أثار إعلان بريطانيا توقيع اتفاقية اللاجئين مع رواندا، الثلاثاء، جدلًا واسعًا في الصحف المحلية ولدى الساسة البريطانيين، وصل إلى تهديد وزراء في الحكومة بالاستقالة.
ووضعت الاتفاقية التي أبرمها وزير الداخلية البريطاني مع نظيره الرواندي، رئيس الوزراء البريطاني، ريتشي سوناك تحت الضغط، قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة في 2024.
وتهدف الاتفاقية إلى نقل المهاجرين ممن وصلوا إلى بريطانيا، إلى رواندا، ضمن أهداف سوناك المتمثلة بإنهاء تدفق طالبي اللجوء.
وقالت قناة “سكاي نيوز” البريطانية اليوم، الأربعاء 6 من كانون الأول، إن سوناك يسعى للوصول إلى حل وسط مع أعضاء حزبه المعارضين للاتفاقية.
وأوضحت أن الاتفاقية قد تتعارض مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي لا ينوي سوناك بدوره الانسحاب منها.
استياء وتهديد بالاستقالة
وأثار إعلان الحكومة البريطانية، توقيع الاتفاقية مع رواندا، استياء وزراء وأعضاء في حزب “المحافظين” الحاكم، وفق ما ذكرت صحيفة “تلغراف” البريطانية اليوم.
وقالت، إن سوناك يواجه استقالة 10 وزراء من حكومته إذا تبنى نهجًا متشددًا بشأن الاتفاقية مع رواندا، واستخدم تشريعات الطوارئ للتحايل على الاتفاقية الأوروبية.
ونقلت عن مصادر في الحكومة، إن الأخيرة تشهد خلافات كبيرة حول الأمر، وسط مطالبات بالالتزام بالاتفاقيات المحلية والدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
ويبدو أن الخلافات تتعلق بأن خطة خفض صافي الهجرة في بريطانيا أكبر مما ظن معظم نواب البرلمان البريطاني، وفق ماذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية اليوم، مشيرةً إلى أن الحملة التي تطلق عليها وزارة الداخلية البريطانية “أكبر حملة على الهجرة على الإطلاق” كانت مفاجئة بتفاصيلها.
الصحيفة لفتت إلى التباين في مواقف سوناك، الذي استخدم حق النقض ضد حزمة مشابهة من الإجراءات قبل عام ونصف تقريبًا.
وأعلنت بريطانيا أمس عن توقيعها اتفاقًا مع رواندا، لإرسال الآلاف من طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى شواطئها بطريقة غير قانونية إلى رواندا، لردع المهاجرين الذين يعبرون القناة الإنجليزية من أوروبا في قوارب صغيرة.
وتعرض رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، لضغوط شديدة جراء انخفاض صافي الهجرة، التي بلغت رقمًا قياسيًا نحو 745 ألف شخص العام الماضي، إذ كان غالبية الأشخاص قد دخلوا عبر طرق قانونية إلى البلاد.
ومن أحد أهداف سوناك الخمسة، التي حددها لإنهاء تدفق طالبي اللجوء “إيقاف القوارب”، إذ إن غالبية طالبي اللجوء يدفعون لمهربي البشر مقابل عبورهم القناة الإنجليزية، وغالبية هذه القوارب تكون مكتظة بالبشر وغير صالحة للإبحار بهم.
وقضت المحكمة العليا في المملكة المتحدة، في 15 من تشرين الثاني، بأن خطة الحكومة لإرسال طالبي اللجوء إلى رواندا غير قانونية، كما رفضت المحكمة بالإجماع استئناف الحكومة ضد حكم سابق يقضي بعدم جواز إرسال المهاجرين إلى رواندا، إذ لا يمكن اعتبارها دولة ثالثة آمنة.
ووجه القرار ضربة قوية لسياسة هجرة رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، وتعهده الانتخابي الكبير قبل الانتخابات البرلمانية المتوقعة العام المقبل.
وقال رئيس المحكمة، روبرت ريد، لا يمكن الاعتماد على رواندا في الوفاء بوعودها بعدم إساءة معاملة طالبي اللجوء الذين يرسلون من بريطانيا.
صحيفة “ذا صن” البريطانية، اتهمت سوناك بالاستعداد للالتفاف على قواعد الاتحاد الأوروبي لضمان تنفيذ الاتفاقية، وقالت في تقرير نشرته اليوم، عبر إعلان تشريع في البرلمان يعتبر رواندا بلدًا آمنًا.
ما خطة رواندا؟
تشمل خطة رواندا، قلب استراتيجية الحكومة البريطانية لخفض الهجرة إلى البلاد، وبموجب الخطة التي تم الاتفاق عليها العام الماضي، تعتزم بريطانيا إرسال الآلاف من طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى شواطئها بطريقة غير قانونية إلى رواندا.
وتلقت رواندا، دفعة أولية تقدر بـ 140 مليون جنيه إسترليني (ما يعادل 180 مليون دولار)، بالإضافة إلى وعد بتقديم المزيد من الأموال لتمويل إقامة ورعاية أي أفراد يتم ترحيلهم، بحسب وكالة “رويترز”.
وقالت محامية الهجرة، في شركة “Harbottle & Lewis”، سارة جوجان، إن سجل حقوق الإنسان في رواندا يعني بأن سياسة الحكومة ستواجه تحديًا في الأيام المقبلة.
وأضافت جوجان، “رواندا بلد غير آمن وهذا ليس حلًا سريعًا”، كما أنه لا يمكن إصلاح بلد ما وتحويله إلى بلد يتمتع بسلطة قضائية وثقافة إدارية محايدة، بغضون أسابيع أو حتى أشهر.
ورفضت المتحدثة بإسم الشؤون الداخلية لحزب العمال، إيفيت كوبر، خطط الحكومة البريطانية المقامة أخيرًا، كما وصفتها بأنها “وسيلة للتحايل” بشكل آخر.
ورفض سياسيون آخرون في الحزب الحاكم هذه الخطوة، مثل روبرت باكلاند، الذي وصفها بـ”حماقة” ومن شأنها أن تقوض “اتفاقية الجمعة العظيمة” التي أنهت إلى حد كبير ثلاثة عقود من إراقة الدماء في إيرلندا الشمالية.
وأقر البرلمان البريطاني، في تموز الماضي، تشريعًا حكوميًا لمنع اللاجئين من عبور القناة الإنجليزية والوصول إلى بريطانيا من فرنسا.
ويتضمن القانون منع اللاجئين “القادمين بطريقة غير شرعية من تقديم طلبات اللجوء، وإعادتهم إلى بلدهم الأم، أو ترحيلهم إلى بلد آخر”.
ويواجه رئيس الوزراء البريطاني، ريتشي سوناك، ضغوطًا كبيرةً في ملف اللاجئين، وكانت إحدى الأولويات الخمس الرئيسة له إيقاف وصول قوارب المهاجرين، بعد أن ارتفع عدد طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى إنجلترا لأكثر من 45 ألفًا عام 2022، مقارنة مع 300 شخص عام 2018، .
وبموجب القانون، لن يكون لدى أي شخص وصل بطريقة غير قانونية إلى البلاد حق في طلب اللجوء، مع وجود استثناءات لمن هم دون 18 عامًا والذين يعانون حالات طبية خطيرة.
وبينما وصل عدد طلبات اللجوء في المملكة المتحدة إلى أعلى مستوى له منذ 20 عامًا، إذ بلغ 75 ألف طلب في عام 2022، لا يزال أقل من متوسط رقم الاتحاد الأوروبي، إذ تلقت ألمانيا أكثر من 240 ألف طلب لجوء العام الماضي.
وبحسب “المفوضية السامية لشؤون اللاجئين“، يوجد 231 ألفًا و597 طالب لجوء في بريطانيا، منهم 127 ألفًا و421 شخصًا حالات لجوئهم معلقة.
ويحتل السوريون المرتبة الخامسة كأكثر الجنسيات تقديمًا لطلبات اللجوء بواقع 4143 طلبًا.