حقوقهم في ملكياتهم وأموالهم بشكل نهائي.
وجاء في تقرير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” الصادر اليوم، الجمعة 8 من تشرين الأول، أنه لا يزال أكثر من 135 ألف سوري قيد الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري، في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري منذ آذار 2011 وحتى آب 2023، أحيل جزء منهم إلى المحاكم الاستثنائية وصدرت بحقهم أحكام بمصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة، معظمها مضافة لعقوبتهم الأصلية بالسجن أو الإعدام.
ويرجح التقرير أن النظام السوري قد أصدر “أحكامًا سرية” ضد الغالبية العظمى من المعتقلين والمختفين قسريًا، لذا هم من أوائل ضحايا القانون الجديد.
وبموجب قانون “مكافحة الإرهاب” والقانون رقم “63” لعام 2012، أطلقت يد كل من محكمة قضايا الإرهاب ووزارة المالية والأجهزة الأمنية، وغيرها من الجهات العامة بإصدار قوائم مصادرة جماعية، استهدفت الآلاف الخاضعين أمام المحكمة أو المحالين إليها غيابًا بتهم الإرهاب، وفق التقرير.
وعادة تضم لوائح الحجز والمصادرة إضافة إلى اسم الشخص الذي صودرت ممتلكاتـه أسماء من أسرته.
ومنذ بداية عام 2014 وحتى أيلول 2020 وثقت “الشبكة السورية” لا يقل عن 3973 حالة حجز استهدفت المعارضين الموقوفين أو النازحين بينهم ما لا يقل عن 57 طفلًا صدرت عن محكمة قضايا الإرهاب فقط.
وفقًا للتقرير، فإن هناك إمكانية لاكتساب قرارات الحجز الاحتياطي التي صدرت عن وزير المالية صفة “القرار القضائي”، وعلى اعتبار عدم تمكن الغالبية العظمى ممن شملتهم هذه القرارات من سلك الطرق القانونية لإزالة الحجز وانتهاء مدة الطعن المحددة بثمانية أيام من تنفيذ الحكم بالحجز، فإنها ستؤول لتكون أحكام قضائية مبرمة.
وثق التقرير ما لا يقل عن 68 جهة تنفيذية وقضائية أصدرت قرارات توزعت بين قرارات خاصة في تجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة، وقرارات حجز تنفيذي أو احتياطي، وقرارات منع التصرف، وقرارات وضع إشارة حجز وتجريد، وغيرها.
“الائتلاف” يحذر
حذّر “الائتلاف الوطني السوري” من القانون الذي أصدره النظام السوري، قائلًا الخميس في بيان، إن إقرار القانون “يهدف بشكل رئيس إلى سلب شريحة واسعة من الشعب السوري من حقوقهم كافة بما فيها الملكيات الخاصة، ولا سيما أولئك الذين تم تهجيرهم قسرًا، داخليًا أو خارجيًا، بما يصعب عودتهم إلى بلادهم مستقبلًا”.
وأضاف أن النظام السوري “يتعامل مع معارضيه ومن هم خارج مناطق سيطرته أو خارج البلاد على أنهم مجرمون، من خلال إقرار تشريعات يصدر على أساسها أحكامًا بحقهم تعطيه القدرة على الاستمرار بانتهاك حقوقهم”.
واعتبر “الائتلاف الوطني” أن إقرار هذه التشريعات والقوانين “يدعم مساعي النظام لخلق عوائق إضافية أمام عودة اللاجئين والمهجّرين من الشعب السوري، وتشكل جزءًا من منهجه الإجرامي الذي يتعامل به مع الشعب السوري”، مشيرًا إلى أن النظام “يستغل أجهزة ومؤسسات الدولة، بما فيها السلطات القضائية والتشريعية، كأدوات وسلاح في حربه على الشعب السوري”.
حددت أحكام القانون أنها ستطبق بأثر رجعي على الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة بموجب حكم قضائي مبرم، أي سواء صدر الحكم قبل نفاذ هذا القانون أم بعده.
وبحسب التقرير الحقوقي، فإن هذا الحكم ينتهك مبدأ عدم رجعية القانون، إذ لا يقتصر مبدأ عدم رجعية القانون على تعريف أو تحديد الجرائم والجنح، بل ينطبق على درجة العقوبات والأحكام الناتجة عن ذلك.
ويزداد التشدد في عدم الرجعية وصون هذا المبدأ “بأوقات النزاع” كما في سوريا، وفق ما ذكرته “الشبكة السورية”، بحيث لا يجوز للقانون الجديد أن يفرض عقوبات أعلى كما في عدم الاكتفاء بمصادرة الأموال ومنع التصرف بها، أو استخدامها من قبل السلطة التنفيذية.
أوصى التقرير مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بالإسراع في تطبيق الحل السياسي في سوريا استنادًا إلى بيان “جنيف 1” وقرار مجلس الأمن “2254”، مما يساهم في إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإيقاف التعذيب وإنهاء المحاكم الاستثنائية الأمنية.
كما طالب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بإصدار بيان إدانة لتلاعب النظام بملف المعتقلين السياسيين وممتلكاتهم، واستمرار احتجازه لعشرات الآلاف من السوريين دون أية محاكمة عادلة أو أدلة حقيقية.
في 30 من تشرين الثاني الماضي، وافق أعضاء “مجلس الشعب” بالأكثرية على مشروع القانون الذي ستتولى وزارة المالية بموجبه إدارة واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادَرة بموجب حكم قضائي عدا الأراضي الواقعة خارج المخططات التنظيمية، حيث ستكون إدارتها واستثمارها لوزارة الزراعة.
وبحسب القانون المبرم، في حال كانت الأموال عبارة عن شركة أو أسهم أو حصص في شركة، تبقى هذه الشركة خاضعة لأحكام قانون الشركات، وتجري إدارتها واستثمارها من قبل وزارة المالية بما لا يتعارض مع قانون الشركات.