جريدة عنب بلدي – العدد 53 – الأحد – 24-2-2013
تختلف ثورة الشعب السوري عن غيرها من الثورات، إذ قام بها فريق مستضعف يشكل غالبية الشعب السوري على فريق مستأثر بالسلطة والمال والثروات التي عمل على غصبها من يد الشعب لسنوات طويلة، عدا عن ذلك فإنَ ما قام عليه من فساد ومحاربة لكل فضيلة جعلته في نقيض مع ما يتحلى به الشعب من أخلاق الفضيلة والإباء وبالتالي فثورة الأخلاق التي انطلق بها السوريون ضد الفساد والاستبداد هي الطابع المميز للثورة السورية مهما شاب هذه الثورة من شوائب .
فالنزاع المسلح الذي ساد البلاد ليس فقط غير متكافئ عسكريًا بل وغير متكافئ أخلاقيًا، فما أقدم عليه جيش النظام من ظلم وهتك للمقدسات والأعراض إنما ينمّ عن تربية طويلة الأمد لأفراد هذه العصابة على طابع وصبغة بعيدة كل البعد عن الأخلاق السائدة بين الناس والتي تحكم أي مجتمع يتعايش أفراده فيما بينهم على حب الخير لبعضهم بعضا.
إنّ الأرقام الكبيرة التي نراها عن الأطفال في سجون ومعتقلات النظام لهي المؤشر الخطير على مدى سوء الخصم الذي يتعامل معه الشعب السوري، فكيف هو حال طفل وجد نفسه داخل دوامة نزاع مسلح بين طرفين يتحمل فيه أسوأ تبعات وانعكاسات هذا النزاع.
الآثار الاجتماعية للنزاع المسلح على الطفل:
ﻗﺪﺗﺨﺘﻔﻲاﻟﻜﺜيرﻣﻦاﻷﻧﺸﻄﺔاﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔواﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔواﻟﺤﻀﺎرﯾﺔﻣﻦﺟﺮاءاﻟﺤﺮوب، ﻓﯿﺘﺄﺛﺮﻛﻞﺷﻲءوﯾﺒﺪأﻓﻲاﻟﺘﻠﻮنﺑﻠﻮناﻟﺤﺮب، ومع طول زمن الحرب ونقص المال وفقدان مصادر الرزق يضطر الأطفال ﻟﻠﻌﻤﻞأﺛﻨﺎءاﻟﺤﺮوبﻟﺴﺪاﻟﺜﻐﺮاتاﻟﺘﻲﺗﺮﻛﻬﺎاﻟﺮﺟﺎلﻣﻤﻦذﻫﺒﻮاﻟﻠﺤﺮب أو ﻗﺘﻠﻮا . وﺑﺬﻟﻚﯾﻀﺎفﻋﺐء جديد ﻋﻠﻰﻛﺎﻫﻞ الطفل الذي فقد أساساً مستقبله نتيجة تركه لدراسته قسراً فهو يحمل عبء أسرة قد يكون هو الوحيد الذي تعتمد عليه في تأمين قوتها
إضافة لمعاناته جراء ما يمكن أن يلاقيه من استغلال وسوء معاملة من الغير ، عدا عن استهدافه كأي مقاتل كبير دون تفرقة ودون مراعاة لصغر سنه .
انّ ماتتركه الحرب من آثار سيئة على الأسرة من تهديد بالتفكك وضياع أفرادها إنما ينعكس بدرجة كبيرة على حال الأطفال ، ففقدان الأب أو الأم أو أسر أحدهما يضيف معاناة جديدة للطفل قد تبعده عن أسرته وتجبره على العيش في ظروف أبعد ما تكون عن الظروف التي يتوجب أن تحيط بحياة الطفل لينمو نموا طبيعيا فوجود الطفل ضمن بيئة مختلفة وبعده عن أحد والديه أو كليهما وضعف الرقابة عليه يزيد من فرص الجنوح لديه والإنجرار في طرق الرذيلة والانحراف الاجتماعي .
ضعف الرعاية الصحية ونقص التغذية قد يؤديان بالطفل إلى تدهور صحي وأمراض مختلفة يكون لها آثاراً سلبية في المستقبل على نموه وحياته
اﻵﺛﺎراﻟﻨفسيةللنزاعات المسلحة ﻋﻠﻰ الطفل
تنتج اﻵﺛﺎر النفسية ﻟﻠﻨﺰاﻋﺎتاﻟﻤﺴﻠﺤﺔﻋﻠﻰ الطفل ﻋﻦﻓﻘﺪاناﻟﻤﻘﻮﻣﺎتاﻷﺳﺎسية لعيشه ﻓﻲ مجتمعه ﻓﻲﻇﺮوفﺗﻀﻤﻦ له اﻟﺘﻮاﻓﻖاﻟﻨﻔﺴﻲوﻣﺴﺘﻮىاﻟﺼﺤﺔاﻟﻨﻔﺴﯿﺔاﻟﻤﻄﻠﻮبة، وذﻟﻚﺑﺴﺒﺐاﻟﺘﻬﺪﯾﺪ أو اﻟﻘﺘﻞوﻓﻘﺪانﻣﻌﺎﻟﻢ الحياة الإجتماعيةاﻟﺘﻲ يتشبث ﺑﻬﺎاﻹﻧﺴﺎنﻟﺘﺠﺪيدذاﺗﻪوﺗﺤﺪيثﻫﻮيته، وﺑﻨﺎءًﻋﻠيهﻓﺈناﻵﺛﺎراﻟﻨﻔﺴﯿﺔاﻟﻨﺎﺗﺠﺔﻋﻦاﻟﻨﺰاﻋﺎتاﻟﻤﺴﻠﺤﺔﻫﻲ الاضطرابات النفسية اﻟﺘﻲ تصيبه ﻣﺜﻞ: ﺣﺎﻻتاﻟﻘﻠﻖواﻟﻬﺬيانوﺣﺎﻻتاﻟﺬﻫﺎنواﺿﻄﺮاﺑﺎت ذهنية وإدراكية واﻧﻔﻌﺎلية وغيرها،… ويمكن أيضًا أن يتم اﻟﺘﻌﺮضﻟﻠﻘﺼﻮراﻟﺠﺴﺪي أو اﻟﻌﻘﻠﻲ أو لكليهما ﻣﻬﻤﺎﻛﺎن العمر والمستوى العقلي فاﻟﻄﻔﻞ يفقد والديه وﻣﺪرﺳﺘﻪ ورفاقه . كذلك اﻟﺼﺪﻣﺎتواﻟﺘﻮﺗﺮات النفسية واﺿﻄﺮاﺑﺎتاﻟﺘﻮﺗﺮاﻟﺤﺎدوﺗﻮﺗﺮﻣﺎﺑﻌﺪاﻟﺼﺪﻣﺔ وغيرها ﻣﻦاﻟﺤﺎﻻت النفسية.
إنّ ما يمكن أن يمارس من عنف تجاه الأطفال أثناء النزاعات المسلحة يمكن أن يكون كفيلًا بتعديل اتجاه مجتمع كامل نحو زيادة في العنف بين أفراده فلا بدّ من إيجاد مراكز ﻟﻺرﺷﺎدواﻟﺪﻋﻢاﻟﻨﻔﺴﻲ الاجتماعي للأطفال، إضافة إلى توفير المؤسسات التربوية والتعليمية والصحية التي تعمل على إيجاد جو مساعد للنمو السليم للطفل.
إن الطفل هو الخاسر الوحيد في النزاعات المسلحة لدى طرفي النزاع ومن المهم لنا التنبه لذلك والعمل على التخفيف من آثار النزاعات قدر الإمكان عن أطفالنا الذين سيرثون المستقبل.