العلاقات السرية بين الوكالة اليهودية وقيادات سورية.. محاولات التطبيع
سبق إعلان الاحتلال الإسرائيلي لدولته في عام 1948 العديد من الخطوات من قبل “الوكالة اليهودية”، الجهاز التنفيذي للحركة الصهيونية التي أسسها ثيودور هيرتزل أواخر القرن الـ19.
إحدى المهمات الأساسية للوكالة كانت رعاية نقل اليهود إلى فلسطين من الدول الأوروبية، بالإضافة إلى محاولة إقامة اتصالات مع السكان المحليين في سوريا ولبنان وفلسطين، والطبقة السياسية في تلك البلاد.
في 2021، أصدرت دار “جسور” للترجمة والنشر كتاب “العلاقات السرية بين الوكالة اليهودية وقيادات سورية”، للكاتب محمود محارب، الذي سلّط من خلاله الضوء على محاولات الحركة التواصل مع شخصيات سورية تعتبر اليوم من الآباء المؤسسين للدولة السورية.
زار أعضاء من الوكالة العاصمة السورية دمشق، واجتمعوا مع شخصيات من آل الأطرش وقادة الكتلة الوطنية خلال الثورة الفلسطينية الكبرى ضد الاحتلال البريطاني لفلسطين عام 1936، إذ يكشف الكتاب عن وثائق ورسائل أرسلها الأعضاء لقياداتهم، تتضمن تفاصيل الاجتماعات.
اللافت في الكتاب هو المواقف التي اتخذها القادة السوريون في تلك المرحلة، ما بين رفض شخصيات التعاون مع الوكالة من جهة، وشخصيات أخرى حاولت الاستعانة بها للوصول إلى الحكم في سوريا.
تكمن أهمية الكتاب بالمساحة الممنوحة للوثائق، وشرح كل وثيقة وخلفيتها على حدة، فيما يقارب 70 صفحة تقريبًا من أصل 466 صفحة و21 فصلًا.
أهمية الكتاب تأتي اليوم في ظل الظروف التي تعيشها المنطقة، وتحديدًا سوريا وفلسطين المحتلة، بعد عملية “طوفان الأقصى” الذي نفذتها حركة “حماس” ضد إسرائيل، وثم العملية العسكرية (السيوف الحديدية) التي أطلقتها إسرائيل ضد قطاع غزة منذ 8 من تشرين الأول الماضي، وارتباطه بعمليات التطبيع بين دول عربية والاحتلال الإسرائيلي.
وهذه الأهمية تأتي من خلال فهم السياقات التاريخية للقضية الفلسطينية، وفهم تاريخها لمعرفة الحاضر والتحرك نحو المستقبل، مع ما تمثله فلسطين من عمق وأمن استراتيجي وقومي لسوريا.
لم تكن كل الاجتماعات ونتائجها بين القيادات السورية والوكالة اليهودية، إذ واجهت الأخيرة خلال الاجتماعات القليلة التي أجرتها مع شخصيات وطنية سورية، منها الرئيس الراحل، شكري القوتلي، رفضًا قاطعًا للتعاون، وهو ما أدى إلى محاولة اغتيال القوتلي عام 1941، وفق الكتاب.
وجاءت هذه الاجتماعات كنتيجة لنشاط عمل عليه “القسم العربي” التابع للدائرة السياسية في الوكالة، وكان غرض التواصل، بحسب الكتاب، الوصول إلى “حل للقضية الفلسطينية ضمن اتفاق عربي- إسرائيلي شامل عبر الوكالة اليهودية والحركة القومية العربية بقيادة الكتلة القومية على حساب الفلسطينيين”، وهذا بالضبط ما تحاول إسرائيل والإدارة الأمريكية الترويج له من خلال اتفاقيات التطبيع المبرمة بين دول عربية وإسرائيل خلال السنوات الاخيرة، والتي عرفت باسم “اتفاقيات أبراهام”.
ورغم أن الكتاب يعد وثيقة تاريخية للمنطقة، قادرة على شرح مئات التفاصيل التاريخية الدالة على المستقبل، فإنه ليس بالضرورة اعتماده وحده، ومن الضروري مقاطعته مع كتب مشابهة ظهرت خلال السنوات الأخيرة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :